سياسة لبنانيةلبنانيات

الانقسامات اوقفت التشريع… والمنظومة خط احمر وفوق كل القوانين

اذا اجتمعوا اختلفوا، واذا تفرقوا اختلفوا. هذا هو شعار المنظومة المتحكمة منذ سنوات طويلة. فقد دعي مجلس النواب الى جلسة تشريعية تمتد الى يومين الاثنين والثلاثاء، الا ان حسابات الدعوة لم تتطابق مع مصالح النواب، فاقتصرت الجلسة على نصف نهار، وما لبثت الخلافات والتهرب من القوانين التي لا تخدم مصالحهم ان سدا الطريق، فاضطر رئيس المجلس نبيه بري الى رفع الجلسة، دون ان يحدد جلسة اخرى بعد الظهر، او في اليوم التالي (اليوم الثلاثاء). وقيل ان النصاب فقد بعدما غادر عدد من النواب القاعة، وهذا يعني رفض البحث بمشاريع القوانين المطروحة.
على كل حال فان الشعب الللبناني لم يعول يوماً على هذا المجلس، ولا على الذي سبقه. لقد ابتلي لبنان بازمة اقتصادية قاتلة، وسببها كما هو معروف سوء الادارة والفلتان السائد في كل القطاعات والفساد المستشري، وغياب الدولة واجهزة المراقبة والمحاسبة. وجاء انفجار المرفأ ليزيد الطين بلة فتعمقت الخلافات وزاد الوضع تدهوراً الى ان وصلنا الى الانهيار. فهل سمعنا يوماً ان المجلس النيابي اجتمع لمواجهة هذا الهريان؟ لقد لزم الصمت الى ان وصلت المحاسبة الى بعض اعضائه، فهب للدفاع عنهم عاملاً على تدمير السلطة القضائية ومنعها من محاسبة اي فرد من المنظومة. وقد اقيمت حوالي العشرين دعوة رد بحق المحقق العدلي القاضي طارق بيطار لشل عمله ومنعه من الوصول الى الحقيقة. ان المنظومة خط احمر ممنوع المس بها. هل اجتمع مجلس النواب يوماً لمحاسبة الحكومة؟ هل وجه اليها سؤالاً واحداً عن سبب الانهيار الاقتصادي وعن الفلتان في الاسعار؟ ان الصمت كان دائماً شعاره. فكيف يمكن ان يقدم الشعب على اعادة انتخاب هؤلاء الذين باعوه بابخس الاثمان ولم يحسنوا تمثيله، كما يقتضي العرف. لماذا لم يكمل مجلس النواب جلساته؟ ولماذا لا يقر الكابيتال كونترول؟ بالطبع لن يفعل لان الامر يتعلق بالمنظومة وهي فوق كل القوانين وممنوع المس بها. لماذا لا يسهل عمل القاضي بيطار ليصدر قراره الظني ويعلن ما توصل اليه التحقيق، وعندها تجوز محاسبته اما معه واما ضده. اما ان نواجهه بدون ان يعلن معلومة واحدة، فهذا يؤكد كم ان هذه المنظومة متورطة والا لماذا كل هذا الخوف وهذه الحرب من اجل وقف التحقيق؟
غداً يعود مجلس الوزراء الى الاجتماع. وهنا ايضاً تبرز الخلافات والانقسامات حول امور كثيرة، اولها ترسيم الحدود البحرية. لقد تحول الجميع الى خبراء في علم البيئة والجغرافيا وراح كل طرف ينظّر على هواه. فلماذا لا تترك الدولة تحسم الامر، فنستخرج الغاز الحل الاول لاقتصادنا المنهار، وبعدها نحاسب ان كانت هناك اخطاء. وهناك التعيينات التي اعلنت في الجلسة السابقة والتي انقسم السياسيون والوزراء حولها وتردد ان وزير المالية يوسف خليل رفض التوقيع عليها، مما يعني انها توقفت ونامت في الادراج، وهذا يوحي بان التعيينات المتوقعة والضرورية وهي بالعشرات لنقص في المراكز، لن تبصر النور طالما ان الخلافات بشأنها مستفحلة، وكل طرف يريد حصته. ان قضية واحدة لا تمر في هذا البلد الا اذا خضعت «لقانون» المحاصصة، والذي يحتل الصدارة عند هذه الطبقة الفاشلة التي اوصلت البلاد الى الهاوية.
في التصريحات تبدو الامور في احسن حال. والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي تسير بنجاح هكذا يقولون، والكهرباء وصلت وستعود تنير المنازل ولكن الحقيقة غير ذلك. فالمفاوضات مع صندوق النقد امامها طريق طويل لتظهر النتائج، اذا كانت ايجابية او سلبية، والكهرباء ينقلوننا من موعد الى اخر، دون ان تبصر النور، وتبقى العتمة سيدة الموقف. والخطة التي وضعها وزير الطاقة وستعرض مجدداً على مجلس الوزراء، الانقسامات ظاهرة حيالها. هكذا هي الاوضاع مع هذه المنظومة، لذلك لن نتأمل خيراً مهما قالوا وصرحوا، الا بعد حصول التغيير. فعسى ان يكون قريباً والا فالمصير اسود قاتم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق