رئيسي

مخطط حوثي لاحتلال منابع النفط ومضيق باب المندب

منذ سقوط العاصمة اليمنية صنعاء بيد جماعة الحوثيين في 21  أيلول (سبتمبر) تزايدت شكاوى الأفراد والمؤسسات من اقتحامات مقاتليهم مع استمرار توغلهم داخل شوارع وأحياء المدينة، وهو ما رصده تقرير صادر عن مركز «صنعاء للإعلام الحقوقي» بالأرقام.

وبالتوازي، ثمة تقارير تتحدث عن مخطط متواصل للسيطرة على جميع مقاليد الامور، وصولاً الى الهيمنة على مصادر النفط في البلاد، اضافة الى السيطرة على مضيق باب المندب، والوصول الى البحر الاحمر لفتح بوابة مرور بين صعدة التي تحولت تدريجياً الى «قم يمنية» والى عاصمة للقرار الحوثي، والبحر الاحمر، املاً بتأسيس ميناء خاص يخدم ذلك التيار. وفي الاثناء، واصل الحوثيون الحشد من اجل رفض تكليف احمد عوض بن مبارك مدير مكتب الرئيس بتشكيل الحكومة. ورد الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتأكيد على ان تكليفه كان توافقياً.
فقد اعلن التمرد الحوثي الذي يسيطر على العاصمة اليمنية رفض تعيين رئيس جديد للوزراء الثلاثاء مؤكداً انه «لا يلبي ارادة الشعب». واصدر المكتب السياسي في جماعة «انصار الله» التابعة للحوثيين بعد الاعلان عن تعيين احمد عوض بن مبارك رئيسا للوزراء «نرفض بشدة هذا التعيين الذي لا يتوافق مع الارادة الوطنية كما انه لا يلبي ارادة الشعب». واضاف ان هذا التعيين يعكس ارادة خارجية وهو انكار للسيادة الوطنية وخرق لقواعد الاتفاق الذي يجب ان يسود على عملية الانتقال السياسي.
وتأخر تعيين رئيس جديد للحكومة اسبوعين عن الموعد المحدد في اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم برعاية الامم المتحدة وينص على انسحاب المتمردين الحوثيين من صنعاء ونزع سلاحهم واعادة اطلاق عملية الانتقال السياسي.

تكليف بن مبارك
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي كلف مدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك برئاسة الوزراء. وجاء اختيار بن مبارك عقب لقاء عقده الرئيس اليمني مع هيئة مستشاريه لمناقشة آخر تطورات الأوضاع الراهنة في البلاد.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية إن اختيار بن مبارك كان تنفيذاً لمقررات اتفاق السلم والشراكة الذي وقعته الأطراف السياسية ومن بينهم جماعة الحوثي قبل نحو أسبوعين.
وبن مبارك من مواليد عام 1968 في مدينة عدن، ويحمل شهادة الدكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة بغداد، وعين عضواً في اللجنة التحضيرية للعملية الانتقالية اليمنية عام 2012 ، وعين مطلع 2013 أميناً عاماً لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، كما عين عام 2014 عضواً ومقرراً للجنة تحديد الأقاليم التي سيتشكل منها اليمن الجديد، وأوفده الرئيس هادي مبعوثاً خاصاً له إلى مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي.
الى ذلك، يعتقد محللون ان الافق السياسي اليمني اصبح غامضاً اكثر من اي وقت مضى غداة رفض الحوثيين رئيس الحكومة المعيّن، ما يعزز المخاوف من اندلاع اعمال عنف كالهجمات التي شنتها القاعدة فجر الاربعاء، واسفرت عن مقتل عشرة رجال امن.
فبعد ساعتين فقط من اعلان تسمية احمد عوض بن مبارك رئيساً للحكومة من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي، اعلن الحوثيون رفضهم ذلك مؤكدين انها تعكس «ارادة خارجية».

مؤيد وصالح
واكد بيان صادر من المكتب الاعلامي لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي ان الاخير سيتوجه بكلمة الى اليمنيين حول قرار تسمية بن مبارك رئيساً للحكومة الجديدة. واعتبر البيان المقتضب ان «هذا القرار تجاوز المعايير المتفق عليها من كل الأطراف، ولم يكن أيضاً انعكاساً داخلياً بقدر ما كان قراراً خارجياً». وكان الرئيس اليمني استقبل بعد تسمية بن مبارك رئيساً للحكومة، كلاً من سفير الولايات المتحدة والسعودية بشكل منفصل.
من جانبه، قال مصدر دبلوماسي غربي في صنعاء ان رفض تسمية بن مبارك تأتي ايضاً من قسم من حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وكان مؤيدو صالح انضموا الى الحوثيين في تحركهم الاحتجاجي الذي انطلق في اب (اغسطس) للمطالبة باسقاط الحكومة وخفض اسعار الوقود، وانتهى بسيطرة المسلحين الحوثيين على السواد الاعظم من المقار الرسمية في العاصمة اليمنية. وبحسب المصدر الدبلوماسي الغربي، فان «اهداف الحوثيين الحقيقية غير واضحة»، مشيراً الى وجود «ارتباك في المشهد» في اليمن. من جهتها، تتهم اوساط الرئيس اليمني الحوثيين برفض تسمية بن مبارك لعدم رغبتهم في تطبيق اتفاق السلام.
الى ذلك، قتل عشرة عناصر من الشرطة على الاقل في سلسلة هجمات، بينها هجوم انتحاري، نسبت الى تنظيم القاعدة، ووقعت فجر الاربعاء في مدينة البيضاء في وسط اليمن، بحسب حصيلة للمستشفى الرئيسي في المدينة.
وشنت مجموعات مسلحة من القاعدة خلال ساعات الفجر الاولى هجمات عدة استهدفت مقر قوات الامن الخاصة ومقر شرطة المرور وحاجزي تفتيش تابعين للجيش، بحسب مصادر محلية وامنية. وشن شخص يعرف باسم ابو دجانة اللحجي هجوماً انتحارياً بسيارة مفخخة استهدف مقر قوات الامن الخاصة، ما اسفر عن مقتل تسعة من عناصر هذا الجهاز بحسب مصادر من اجهزة الامن.
وبحسب مصادر محلية من محافظة البيضاء، اتى الهجوم بعد اجتماع لزعماء قبليين محليين، بعضهم مرتبط بالقاعدة، تقرر خلاله ان يتم «التصدي لتمدد الحوثيين في منطقة البيضاء». وذكرت المصادر ان شيوخ القبائل السنية يعتبرون ان في صفوف قوات الامن في المدينة عناصر متعاطفة مع الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء منذ 21 ايلول (سبتمبر) ويتمددون في اكثر من اتجاه. وسبق ان تعهدت القاعدة محاربة المتمردين الحوثيين الشيعة، وقد شنت هجمات عدة استهدفتهم منذ نهاية ايلول (سبتمبر).

مسلحون محل الشرطة
الى ذلك، وبعد اكثر من اسبوعين من دخولهم بدون مقاومة الى صنعاء، حيث سيطروا على المباني العامة والعسكرية الرئيسة، حل المتمردون المسلحون محل الشرطة، وقاموا بفرض القانون في المدينة حسب السكان. ويقيم المسلحون نقاط مراقبة في الشوارع الرئيسة للعاصمة، فيما يقوم آخرون بدوريات في عربات تعلوها رشاشات ثقيلة.
ولا يزال اتفاق السلام الموقع في 21 ايلول (سبتمبر) تحت رعاية الامم المتحدة، ويقضي بانسحاب المسلحين من العاصمة حبراً على ورق. في المقابل يريد المتمردون الشيعة، الذين يتحركون تحت مسمى «اللجان الشعبية»، ان يكون لهم الحق في مراقبة مالية البلاد، ويقومون بمراقبة وتفتيش كبار موظفي وزارة المالية والبنك المركزي.
واقام المتمردون قضاء موازياً، حيث فتحوا أخيراً في أحد أحياء غرب صنعاء «مكتب شكاوى» على شكل محكمة دينية يتولى الإشراف عليها كريم أمير الدين بدر الدين الحوثي، أحد ابناء اخوة زعيم التمرد عبدالملك الحوثي. وبحسب معلومات موثقة، وضع الحوثيون  أخيراً نصب اعينهم – كهدف – السيطرة على ميناء الحديدة على البحر الاحمر، حيث فتحوا في الاسبوع الماضي مقراً لهم.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول عسكري قريب من انصار الله ان «الحديدة مرحلة اولى في طريق توسيع وجودهم عبر اللجان الشعبية على طول الشريط الساحلي وحتى باب المندب» على مدخل البحر الاحمر وخليج عدن. وقال مصدر عسكري اخر ان «الحوثيين لديهم بالفعل بضعة الاف من الرجال المسلحين في الحديدة، ويطمحون الى السيطرة على مضيق باب المندب، اضافة الى منطقتي دهوباب والمخا الساحليتين، اللتين تجري عبرهما كل عمليات التهريب، ومن بينها تهريب الاسلحة».

باتجاه حقول النفط
على صعيد اخر يسعى المتمردون الى التقدم باتجاه محافظة مأرب في الشرق «املين في التمكن بمساعدة القبائل الحليفة لهم من السيطرة على حقول النفط والغاز وايضا على محطة الكهرباء الرئيسة التي تغذي العاصمة». لكن زعيماً قبلياً اوضح ان «هذا المشروع يواجه بمقاومة من قبائل مأرب المعادية للحوثيين مثل قبيلتي عبيدة ومراد، اللتين حشدتا رجالهما»، مذكراً بان قبيلتي «عبيدة ومراد انضمتا الى قبائل الجوف (شمال مأرب) في المعارك ضد الحوثيين قبل ثلاثة اشهر».
واعتبرت الاوساط السياسية في صنعاء ان تقدم المتمردين الحوثيين في مأرب سيثير مواجهات مع القاعدة، الناشطة في المنطقة وفي باقي محافظات جنوب وجنوب شرق اليمن.
ويستغل المتمردون جمود العملية السياسية للتسلل الى صفوف الجيش والشرطة. وقال مسؤول في اجهزة الامن ان «الحوثيين يتفاوضون على ضم نحو 20 الفاً من مقاتليهم الى الجيش وقوات الامن واجهزة المخابرات».
الى ذلك، كشف تقرير أولي صادر عن مركز «صنعاء للإعلام الحقوقي» عما أسماه «جرائم نهب واقتحام واسعة ارتكبتها جماعة الحوثيين في العاصمة صنعاء» شملت مؤسسات حكومية مدنية وعسكرية ومنظمات مجتمع مدني ومؤسسات إعلامية بالإضافة لمساجد ومنازل سكنية ومؤسسات طبية وتعليمية ومقار حزبية. ومنذ سقوط العاصمة صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) تزايدت شكاوى الأفراد والمؤسسات من اقتحامات الحوثيين مع استمرار توغلهم داخل شوارع وأحياء المدينة ونشر المزيد من المسلحين في معظم التقاطعات لتحل محل الأجهزة الأمنية والعسكرية المغيبة تماماً عن المشهد الراهن.
وسرد التقرير عشرات الانتهاكات الموضحة برسومات بيانية. من بينها اقتحام مؤسسات حكومية منها قيادة الجيش وقيادات عسكرية اخرى ومؤسسات مدنية ابرزها رئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب، ومجلس الشورى والبنك المركزي.

صنعاء – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق