سياسة لبنانيةلبنانيات

ازمات سياسية ومالية وامنية متلاحقة والتعطيل هو المسؤول الاول عنها

يعيش اللبنانيون اليوم ازمات سياسية ومالية وامنية متلاحقة، وسط تعطيل قاتل يكاد يقضي على كل شيء. فلماذا ارجأ لودريان «اجتماع عمل» الى ايلول؟ وهل كان يدرك ان يوماً واحداً في ظل الاوضاع الراهنة يزيدها تدهوراً وانهياراً. قال انه جاء ينفذ ما اتفق عليه في اللجنة الخماسية التي انعقدت في الدوحة، ولكن اللجنة اوصت بضرورة اجتماع مجلس النواب وانتخاب رئيس وفقاً للدستور. ولم تأت مطلقاً على ذكر الحوار. فلماذا عاد اليه لودريان وهو في الاساس طرح فرنسي؟ وهل هناك اهداف غير معلنة من وراء هذا التأجيل، وهذا الطرح؟
على الصعيد السياسي لا يزال التعطيل الذي يمارسه فريق من النواب على المجلس النيابي هو السائد، ويمنع انتخاب رئيس للجمهورية يكون بداية الحل لكل هذه الازمات. ويقف النواب متفرجين على ما يجري، وكأن الامر لا يعنيهم. وهكذا فانهم يفرضون على المواطنين المزيد من المعاناة التي بلغت حدودها القصوى، والمزيد من الانهيار والفقر والجوع. ولو ان المجلس النيابي يقوم بواجبه، لوفر على البلاد الكثير من المعاناة.
على الصعيد المالي خرج حاكم مصرف لبنان المنتهية ولايته ولن يعود، طاوياً ثلاثين سنة من النجاح والاخفاق، حتى وصل الى المحاكم اللبنانية والاوروبية التي لها ان تحكم اما معه واما عليه. وعلى الرغم من الشائعات التي راجت في الاسبوعين الاخيرين عن الوضع المالي وموقف نواب الحاكم الاربعة، بعد رحيل سلامة. فان الامور جاءت طبيعية وتولى نائب الحاكم الاول وسيم منصوري المسؤولية، واصبح القائم باعمال الحاكم، ولكن بشروط، اهمها الحصول على تشريع يغطيه حكومياً ونيابياً فلا يتحمل مسؤولية اي تدهور في المستقبل. لقد كان واضحاً في انتقاده تمويل الحكومة من المصرف المركزي، واكد انه لن يوقع على اي صرف خارج القانون وهذا موقف جيد. ولكن كان عليه بالا يقبل بالمس بوادئع الناس التي لم يبق منها سوى النذر اليسير، حتى ولو امنت له الحكومة التشريع اللازم الذي يحميه. فبما انه مقتنع بخطأ التمويل، فلماذا قبل به. ثم انه اشترط ان تعيد الحكومة المبلغ خلال 18 شهراً، اي في نهاية العام 2024، بالاعتماد على تفعيل الجباية، ولكن لم يذكر كيف تفعل هذه الجباية، وهي عاصية على الحكومات المتعاقبة. وهذا ما دفع نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي ان يعارض مشروع القانون الذي يشرع تمويل الحكومة لمدة معينة. وقال ان تأمين المال من الجباية ليس مضموناً. وبالتالي لا تستطيع الحكومة رد المبلغ. وهذا ما دفع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ان يعقد جلسة لمجلس الوزراء دعا اليها منصوري ليشرح للوزراء خطته وشروطه التي حصرها باربعة: اقرار الموازنة، اقرار الكابيتال كونترول، اعادة هيكلة المصارف وتحقيق التوازن المالي. وحدد ستة اشهر كحد اقصى للتنفيذ. فكيف سيتم ذلك وقانون الكابيتال كونترول كان يجب ان يقر منذ الساعات الاولى للازمة اي قبل ثلاث سنوات ولكنه وضع في الادراج. كذلك وعد منصوري بتطوير منصة صيرفة تدريجياً. وكذلك هيكلة المصارف ووضع خطة تعاف علمية، ان شيئاً من هذا لم ينفذ على مدى وقت طويل وباختصار ان القابضين على الوضع السياسي في البلد ليسوا اهلاً للمهام الموكولة اليهم وهذا لا يدعو الى التفاؤل.
اما على الصعيد الامني. فمنذ ثلاثة ايام والمعارك تشتد في مخيم عين الحلوة بين فتح ومسلحين متشددين، وقد فشلت كل الجهود لوقف اطلاق النار فتحولت الاشتباكات الى حرب شوارع، سقط خلالها العديد من القتلى والجرحى وطاولت القذائف ورصاص القنص مدينة صيدا وجوارها وقطعت الطرقات حولها حفاظاً على سلامة المواطنين. والحقت اضراراً فادحة بالمباني.
ان كل ذلك كان يمكن ان يجد علاجاً له، لو كان رأس الدولة موجوداً ويمارس مهماته، غير ان التعطيل اصبح هو العنوان الابرز، وبات من الصعب جداً التكهن من اين سيأتي الحل وهل انه آت ام اننا سائرون نحو الانحلال والتفكك؟ ان كل هذه الفوضى العارمة بحاجة الى رجال على قدر المسؤولية فمن اين نأتي بهم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق