مجتمع

«المرأة والسلام» في جامعة الروح القدس

اكد المؤتمر على دور المرأة الفاعل في عملية السلام وادان ما تتعرض له من عنف وتمييز وشدد على وضع سياسات لحمايتها
 
تحت عنوان «المرأة والسلام»، أي دور يمكن أن تضطلع به؟ اجتمعت نخبة من الناشطين في مجال حقوق المرأة، خلال مؤتمر نظمته كلية الحقوق في جامعة الروح القدس – الكسليك، مركز حقوق الإنسان فيها،  في حرمها الرئيسي.

وقد أجمع المشاركون على الدور الفاعل للمرأة في المجتمع والقدرات التي تتمتع بها، خصوصاً في بناء عملية السلام والتربية على ثقافته، مدينين ما تتعرض له من عنف وتمييز. كما شددوا على وجوب إشراكها في صنع القرار وفي الحياة السياسية، إضافة إلى ضرورة تمتعها بالإمكانيات الاقتصادية والعلمية والجسدية والمعنوية… لكي تتمكن من لعب هذا الدور. وأصروا على ضرورة نشر الوعي حول دور المرأة وحقوقها وتعديل القوانين التي لا تحميها، ووضع سياسات عامة وتطبيقها تهدف إلى إرساء ثقافة المساواة والتسامح والاعتراف بالمرأة وبأهمية دورها، مؤكدين على دور الإعلام في دعمها ومناصرتها…

الأب هاشم
استهلّ المؤتمر بكلمة لعميد كلية الحقوق الأب طلال هاشم الذي رأى في «التمييز على أساس الجنس، وبعض العقليات والممارسات الثقافية قيوداً تعرقل التنمية العادلة والمستدامة وإرساء الأمن والسلام في العالم بالرغم من عدد النساء الذي يساوي نصف البشرية ودورها المهم في التقدّم العالمي». وشدّد على «أهمية القرار 1325 الصادرعن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وعلى الحاجة لضمان تمثيل أكبر للمرأة في منع النزاعات وحلّها كما في عملية بناء السلام. فالسلام والاستقرار هما شرط أساسي للتنمية البشرية في حين أنّ النزاعات المسلّحة تلقي بثقلها على النساء والفتيات». كما أثنى على «المشاركة الفاعلة للمرأة ودورها الأساسي في جامعة الروح القدس حيث يسود مبدآ المساواة وتكافؤ الفرص». وأدان «العنف ضد المرأة، هذا العنف الذي يحدّ من قوّتها ويشتّت العائلات». وأمل في الختام أن «يعي القادة مدى أهمية الرجال في إلغاء أشكال التمييز ضد المرأة، وأدعو الرجال والنساء إلى العمل سوياً لمواجهة التحديات وللانتقال معاً إلى عصرٍ مزدهر ومتغيّر».
 
كاغ
ثم تحدّثت منسقة الأمم المتحدة الخاصة بلبنان سيغريد كاغ فاعتبرت أنّ «هذا اللقاء هو إحتفالٌ بالمرأة وإعترافٌ بحقوقها وتشديد على عملية بناء السلام». وأكّدت أن «القرار 1325 الصادر عن مجلس الأمن يترجم عزم القادة في المجلس لحماية المرأة والمحافظة على حقوقها معتبرةً أنّ هذا القرار هو القوّة التي أوصلت إلى التغيير ووضعت المرأة في قلب الأمن الدولي وبنداً مهماً على جدول أعمال المنظمات الدولية».
كما عرضت في خلال كلمتها للأرقام الإحصائية الخاصة بالمرأة اللبنانية: «أقل من 2% من نساء لبنان هنّ داخل سوق العمل، في حين، فقط 8% منهنّ يشغلنّ مناصب مهمة كمنصب المديرة العامة على سبيل المثال». وإزاء هذه الأرقام، دعت الطلاب إلى «تغيير هذا الواقع والعمل على تحسين وضع المرأة في مجتمعنا». وشدّدت على ضرورة «إقتراع المرأة، الذي يعتبر الوسيلة المثلى للتعبير عن أفكارها وتطلّعاتها، كي تتمكّن من إستنهاض المجتمع وعلى ضرورة تمتّع المرأة بالاستقلالية المادية وبالمعرفة لأنّ المعرفة قوّة». وفي ختام كلمتها، توجّهت إلى الذين «يتساءلون عن مدى نجاح المرأة بإقامة توازن بين حياتها المهنية، من جهة، وحياتها العائلية»، من جهة أخرى، قائلة «هناك أمثلة كثيرة لنساء نجحن بذلك وأنا واحدة منهن».

شبطيني
وكانت مداخلة لوزيرة المهجرين القاضية أليس شبطيني، تناولت فيها دور المرأة في محاور ثلاثة: الأول دور المرأة الإنساني خلال الحروب وعملية السلم، والثاني هل الدين حاجز أمامها؟ والثالث كيف تستطيع المرأة تغيير العقلية ضد العنف. ففي المحور الأول أشارت الوزيرة شبطيني إلى «أن المرأة تلعب دورها الريادي في شتى المجالات والميادين. إن الدور الطليعي الذي تضطلع به على مستوى المشاركة في إحلال السلام يكاد يكون بلا مبالغة دوراً وجوبياً ولازماً تشهد على أهميته مختلف الحضارات المتعاقبة منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا. رغم كل الصعوبات والمشقات المعترضة لدور المرأة ومكانتها خصوصا ما تعانيه في دول العالم الثالث من عنف وتهميش ونظرة دونية وصل إلى حد تحويل المرأة في أكثر من بلد إلى ما يشبه السلعة مثلما رأينا مؤخراً من ممارسات تقوم بها مجموعات تكفيرية على هذا الصعيد».
وفي المحور الثاني شددت على «أن الدين  يجب الا يشكّل مانعاً أو حاجزاً أمام تقدّم المرأة لأن المشكلة تكمن من خلال متاجرة البعض بالدين وإرساء المفاهيم الخاطئة والمتطرفة تحت ستار الرسالات السماوية. والحل لا يكون إلا من خلال التأسيس لمجتمعات مدنية حضارية تقوم على مبادىء العدالة والحرية والمساواة واعتماد قوانين عصرية صارمة في هذا المجال تحمي المرأة كما الرجل أي بمفهوم أوضح تحمي الإنسان كإنسان».
أما المحور الثالث كيف تستطيع المرأة تغيير العقلية السائدة ضد العنف؟ فقالت شبطيني «إن العنف الذي تشهده الكثير من الدول والمجتمعات يستلزم مضاعفة الجهود لتغيير العقلية السائدة والقائمة على التعصب ومحاربة الآخر، وذلك لا يتم إلا من خلال مساهمة المرأة في حركة التغيير هذه، عبر تفعيل دورها داخل تلك المجتمعات ومساهمتها في نشر برامج التوعية المستدامة الآيلة إلى إحلال المفاهيم والقيم الداعمة للسلام وحق الأمان والاستقرار لجميع الشعوب».
وبعدما أكدت على أن السيد المسيح بارك صانعي السلام والساعين إليه، لفتت إلى «الحاجة لدور المرأة المتحررة والمكافحة التي تستطيع إحداث التغيير الاجتماعي المطلوب وطنياًا وعالمياً وتمهد الطريق أمام سلام عالمي وشامل، لأن المرأة بالفعل نجحت في غير مكان وزمان من لعب دور سفيرة السلام الناجحة والموثوقة، خصوصاً في الأماكن الساخنة في العالم وفي أكثر البؤر الخطيرة أمنياً وعسكرياً. لذا فإن مساهمة المرأة في إحلال السلام ستبقى على الدوام هدفاً منشوداً وأملاً تتطلع إليه مختلف شعوب الأرض. وكم نحن بحاجة اليوم في لبنان لأن نعطي المرأة دورها الفعال على هذا الصعيد من أجل أن يكون وطننا بالفعل وطن السلام والحضارة والتسامح والحوار».
   
الجلسة الأولى
وأدار مدير مركز حقوق الإنسان في جامعة الروح القدس الأستاذ ألان عيّاش الجلسة الأولى فعرض القضايا الدولية التي تمّت مناقشتها: أهميةالمرأة في مسألة السلام والأمن، حاجة تحرير المرأة في البلدان النامية، آلية إشراك المرأة في صنع القرارات الدولية، وأهمية القرار 1325. كما قدّم نبذة عن سيرة حياة المشاركتين في هذه الجلسة سفيرة هولندا في لبنان هاستر سومسن وسفيرة الهند في لبنان أنيتا نيار.
واعتبرت سومسن أن «توقيت انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع مرور 15 عاماً على إصدار القرار 1325». وقالت: «كي تنجح عملية السلام لا بدّ أن تكون المرأة جزءاً لا يتجزأ منها». وشرحت في خلال مداخلتها عن «مفهوم» الرجولة «الذي يعني صفات الرجل الحقيقي كحمايته العنصر الضعيف في المجتمع في ظل ما تتعرّض له المرأة من عنف وقمع».
فيما شددت نيار على «وجوب الحديث عن مشاكل الإنسان وليس عن مشاكل المرأة، فلا ينبغي النظر بعد الآن إلى أي إنسان حسب عرقه وجنسه». وإعتبرت أن «القرار 1325 يعترف بحقوق المرأة ولكنه يشجعها على الإنخراط في الجيش الأمر الذي يتعارض مع مبدأ السلام». وتطرّقت إلى «دور المرأة الفاعل في عملية السلام بما أنّها تفكّر بطريقة مختلفة عن الرجال» ولفتت إلى ضرورة تغيير مفهومي «الرجولة» و«الأنوثة». ودعت إلى «إشراك المرأة في تغيير العالم لما تتمتّع به من إمكانات».
 
الجلسة الثانية
ثم انعقدت الجلسة الثانية التي أدارتها الدكتورة دارينا صليبا أبي شديد حول قضايا محلية وإقليمية، شاركت فيها كل من السيدة حياة أرسلان، مؤسِّسة «هيئة تفعيل دور المرأة في الحياة السياسية»، السيدة زويا جريديني روحانا، مديرة جمعية «كفى»، والسيدة زينة دكاش، ممثلة كوميدية ومؤسِّسة جمعية  “Catharsis NGO”، وقد تركزت مداخلاتهن حول مدى مشاركة المرأة في مجتمعها فيتعزز السلام والأمن، المرأة اللبنانية وما يعيق تطلّعاتها، وميل النساء إلى السلام أكثر منه إلى الحرب لحلّ النزاعات مقارنةً مع الرجال.

الجلسة الثالثة
وتناولت الجلسة الثالثة قضايا عامة، ترأسها القاضي جاد الهاشم، وشاركت فيها كل من الوزيرة شبطيني، والسيدة صونيا إبراهيم عطية، عضو سابق في مجلس نقابة المحامين في بيروت، محامية ومدافعة عن حقوق الإنسان، والسيدة نادين موسى، مرشحة لرئاسة الجمهورية اللبنانية. وطرحت فيها مواضيع: دور المرأة في تغيير تفكير المجتمع الدولي حول السلام والأمن، وهل يشكّل الدين عائقًا أمام تقدم المرأة في دول العالم الثالث؟ وكيف نتغلّب على تلك الصعوبات؟
 
تكريم
واختتم المؤتمر بتكريم الناشطة الحقوقية أنيسة نجار، حيث عرض وثائقي يختصر حياتها. وقد تسلمت ابنتها السيدة منى الحلبي درعاً تكريمياً من الأب هاشم، ثم ألقت كلمة شكرت فيها الجامعة على مبادرة تكريم والدتها وإلقاء الضوء على مسيرتها وأعمالها ونضالها في مجال حقوق المرأة.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق