متى يغيب الحياء يصبح كل شيء مباحاً
يثبت المسؤولون والطبقة السياسية المتحكمة بالعباد معهم، انهم لا يسمعون ولا يرون الا مصالحهم الشخصية، وحصصهم في المغانم والسلطة، والا كانوا سمعوا انين الشعب الذي قهروه وجوعوه ورموه في جحيم لا يطاق، ولكانوا سمعوا تأنيب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لهم.
تقريران على جانب كبير من الاهمية صدرا عن البنك الدولي، فجاء في الاول ان لبنان غارق في ازمة هي واحدة من اسوأ ثلاث ازمات في العالم منذ القرن التاسع عشر اي منذ العام 1850. وقال التقرير انه مقابل ذلك يتقاعس المسؤولون اللبنانيون في تنفيذ السياسات الانقاذية في غياب سلطة تنفيذية تقوم بوظائفها كاملة وليس في الافق ما يوحي بتحول عن هذا التقاعس وهذا الاستهتار بحياة المواطنين.
وجاء قي تقرير اخر حول تأثير كورونا على اسعار المواد الغذائية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ان الاسعار المدرجة في السلة الغذائية في لبنان وفي الفترة من 12 شباط 2020 الى 20 ايار 2021 ارتفعت اضعافاً، وخصوصاً منتجات الالبان والفواكه واللحوم والخضار. وخلص الى ان لبنان الى جانب جيبوتي الدولة الوحيدة في المنطقة التي سجلت زيادة تفوق 60 بالمئة على سعر لحوم الابقار الطازجة والمجمدة كما ارتفع سعر الارز 119 بالمئة فضلاً عن ارتفاع المواد الغذائية والخضار في ظل غياب كامل للدولة.
امام هذا التأنيب الدولي وازدراء غياب المسؤولية، لم تصدر كلمة واحدة ترد على هذه الاقوال، لان المسؤولين لا يملكون اي ذريعة للتستر وراءها. ثم انهم لا يبالون بهموم الناس ومشاكلهم فهم موجودون لرعاية مصالحهم لا مصالح الوطن ولا مصالح المواطنين. لو كانوا يرون ويسمعون لرأوا ان قصورهم تشع بالانوار وان العتمة تلف منازل المواطنين. تصوروا اننا في القرن الحادي والعشرين، حيث ان الكهرباء التي تنير اخر بقاع الارض، يحرم منها اللبنانيون. لماذا؟ اين النواب الذين انتخبهم الشعب ليدافعوا عن مصالحه، ووظيفتهم الاساسية مراقبة عمل الوزراء ومحاسبتهم. فهل وجهوا سؤالاً واحد ليعرفوا اين ذهبت الاموال التي انفقت على الكهرباء، وهي بالمليارات؟ من بددها كي لا نقول من سرقها، واين الحساب؟ اين القضاء لا يحاسب؟ ورغم العتمة التي تلف البلد من اقصاه الى اقصاه لا نرى مسؤولاً واحداً من الرؤوس الكبيرة المعنية بالكهرباء وراء القضبان. فهل بعد ذلك نؤمن بمؤسسات الدولة الخاضعة لهيمنة هذه الطبقة السياسية؟ لقد اثبتت الوقائع ان المجلس النيابي لا يقوم بأي خطوة لممارسة مهامه التي اوكلها الشعب اليه وهو ايضاً تتحكم به الطبقة السياسية فهو منها وهي منه.
لذلك ندعو اللبنانيين المقهورين، والانتخابات اصبحت قريبة ان يبدأوا منذ اليوم العمل على ازاحة هذه الطبقة نهائياً، والاتيان باشخاص كفوئين نزيهين ذوي علم واختصاص، بعيدين عن هذه السياسة المتدنية والاعيبها القذرة، فيبنون مجلساً نيابياً قادراً على الوقوف بوجه الفساد، ومحاسبة المتلاعبين بحياة الناس وهنا يبدأ بناء الوطن واعادة سمعته اليه، وانقاذ المواطنين وكرامتهم مما تسبب به السياسيون. نريد اشخاصاً يعرفون الحياء فيؤثر فيها التأنيب ولكن عندما يموت الحياء يصبح كل شيء ممكناً. ففي مجتمعنا الكثير من هؤلاء الاشخاص النظيفي الكف، ولكن هيمنة السياسيين تمنعهم من الوصول او تسد الطريق الذي يوصل اليهم. فعسى ان يأتي يوم ويكون قريباً فتعود شمس الوطن لتشرق من جديد، رغم كل هذا السواد الذي نشرته الطبقة الفاسدة
«الاسبوع العربي»