نجحت المنظومة وسقط حراك 17 تشرين
اخيراً ولدت لنا حكومة بعد مخاض عسير وعسير جداً، اطاح رئيسين مكلفين هما مصطفى اديب وسعد الحريري، وكاد يطيح الثالث لولا الضغوط الداخلية والخارجية وما رافقها من وساطات وتدخلات لفكفكة العقد. فهل تستحق هذه الحكومة ان تضيع سنة وشهر من عمر الشعب والبلد في انتظارها؟ وهل هي على مستوى آمال المواطنين وهل هي محققة لرغبات الخارج الذي مل من انتظارها؟
لن نحكم اليوم لا لها ولا عليها، بل ننتظر اعمالها وعلى هذا الاساس يصدر الحكم وان كانت تصريحات بعض الوزراء غير مشجعة. ولكن هناك ملاحظات لا بد من التطرق اليها. اولاً هي ليست الحكومة التي حدد الشعب اللبناني مواصفاتها وايده الخارج فيها. لقد كان المطلوب فريق عمل يضم مجموعة خبراء مستقلين، لا ينتمون الى فئة سياسية. فهل جاء التشكيل على هذا الاساس؟ بالطبع لا. فالوزراء الجدد وان كانوا لا يحملون صفة سياسية، فهم تابعون لهذا الفريق او ذاك. فالكتل النيابية هي التي سمت ممثليها وبالتالي يبقى الوزراء تابعين لمن اختارهم، فانتفت عنهم صفة الاستقلالية، وبقيت المحاصصة هي السائدة في تشكيل الحكومات وفي التعيينات. وهكذا نجحت المنظومة وسقط حراك 17 تشرين لانهم لم يعرفوا كيف يحمون تحركهم. المهم الا تؤدي هذه التبعية الى مشادات وخلافات داخل مجلس الوزراء. كما نرجو الا يكون بين الوزراء من ينقل البندقية من كتف الى اخر عند كل مفترق. فيختل التوازن وتسقط الحكومة كلها في الامتحان، والعيون شاخصة اليها وتراقبها.
كان الجميع ينتظرون ان تعقد الحكومة الجديدة اول جلسة لها يوم الجمعة، اي بعد ساعات من تشكيلها، لان الوضع الذي يعاني منه البلد لا يحتمل ترف التأجيل. ولكن المعنيين اثروا ان تكون الجلسة الاولى اليوم الاثنين. وهذا يسجل على الحكومة الجديدة المطلوب منها اختصار الوقت والانكباب على معالجة الازمات وما اكثرها بالسرعة القصوى علّ المواطن يستطيع ان يلتقط انفاسه.
واول عمل يجب المباشرة به هو التفاوض مع صندوق النقد الدولي، حتى تتمكن من الحصول على الاموال للانطلاق في الخطط الاصلاحية. الى جانب ذلك عليها الاسراع في مصالحة المحيط العربي، وخصوصاً دول الخليج التي بدونها لا يستطيع لبنان ان يستعيد دوره ومكانته. فالدول الخليجية طالما كانت السند والداعم، ولكن السياسات الخاطئة ابعدت البلد عن محيطه، فسار نحو الانهيار وحسناً قال الرئيس نجيب ميقاتي وهو يغادر قصر بعبدا بعد التشكيل، ان اول عمل سيقوم به هو المصالحة مع الدول العربية.
هذه الخطوات يجب ان تترافق مع المباشرة فوراً في معالجة الازمات الحياتية، وفي طليعتها الكهرباء والمحروقات. فاذا نجحت في مواجهاتها وتخفيف العبء عن المواطنين تكسب بعض الثقة الضائعة التي فقدتها الدولة منذ امد بسبب سياساتها الخاطئة على مختلف الصعد، ويمكنها ان تسترجع دعم الخارج الذي ابعده فساد المنظومة. فهل تكون النتائج على قدر الامال؟ الايام والاسابيع المقبلة ستحمل الاجوبة على كل التساؤلات.
«الاسبوع العربي»