افتتاحية

حولونا الى سلعة فضاع الامل بالخلاص

استفاقت الجامعة العربية انها مسؤولة عن مصالح الدول الاعضاء وان عليها ان تدافع عنها وتبعد الظلم عنها. فدعت قبل ايام مجلس الامن الدولي للانعقاد وبحث ازمة سد النهضة المتنازع حوله بين مصر والسودان من جهة واثيوبيا من جهة اخرى. وقالت الجامعة انها قد تتخذ اجراءات تدريجية لدعم مصر والسودان.
خبر اثار الترحيب والاستغراب. فالجامعة العربية لم تتحرك يوماً للدفاع عن المصالح العربية، الا بالبيانات الطنانة الرنانة التي تبقى بلا مفعول على الارض ولو كان عكس ذلك لماذا تقف متفرجة على لبنان يغرق، وهو من مؤسسي الجامعة، وقام بكل واجباته تجاهها. فلم تعقد اجتماعاً واحداً فعالاً لمد يد العون والمساعدة له لاخراجه من هذا الجحيم الذي القاه سياسيوه فيه. وقد سمعنا احد الاعلاميين العرب يصرخ بوجه الجامعة ويلومها كيف تغض النظر وتتجاهل مأساة الاطفال في لبنان وقد قطع الحليب عنهم وهذه جريمة فعلاً ضد الانسانية.
نعم نلوم الجامعة العربية لانها مسؤولة بفعل موقعها، ولكن الملامة الكبرى تبقى على الطبقة السياسية المتحكمة في لبنان وهي اساس كل الكوارث وهي التي اوصلتنا الى ما نحن فيه. فالتعامل مع الجامعة العربية لم يكن مجدياً يوماً، بل ان الفائدة تكمن في التعاطي مع الدول العربية كل واحدة على حدى، وهي لم تقصر يوماً بحق لبنان ولطالما حضنته ومدت له يد المساعدة في الازمات والملمات. الى ان اتبعت المنظومة السياسية سياسة مدمرة، ابعدتنا عن الاشقاء العرب وعن العالم باجمعه والحقتنا بمسار لم يعد علينا سوى بالفقر والجوع والكوارث.
لقد اوصلتنا الى حد ان الجيش اللبناني المؤسسة الوحيدة الباقية املاً للبنانيين راح يستعطي الدول الصديقة لانقاذ جنوده من الجوع، ولكي يبقى قادراً على حماية الامن والاستقرار. وقد لقى نداءه استجابة فورية فعقد مؤتمر في باريس لهذه الغاية. اما المسؤولون عندنا فوقفوا متفرجين لم يخجلهم وصول الجيش شرف الوطن الى هذه الحالة بفعل سياساتهم. فكأن الامر لا يعنيهم، والا لكانوا بادروا فوراً الى التخلي عن مصالحهم واقدموا في ساعات على تشكيل حكومة انقاذ. لقد حولونا الى ورقة اقليمية تتقاذفها رياح المصالح، فضاع كل امل بالنجاة. حولونا الى سلعة تباع وتشرى.
لقد اعلن الاتحاد العمالي العام اضراباً الاسبوع الماضي، من اجل تشكيل حكومة مستقلين تنقذ البلد، وبكل وقاحة سارعت احزاب السلطة الى المشاركة في الاضراب والتظاهر ونحن نسألها ضد من تظاهرت، هل ضد نفسها. انه فعلاً بلد العجائب والغرائب وبلد الصفقات والتهريب، وبلد تجويع المواطنين. وللاتحاد العمالي نقول ان الاضراب ليوم واحد مهما كان ناجحاً لا يمكن ان يعطي نتيجة، خصوصاً مع هذه الطبقة السياسية، ويصبح وكأنه اضراب «رفع عتب». المطلوب اضراب مفتوح وشامل لا ينتهي الا بانتهاء التغيير وهذا وحده ينقذ لبنان.
لقد سدت بوجه الشعب اللبناني كل السبل للوصول الى حلول ولم يبق امامنا سوى اللجوء الى الامم المتحدة، لتساعدنا كما ساعدت الجيش اللبناني فتنتشلنا من الهوة السحيقة التي القونا فيها قبل فوات الاوان، ونحن نتمسك بطلب البطريرك الراعي بهذا الشأن بعد ان يئسنا من سياسيينا.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق