رئيسي

هل ستحل ايران محل سوريا في اختيار الرئيس الجديد؟

ترك تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام ارتياحاً لدى اللبنانيين، وخلق حالاً من الانفراجات بعد اجواء من التشنج والشحن السياسي. ونقلت الحكومة البلاد من مناخ القلق والخوف على المصير الى اجواء من الانفتاح والتواصل بين القوى السياسية، وهذا ما عكسته مواقف وتصريحات اكثر من سياسي، بعد انقطاع دام اشهراً عدة، مما حمل احد الوزراء على القول ان الحكومة احيت التفاهم والتوافق بين اللبنانيين وربما ساهمت في احياء اجتماعات هيئة الحوار المتوقفة منذ ما يقارب السنتين. كما دفعت الحكومة السلامية الى فتح الملف الرئاسي على مصراعيه بعدما اكد احد السياسيين ان حكومة تمام سلام نقلت البلاد الى محطة جديدة ومسار اخر. وأكد الرئيس ميشال سليمان انه قادر على تأمين التوافق بين اللبنانيين انطلاقاً من دوره الوفاقي – التوافقي الوسطي، ونجح في احياء التواصل بين الاطراف الذي انقطع منذ استقالة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري بالضربة القاضية من قبل وزراء 8 اذار المتحالفين مع المشروع السوري – الايراني في خطوة استهدفت المشروع الغربي.

 حكومة المصلحة الوطنية
يقول احد الوزراء ان حكومة المصلحة الوطنية ستنعش يوميات اللبناني بما فيها اهتماماته المعيشية، اضافة الى توفير الامن وتطويق المخططات التي تستهدف لبنان. وقد لخص احد السياسيين مهام الحكومة بالآتي: تعزيز الاستقرار بما يتناسب ومواجهة الخطر الامني، مع تعاظم موجة الارهاب وشبح الانتحاريين، تحريك الاقتصاد بعد ان اصابته السياسة في الصميم، والعمل على انعاشه،  وانجاز الاستحقاق الرئاسي الذي تبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد في 25 اذار (مارس) المقبل. لقد فتحت الحكومة باب الاستحقاق الرئاسي على مصراعيه، وسط ضبابية تحوط بالملف بعدما انصب الاهتمام الخارجي الدولي والاقليمي على تشكيل حكومة لانها تشكل المعبرالالزامي لانتخابات الرئاسة.
ويقول مصدر ديبلوماسي ان عواصم القرار كانت تحجم عن البحث في الموضوع، بعدما سبق لمسؤولين وديبلوماسيين غربيين من دول القرار ان بحثوا في الملف، اعتقاداً منهم ان مدخل الحل ينطلق من انتخابات مبكرة الا ان ما قدمه مسؤول حول هذا الامر اقنع عواصم القرار بضرورة طي الملف فشكلت الحكومة.
هل ان تشكيل الحكومة عزز حظوظ التمديد للرئيس سليمان كما يسوق البعض؟ وهل اقنعه بعض نظرائه الرؤساء بضرورة التمديد في هذه المرحلة، بانتظار ان ترتسم معالم الحلول في المنطقة، ويتم الاتفاق على صيغة حل للأزمة السورية بعد فشل مؤتمر جنيف، ورفض النظام الحكومة الانتقالية واستبدالها بانشاء مجلس عسكري انتقالي، يتولى توحيد الجيوش والاشراف على وقف اطلاق النار مقدمة للحل السياسي؟ يرد احد المطلعين بالقول ان الرئيس سليمان اتخذ قراره في الثلث الاخير من ولايته الالتزام بالمهل الدستورية وبمبدأ المداورة، ورفض اي عروض للتمديد من ثلاث سنوات حتى عرض الستة اشهر، مروراً بسنتين، اي الى حين انضاج الحلول في المنطقة، واقفال الملفات الساخنة.

 التمديد غير وارد
ابلغ سليمان من راجعه بأن التمديد غير وارد، وسبق له ان اشار الى وجوب تصحيح الثغرات في الدستور واعادة التوازن بين الرئاسات، بمعنى ان هناك ضوابط وقيوداً على رئيس الجمهورية وليس هناك من ضوابط على رئاستي المجلس والحكومة ولا حتى على الوزراء. فالطائف بعدما
انتزع صلاحيات الرئيس لم يعطه صفارة ولا بطاقة صفراء او حمراء، يستخدمها لضبط انتظام العمل. فغابت المرجعية المحلية التي كانت بيد «الوصي» اي السوري، ومع خروجه انكشف ضعف موقع الرئاسة لعدم توافر اداة تمكنه من ضبط الامور ولعب دور المرجعية وهو «رمز البلاد ورأس السلطات» ولكن من دون صلاحيات. واقترحت جهات خارجية تعديل الدستور ومدة ولاية الرئيس وتمكينه من الترشح لولاية ثانية. وبعضهم اقترح تقصير الولاية الى خمس او اربع سنوات. الا ان اطرافاً محلية وخارجية اعترضت على الخطوة باعتبار ان الظرف غير ملائم لتعديل الدستور، في ظل موازين القوى. فطوي الموضوع ومعه احتمال التمديد للرئيس سليمان.
ويتوقف بعض المراقبين امام الانفتاح الحالي بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وهو الذي انتج الاتفاق على التشكيلة. ويؤكد قيادي في المستقبل ان الانفتاح آني ويتعلق بالحكومة ولن يتعداها. وهذا التوضيح ورد بعدما «لعب الفار في عب» الدكتور سمير جعجع. فالموضوع الرئاسي وفق احد الديبلوماسيين هو نتيجة توافق دولي – اقليمي ومعادلة خارجية تقوم على توازنات وموازين قوى. ويرى احد السياسيين ان الظروف القائمة لا توفر اجواء الاتفاق، الا اذا بادرت الاطراف في لبنان الى انضاج اتفاق لبناني، بمعنى الاتيان برئيس «صُنع في لبنان». وفي تقدير المتابعين لمجريات الامر ان «بروفيل» الرئيس لم يتكون بعد، وربما برزت ملامحه قبل 25 اذار (مارس) وبعد تحديد دور ومهام الرئيس اللبناني، خصوصاً ان لبنان يدخل نادي الدول النفطية.

غياب التوافق
يشير سياسي لبناني الى عدم وجود توافق دولي – اقليمي حول الموضوع الرئاسي، وكان هذا التوافق يختار الرئيس. ويقول ان العامل الاقليمي المؤثر كان يقترح على عدد من عواصم القرار اسم المرشح، وكانت تبارك او تعارض. وكانت الترويكا العربية (السعودية، مصر وسوريا) بعد الطائف هي التي تختار. وكانت سوريا تقترح الاسم وتسوقه لدى القاهرة والرياض او العكس. وكان على المرشح  ان يحظى بتوافق فاتيكاني – فرنسي – اميركي مع حق الفيتو للروسي. ويسأل السياسي: اين القوة الاقليمية التي تتولى المهمة في ظل الخلاف السعودي – الايراني؟ ان ايران تحاول وفق احد الديبلوماسيين البارزين، ان تحل محل سوريا في اللعبة اللبنانية، وان تلعب هي الدور الذي كانت تلعبه سوريا، الا ان الدور الايراني معطل بسبب توتر علاقتها مع السعودية واستمرار حلفائها في لبنان في التصرف من منطق الهيمنة، مستفيدين من فائض القوة ومحاولين الحصول على مكاسب سياسية وحمل الطرف الاخر على الاعتراف بها.  كما ان سلاح حزب الله لا يزال يشكل العقبة أمام التقارب السعودي – الايراني وفق ما يقول وزير سابق، ويقول قيادي في 14 اذار ان الحزب ومن خلال تحول سلاحه من الجنوب الى الداخل عطل اي تفاهم، وعطل الحوار. لذلك رفعت قوى 14 اذار سقف انتقادها له.
ويشير احد السياسيين الى ان الاستهداف الامني للساحة اللبنانية، وبالتحديد لمناطق سيطرة حزب الله وفق ما اعلن مسؤولون في تنظيمات اصولية متطرفة، حملت الامين العام للحزب حسن نصرالله في اطلالته الاعلامية الاخيرة على التوجه بكلامه الى قاعدته في محاولة لشد العصب بعد اهتزاز هذه القاعدة على اثر استهداف الضاحية اكثر من مرة. وان الايجابيات التي وردت في المقابلة تعكس الرغبة في التعاون الداخلي لمواجهة المخطط الارهابي الذي يستهدف لبنان، وملاقاة الرئيس سعد الحريري في مواقفه بمد اليد لانقاذ الوطن. ويعتبر وزير في الحكومة السلامية ان مضمون مواقف الحريري ونصرالله قد يساعد على انضاج حالة لبنانية تساعد على اخراج لبنان من ازمته من خلال توافق ينطلق من رئاسة الجمهورية بعدما اشارت اوساط مطلعة الى ان البت في الاستحقاق سيتم في النصف الاول من المهلة.
وعلى رغم هذه المعطيات تؤكد مصادر ديبلوماسية ان الاستحقاق الرئاسي سيتم ضمن المهلة الدستورية. فالجميع متخوفون من الفراغ في الرئاسة في الظرف الحاضر وهذا ما اكد عليه الرئيس سعد الحريري والامين العام لحزب الله، بعدما شدد البطريرك الراعي في مواقفه على اجراء الاستحقاق في موعده. كما رفضت اطراف سياسية اي تأجيل او تأخير والسعي الان الى الاتفاق على بروفيل الرئيس الجديد.

ف. ا. ع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق