الحياد الامل الوحيد فهل يتحقق؟

فضيحة تلقيح عدد من النواب في المجلس النيابي لم تنته فصولاً بعد، ولا تزال موضع اخذ ورد وجدل، يحاول خلالها المخالفون تغطية السماوات بالقبوات ولكن عيون الداخل والخارج مركزة عليهم، لانهم زادوا مأثرة جديدة من مآثر الطبقة السياسية الفاسدة المتحكمة بالبلاد والعباد. فوزير الصحة الذي كان يتوجب عليه ضبط الاوضاع ومنع المخالفات، وقد بقي اسابيع طويلة يتحدث عن الشفافية واحترام النظام والقانون، كان على رأس المخالفين، فاخرج اللقاحات من برادات وزارة الصحة واتى بها الى المجلس النيابي وكانت الفضيحة. وعوض ان يتستر على فعلته التي لم تلق قبولاً لا شعبياً ولا من المنظمات الدولية المعنية، برر عمله بأنه كافأ النواب على دورهم (كذا). فعن اي دور تتحدث معالي الوزير؟ واين كان النواب يوم فجر التقصير والاهمال بيروت، واوقعا اكثر من 200 قتيل وسبعة الاف جريح، ودمرا اكثر من مئة الف منزل؟ هل سمعت صوت نائب واحد؟ اين هم النواب الذين يفترض بهم ان يكونوا صوت الشعب وممثليه من الازمات المعيشية التي تعصف باللبنانيين وقد اوصلتهم الى حد الجوع؟ هل سمعت يوماً انهم حاسبوا وزيراً اخطأ في توليه مهماته؟ اين هم من ازمة الكهرباء وقد بدأنا نواجه العتمة، فيما الدول العربية القريبة وصلت الى المريخ؟ اين هم من ضياع اموال المودعين، وهي جنى عمرهم؟
والانكى من ذلك ان بعض النواب الذين تلقوا اللقاح عن غير وجه حق خلافاً للقانون، وبدل ان يستتروا، استخدموا الصراخ بوجه الشعب، رافضين الاعتراف بخطأهم، مع ان الاعتراف بالخطأ فضيلة. واعتبر احدهم انه لم يخطىء، وحاول تبرير فعلته فكان دفاعه ادانة له. سأل اين اخطأ عندما تناول اللقاح؟ ولكن الشعب يقول له بلى لقد اخطأت، عندما تعديت على حقوق من هم اكبر منك سناً، والتعدي على حقوق الغير جريمة يعاقب عليها القانون، الا اذا كنت تعتبر نفسك ارفع من الشعب واعلى.
هذه هي الطبقة المتحكمة بلبنان واللبنانيين، وبعد ذلك تسألون لماذا وصلنا الى الانهيار والافلاس، بعد ان كنا منارة للشرق والعالم؟ لقد تغنت الامارات منذ ايام بوصولها الى المريخ، ولكن هل يذكر السياسيون عندنا اننا كنا اول من خطا خطوة في مجال الفضاء، في العالم العربي؟ كان اللبنانيون السابقون وذلك في الستينيات من القرن الماضي ولكن عدم وجود سياسيين على قدر المسؤولية تجاهلوا الخطوة ودفنوها في مهدها. فعلّة لبنان كانت دائماً ولا تزال صادرة عن السياسيين الذين تدهور مستواهم حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم.
ان الثقة فقدت تماماً ونهائياً في الطبقة السياسية الحالية المتحكمة، والشعب الذي اعتاد ان يواجه الامور باللامبالاة، اصبح على قدر كاف من الوعي ولم يعد يؤثر فيه مؤتمر صحافي من هنا وتصريح من هناك، وهو ينتظر بفارغ الصبر موعد الانتخابات ليحاسب هذه المرة وسيكون حسابه عسيراً.
من هنا فان الانظار متجهة اليوم الى بكركي اذ اصبحت دعوة البطريرك بشاره الراعي الى الحياد وعقد مؤتمر دولي ينقذ لبنان وينتشله من بين ايدي هذه الطبقة الفاسدة. الامل الوحيد فهل يتحقق الحلم؟
«الاسبوع العربي»