جريمة المرفأ فوق كل الحصانات فلتكشف الحقيقة
آب الذكرى الاولى لجريمة العصر، والقتل الجماعي، بانفجار دمر مرفأ بيروت ونصف العاصمة، واوقع ما يزيد على المئتي قتيل وستة الاف وخمسماية جريح، وشرد الالوف من السكان. سنة مضت لم يطل خلالها احد من المسؤولين ليشرح للناس ما جرى ويطمئنهم، ويريح ولو قليلاً اهالي الضحايا الابرياء الذين سقطوا بلا ذنب ارتكبوه، بل بفعل عمل تآمري اجرامي، يحاول عدد من المشتبه بهم الهروب من امام التحقيق، ويختبئون وراء حصانة، هي من ابتكار السياسات الخاطئة لحماية نفسها. افليس في هذا ادانة ذاتية لانفسهم؟
مع كل حدث يطرأ، يتأكد يوماً بعد يوم، ان لا قيمة للقوانين في لبنان، لانها اما لا تطبق، او انها تخضع لتفسيرات الاطراف السياسية كل على هواه، بحيث تتلاءم مع مصالحه الخاصة. ولو رجعنا الى روح الدستور والقوانين والى اراء الخبراء القانونيين لتبين لنا ان الحصانة هي محصورة في العمل التشريعي وحده، ولا تخضع لأي امر آخر. وبالتالي فان الذين يتذرعون بالحصانة اليوم هم على خطأ فادح، اذ عليهم ان يتوجهوا فوراً للمثول امام قاضي التحقيق الذي كسب تأييد واحترام الشعب اللبناني كله. يضاف الى ذلك ان الجريمة لا تشملها الحصانات.
واغرب ما في هذه الجريمة ان الجميع دون استثناء، يصرحون وبصوت عالٍ انهم ابرياء. فلماذا اذاً هذا الهروب المدوي من امام القضاء؟ ان البريء لا يخشى شيئاً، بل انه يسارع للامتثال امام القانون ليظهر براءته امام الجميع.
افلا يعلم هؤلاء ان بتهربهم من تلبية طلب المحقق العدلي قد حكموا على انفسهم امام الناس الذين لم يعودوا يصدقون انهم ابرياء؟
الجروح التي سببها هذا الانفجار المجرم في قلوب اهالي الضحايا، قلوب اللبنانيين عموماً لا يمكن ان تندمل الا اذا كشف التحقيق جميع خيوط الجريمة. نعم الجريمة النكراء ضد الانسانية، خصوصاً بعدما تبين ان كمية صغيرة من اصل 2750 طناً من المواد المتفجرة بقيت في العنبر رقم 12، وهي لا تتعدى الخمسماية طن. فاين ذهبت البقية؟ ومن سحبها؟ ومن حمى نقلها؟ والى اين نقلت؟ وقبل ذلك من ادخل هذه المواد ومن حماها ومن امر بتخزينها؟ من علم بوجودها وتغاضى؟ من هو المتآمر والمقصر؟ الاسئلة كثيرة وعلى التحقيق ان يجد الاجوبة عليها.
قد يكون القاضي طارق بيطار توصل الى اجوبة على عدد كبير من هذه الاسئلة، ولكن السياسيين يحاولون قطع الطريق عليه لمنعه من ايجاد الاجوبة على الاسئلة المتبقية. وفي هذه الحالة عليه الا يستسلم، لان الشعب والعدل والحق معه، فاذا تعذر عليه استكمال التحقيق بسبب هروب المشتبه بهم، عليه ان يصدر قراره الظني ويفضح فيه كل الحقائق. وهذا ابلغ رد على الهاربين. جريمة المرفأ فوق كل الحصانات، وامام الموت تنهار كل الذرائع والحجج، فلتكشف الحقيقة وليتحمل كل طرف مسؤوليته.
«الاسبوع العربي»