سياسة لبنانيةلبنانيات

حكومة تصريف اعمال او حكومة معدلة لا فرق والازمات القاتلة باقية بلا حلول

رفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة الى 20 الفاً يضرب الاقتصاد والحل بمشاريع انتاجية

زيارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا، بعد انقطاع دام حوالي الخمسين يوماً، اعاد فتح ملف التأليف، خصوصاً بعد التصريح الذي ادلى به ميقاتي لدى خروجه من القصر الجمهوري، قال: «ان وجهات النظر كانت متقاربة وللبحث صلة». وهذا يعني ان الابواب لم تقفل كما حصل في 29 حزيران يوم قدم ميقاتي تشكيلته وانقطعت الاتصالات.
هذا التحرك لا يعني ان الاتفاق تم، وان الحكومة تشكلت، ولكنه كسر الجمود الذي كان سائداً. وبات معلوماً ان تشكيل حكومة بالكامل غير وارد، نظراً لضيق الوقت، واذا كانت هناك نية بتفعيل السلطة فان تعديل حكومة تصريف الاعمال، هو الاكثر احتمالاً. فيخرج اربعة او خمسة وزراء، وفقاً لنتائج الانتخابات النيابية ويخلفهم اشخاص، يتم التوافق عليهم بين الجميع. وهذه الخطوة تأتي حسماً للجدل الدائر حول شرعية ان تتولى حكومة تصريف اعمال سلطات رئيىس الجمهورية اذا حصل الفراغ، بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون. غير انه على الصعيد العملي لن يتغير شيء. اذ ان الوزراء الحاليين ليسوا هم الحل، ولو كانوا كذلك لظهرت نتيجة عملهم. لا بل على العكس اظهر البعض منهم انهم ليسوا على جانب كاف من الكفاءة لاحتلال هذا المنصب. ذلك ان الوزير يفترض فيه ان يكون على اطلاع ودراية بكل ما يمت الى حياة الناس بصلة، فيدرس حاجاتهم وامكانياتهم، بحيث لا يتعارض اي قرار يتخذه مع مصالحهم. فلو اخذنا مثلاً وزارة الطاقة، ماذا قدمت للناس سوى العتمة التي اصبحت في هذه الايام شاملة، فلم تعد تطل على المواطنين الا دقائق معدودة كل ثلاثين ساعة. فباعتقاد هذه الوزارة هل هذا كاف وهل يلبي حاجات المواطنين؟
ثم ان وزارة الطاقة عجزت عن تأمين المياه رغم الحر الذي يضرب لبنان في هذا الوقت فتمضي الايام ولا نقطة ماء، مما يضطر المواطنين للجوء الى الصهاريج. وهكذا فان فشل وزارة الطاقة يكبد المواطنين دفع فاتورتين لكل خدمة. وما يقال عن وزارة الطاقة يقال ايضاً عن وزارة الاتصالات. لقد منيت اوجيرو بخسائر فادحة تردد انها تساوي سبعة مليارات دولار، ذهبت هدراً. فجاءت وزارة الاتصالات، بعبقرية لافتة، لم تبحث عن الاموال الضائعة وتستعيدها وتطور القطاع، بل عمدت كما درجت العادة على مد اليد الى جيوب المواطنين. فرفعت التعرفات اضعافاً مضاعفة، محاولة ان تقطع اوصال المتنفس الوحيد الباقي للشعب. أهذه هي الكفاءات التي يتغنون بها، او التي يبحثون عنها؟
منذ يومين عقد اجتماع وزاري برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال ضم جميع الوزراء، خرج المجتمعون في نهايته بسلسلة قرارات. اقل ما يقال فيها انها تحتاج الى الخبرة والكفاءة في الحكم. فبدل البحث عن مصادر جديدة عبر مشاريع انتاجية لتمويل الخزينة الفارغة، قرر المجتمعون رفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة الى 20 الف ليرة دفعة واحدة، الامر الذي يزيد الوضع الاقتصادي تضخماً وتدهوراً. لقد كان الحديث عن رفع تدريجي للدولار الجمركي، بحيث لا يشكل عبئاً على الحركة الاقتصادية وعلى المواطنين، الا ان رأي «خبراء» الحكومة هو مد اليد الى جيوب المواطنين لتأمين التمويل للخزينة. وبما ان الرفع التدريجي لا يلبي الحاجة، بالسرعة المطلوبة، كان الرأي برفع الدولار الجمركي الى عشرين الفاً.
ان عادة مد اليد الى جيوب المواطنين درجت عليها الحكومات منذ سنوات، فتعطل قطاع الانتاج، واستسهل المسؤولون سحب الحلول من الجيوب. وهذا ساهم الى حد بعيد في تدهور الاقتصاد الذي لم تفكر الحكومات يوماً بالبحث عن مشاريع انتاجية، وبقي الاقتصاد اللبناني ريعياً الى ان انهار بالكامل. من هنا فان بقاء حكومة تصريف الاعمال على حالها او طعمت ببعض الاشخاص فان النتيجة واحدة، لا حلول ولا خروج من الازمات المتلاحقة التي ترهق المواطن وتكاد تقضي عليه. ان المقصود في تفعيل حكومة تصريف هو المصالح الخاصة، وتسلم السلطة ووضع اليد على البلد في حال حصل فراغ، ولم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ان الحكومة الحالية عجزت حتى الساعة عن تحقيق الاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، كما عجزت عن وضع خطة واضحة للتعافي تحدد سعر صرف الدولار الذي اصبحت الاسعار المحددة له كثيرة ضاع المواطنون بينها. فلماذا لا تعمد الحكومة الى تحديد السعر الحقيقي للدولار، وعندها فقط يمكن البدء بالبحث عن الحلول؟ وفي ما عدا ذلك فانه كلام بكلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق