سياسة لبنانيةلبنانيات

في ظل التصعيد المستمر حركة اميركية – سعودية لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان

هل فشلت الحركة الدبلوماسية التي نشطت في الايام الاخيرة باتجاه غزة ولبنان والبحر الاحمر، واصبح التصعيد سيد الموقف؟ فوزير الخارجية الاميركية الذي زار المنطقة للمرة الخامسة منذ بدء الحرب على غزة، سعى الى وقف للنار في القطاع وزيادة المساعدات الانسانية للفلسطينيين، وحاول اقناع رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزراء حكومته بوقف الحرب واللجوء الى وسائل اخرى لتحرير الاسرى، الا ان شدة القصف الذي اعقب مغادرته المنطقة، توحي بان بلينكن فشل في مهمته. ويقول مسؤولون اميركيون ان صبر الرئيس جو بايدن بدأ ينفد من تعنت نتانياهو.
ولكن ماذا بشأن مهمة مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة اموس هوكستين؟ قد يكون حقق خطوات محددة في طريق الحل، الا ان كل شيء مؤجل الى ما بعد وقف النار في غزة. ويقول الامين العام لحزب الله ان جبهة الحدود الجنوبية اللبنانية هي جبهة مساندة لقطاع غزة، ولن يتوقف القتال فيها قبل وقف النار مع حماس. لهذا بقيت الاوضاع على حماوتها. لا بل زادت خطورة اذ ان القذائف تجاوزت حدود الاشتباك وطاولت مناطق بعيدة عن خطوط التماس. ولوحظ امس غياب القصف الجوي، لا طائرات حربية ولا مسيرات بل قذائف وصواريخ، وهذا يؤكد ان الطرفين لا يريدان توسيع رقعة الحرب. الا ان الخطر يبقى قائماً من حدوث امر كبير، يجرهما الى ما لا تحمد عقباه. وفي هذا الوقت يستمر ابناء القرى الجنوبية في النزوح الى مناطق بعيدة عن خط النار، تاركين منازلهم التي لم تعد آمنة.
على الصعيد السياسي ينشغل اللبنانيون بملفين على جانب من الاهمية، انتخاب رئيس للجمهورية والحرب على الحدود يعيد الحياة السياسية الى طبيعتها وتنطلق المؤسسات في العمل. وفي هذا الاطار هناك تحرك اميركي – سعودي باتجاه المسؤولين والاطراف الفاعلة، وعلى اتصال مع اللجنة الخماسية التي تعود الى العمل في محاولة لكسر الجمود. فالقائمة بالاعمال في السفارة الاميركية ليزا جونسون بدأت زيارات تعارف على المسؤولين، مستغلة الفرصة للبحث في الملف الرئاسي وتهدئة الوضع في الجنوب، وتطبيق القرار الدولي 1701 وكانت البداية لقاء مع وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الذي قال: «تلقينا بارتياح جهوزية الولايات المتحدة الاميركية للتوسط في تخفيض التصعيد، واعادة الهدوء والاستقرار الى الجنوب» واكد اننا نتحاور مع الجانب الاميركي بانفتاح وروح ايجابية، للوصول الى حلول مستدامة تحفظ سيادة لبنان وسلامة اراضيه وتضمن الحقوق والامن والاستقرار، بالاخص لاهالي الجنوب.
وفي السياق حضر ملف الرئاسة في العشاء الذي اقامه رئيس الحزب التقدمي السابق وليد جنبلاط على شرف رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. الا ان الحوار بهذا الشأن لا يرتدي طابع الاهمية باعتبار ان فرنجية يدرك ان حظوظه صعبة باعتبار ان اكبر كتلتين مسيحيتين هما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر لا يؤيدان ترشيحه، وهذا ما يصعب وصوله الى قصر بعبدا.
المستغرب جداً ان المنطقة تغلي بما يدور فيها من احداث، ولبنان في قلب العاصفة، والخطر يتهدده من جوانب كثيرة، واوضاعه الداخلية متردية اقتصادياً ومعيشياً. ومع كل ذلك فان المنظومة السياسية وخصوصاً المجلس النيابي في استرخاء تام وكأن كل شيء يسير على ما يرام، سنة ونصف تقريباً على الشغور الرئاسي والمجلس النيابي لا يفكر حتى بتوجيه دعوة الى جلسة انتخاب. فضلاً عن انه معطل تشريعياً، لانه هيئة ناخبة ولا يحق له التشريع قبل انتخاب رئيس، واذا خالف الدستور وشرع يصدر قوانين غير قابلة للتطبيق، فالى متى هذا الاستخفاف بمصلحة الوطن والشعب؟
بالنسبة الى الحرب في الجنوب فان الهدوء مؤجل. هناك دعوات من مختلف الجهات الداخلية والخارجية، لتنفيذ القرار 1701 وابعاد لبنان عن الحرب المدمرة. يمكنه ان يساعد غزة بالدبلوماسية اكثر بكثير مما يساعده التوتر على الحدود الجنوبية، الذي لا يفيده بشيء، وقد اصبح ذلك ظاهراً. فلماذا اذاً نعرضه لاخطار قاتلة؟
وبانتظار ان تنجح الجهود وتضع حداً للجنون الاسرائيلي تبقى الاخطار تهدد المنطقة باسرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق