تقريرمتفرقات

يعد أقدم حصــــن في الولاية العمانية «حارة السوق في بلاد صور»… عمارة متفــــردة وصفحات من العادات والتقاليد

إن الداخل لمنطقة سوق بلاد صور في سلطنة عمان سرعان ما يجرّه الخيال والذاكرة إلى مشاهد للقرى والحارات العمانية القديمة، والمكتنزة بذكريات البساطة في مظاهر العيش والجد في كسب الرزق. مروراً باحتفاظها ببعض أشكال العمارة التقليدية للمنازل العمانية. مرايا يتجول بين بعض حارات بلاد صور بصحبة أحد أبنائها وهو علي بن عبدالله المحيجري.

«حارة سوق بلاد»
ويتحدث علي المحيجري – من سكان الحارة- حول ماكان عليه سوق بلاد ليقول:
كانت حارة سوق بلاد مقسمة إلى أقسام عدة وهي: (مرطية) وتقع شمال الحارة، وتتميز بسوق الهبطة. (والدك) وتقع غرب الحارة وتتميز بالحصن الكبير ومسجد صغير يسمى الخندق نظراً لأنه يقع في مكان منخفض، وتوجد بالحارة بعض المزارع وهي: بيفروض، بيزبير، نخل عبدالله ود راشد، الصافية، نخل الوقافي، مطرح. وهذه المزارع كان يأتي أصحابها في فترة الصيف من ساحل صور ليقضوا ذلك الفصل في تلك المزارع هروباً من الحر حيث تتميز بجو معتدل يميل إلى البرودة.
«ويوجد فيها سوق شعبي ثابت عبارة عن محلات صغيرة منها ماهو مبني بالمواد الثابتة (مادة الطين) ومنها ما هو مبني بالمواد الأولية غير الثابتة مثل السعف والخشب والشينكو. وفي هذا السوق كانت تعرض أنواع السلع الاستهلاكية كافة من مواد غذائية وكماليات وصناعات حرفية، وكانت أغلب أنواع البضاعة من المنتجات المحلية من مواد زراعية مثل: أشجار الموز والهمبا والصفرجل والليمون… وما إلى ذلك.
وكان أقدم دكان في حارة سوق بلاد (دكان الشايب عبدالله المحيجري) – والدي والذي قام بفتحه في منزله، وهو بمثابة السوبر ماركت أو الهايبر ماركت في وقتنا الحاضر؛ حيث تتوفر فيه جميع أنواع الاحتياجات الأساسية من السلع المتعلقة بمعيشة الإنسان، فضلاً عن أنه أنشأ بداخل المنزل مصنعاً للحلوى ويعتبر في اعتقادي أقدم مصنع في ولاية صور عامة».
ويضيف: كانت الحارة منتعشة بسوقها الشعبي الذي يستقطب المنتجات المحلية كافة بجميع أنواعها الزراعية والحرفية، إلى جانب سوق السمك. ويضيف: اشتهرت وتميزت الحارة بإقامة سوق مفتوح يسمى محلياً «سوق الهبطة»، ويعني أن الناس تأتي من كل فج من داخل ولاية صور وخارجها. حيث كان يقام مرة في كل عام وتحديداً بتاريخ 6 من ذي الحجة حيث تجلب فيه جميع أنواع البضائع والمواشي. ويتم التسوق من خلاله استعداداً لعيد الأضحى المبارك، ومن مميزات ذلك السوق أنه كانت تقام فيه بعض الفعاليات الشعبية المصاحبة مثل سباق الخيل والجمال، كما أنه يوجد فيه بعض ألعاب التسلية للأطفال المصنعة من الخشب وتسمى (ألعاب العم موسى).
وعلى ذكر العم موسى فهو رجل عماني كانت لديه هواية في ممارسة هذا العمل الترفيهي لإسعاد الأطفال الذين لا تتوفر لهم ألعاب تسلية أخرى مثل الألعاب التي نراها في هذا الوقت.

سوق السمك
ويقول علي المحيجري: «يوجد بالحارة سوق للسمك وهو من أقدم الأسواق بالولاية ولا يزال موجوداً إلى يومنا هذا». وتبدو واضحة للزائر تفاصيل سوق الأسماك في الحارة بتقسيماته وقبل ذلك الرائحة المنبعثة من الأسماك المجففة فيه

حصن بلاد صور
وتشتهر حارة السوق بحصن بلاد صور وهو أقدم حصن في الولاية، وقد كان مركز الحكم فيها. حيث كان يولى عليه أشخاص من عائلة البوسعيد حتى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات وكان آخرهم السيد ماجد بن تيمور. وبحسب موقع ويكيبيديا فإن «حصن بلاد صور يمثل جزءاً من شبكة دفاعية تضم في الأصل خمسة حصون وأبراج، كان الحصن سابقاً مقراً للوالي ومكاناً للاحتفال بالأعياد والمناسبات. ويحتوي على أربعة أبراج هي برج الخندق وبرج جعلان وبرج السوق أما البرج الرابع فهو باختلاف تلك الأبراج الثلاثة أي يتكون من طبقتين، تكشف الطبقة الأولى على خارج الحصن ومن جميع الجهات ويرتفع سور الحصن».

العمارة في حارة السوق
ويضيف: «توجد بالحارة بيوت منها مبني بالمواد الثابتة من مادة (الطين) ومنها ما هو مبني بمواد غير ثابتة مثل السعف وغيرها، وكانت هذه البيوت تتميز بأنها متلاصقة ببعضها البعض».
ولعل من أكثر العلامات على قدم الحارة هي تلك المنازل الطينية المتفردة بأسلوب عمارتها من حيث أشكال البناء مروراً بالأبواب الخشبية وزخارفها الجميلة وحتى ملحقات الأبواب والنوافذ من المسامير والحبال أحيانا. وتمتاز بنوافذها الخشبية واتجاه أشعة الشمس وارتفاعها كذلك عن سطح الأرض.
والزائر للمكان سيلتمس صمودها حتى اللحظة بأدق تفاصيلها.

مهن أهل المكان
كان أهل الحارة يمتهنون التجارة والزراعة. حيث كانوا يعتمدون عليهما اعتماداً كلياً في معيشتهم. فضلاً عن امتهان بعض الحرف التقليدية مثل صناعة السعفيات. وكان أهل الحارة كبار السن يقضون يومهم بين العمل في المزارع والزيارات الاجتماعية وممارسة بعض الصناعات الحرفية من سعف وليف النخيل وكذلك صناعة الباروت.

أسماء برزت في الحارة
وبحسب ما قال المحيجري: «ومن الأشخاص البارزين فيها الشيخ /‏عبدالله بن سالم المحيجري، صاحب أقدم دكان في الحارة، وخميس بن حمد اليعربي الملقب (داروب) وسالم بن ناصر الحضرمي. أما معلمو القرآن فكانت هناك مدرسة للقرآن للوالد/‏علي بن حمد العلوي الذي يسكن حارة الصمغة حيث تعتبر أقدم مدرسة في ولاية صور يتلقى فيها أبناء الولاية تعليم القرآن الكريم في وقت المساء، وكانت تقع ملاصقة لجدار مسجد عيال عرفة وهم من قبيلة الحارثي.

الألعاب التقليدية الشهيرة
من الألعاب التقليدية التي كانت تمارس هناك هي:
لعبة المقراع: وهي عبارة عن كرة صغيرة منها مصنوع من الإسفنج الصلب ومنها من الجلد، وينقسم اللاعبون على مجموعتين، مجموعة تضرب الكرة بعصى متينة تسمى (قبل) ومجموعة أخرى تحاول أن تمسك الكرة ، وبعد ضرب الكرة يركض ضارب الكرة إلى جهة أخرى تبعد بمسافة عن موقع ضرب الكرة، وتقوم المجموعة التي تحاول الإمساك بالكرة بعد أن تمسكها بضرب ضارب الكرة، فإذا تمكنت من ذلك يتم الاستبدال في المواقع بين المجموعتين بمعنى أن المجموعة التي كانت تحاول مسك الكرة تصبح هي من تقوم بضرب الكرة. وكذلك لعبة (حلّت) ولعبة (كيوري) ولعبة كم كم، ولعبة الجدار ، ولعبة حويليس والتي لا يتسع المقام للحديث عن تفاصيلها.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق