بدء أول عملية اجلاء لمقاتلين معارضين من حي برزة في دمشق
بدأ مقاتلون معارضون ومدنيون الاثنين الخروج من حي برزة الواقع في شمال دمشق، في أول عملية اجلاء للفصائل المعارضة من العاصمة السورية منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من ستة أعوام.
وتشيد الحكومة السورية دائماً باتفاقات المصالحة التي عادة ما تأتي بعد تصعيد عسكري وتنتهي بخروج الراغبين من المقاتلين المعارضين من مناطق كانوا يسيطرون عليها قبل ان يدخلها الجيش السوري.
ونقل التلفزيون الرسمي في خبر عاجل قبل ظهر الاثنين «بدء خروج المسلحين مع البعض من عائلاتهم من حي برزة على متن اربعين حافلة باتجاه الشمال السوري».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان «اربع حافلات انطلقت الى خارج الحي، فيما يواصل المقاتلون والمدنيون المقرر خروجهم في هذه الدفعة الصعود إلى الحافلات المتوقفة في القسم الغربي من الحي».
ومن المقرر، وفق التلفزيون، ان «يستكمل خروج باقي المسلحين على مدى خمسة ايام» على أن «تبدأ تسوية اوضاع الراغبين في البقاء في الحي».
ولم يحدد التلفزيون السوري عدد الذين سيتم اجلاؤهم الاثنين او العدد الاجمالي للراغبين بالخروج من برزة.
لكن مدير المرصد رامي عبد الرحمن قال لوكالة فرانس برس انه «من المقرر خروج ما بين 1400 الى 1500 شخص في اطار الدفعة الاولى الاثنين»، مشيراً الى ان «غالبيتهم من المقاتلين مع عائلاتهم» وسيتم نقلهم الى محافظة ادلب (شمال غرب).
وتأتي عملية الاجلاء في اطار اتفاق تم التوصل اليه بين الحكومة السورية واعيان في حي برزة، يقضي بخروج الراغبين من مقاتلي الفصائل المعارضة والمدنيين من الحي، وفق ما ذكر مصدر عسكري لفرانس برس الاحد.
وقال مصدر في قوات «الدفاع الوطني» التي تضم مقاتلين موالين لدمشق، ان المسلحين سيأخذون معهم سلاحهم الفردي.
وشاهد مصور لفرانس برس في حي برزة عشرات المدنيين والمقاتلين وهم يحملون حاجياتهم واسلحتهم الخفيفة بانتظار الصعود في حافلات ستقلهم الى مناطق سيطرة المعارضة في شمال البلاد.
«البديل في المصالحات»
وخلال مؤتمر صحافي في دمشق، اعتبر وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان المصالحات هي البديل عن العملية السياسية التي لم تفض عن اي تقدم خلال ست سنوات من النزاع.
وقال المعلم «البديل الذي نسير به هو المصالحات الوطنية وسوريا تمد يديها لكل من يرغب في تسوية وضعهم بمن فيهم حملة السلاح».
وأضاف «قد جرت مصالحات في مناطق عدة (…) واليوم بدأت مصالحة برزة ونأمل القابون تليها وهناك مخيم اليرموك الذي تجري حوارات بشأن تحقيق اخلائه من المسلحين».
وتسيطر القوات الحكومية على كامل دمشق باستثناء ست مناطق، تسيطر فصائل معارضة واسلامية مع جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) على خمسة منها، فيما تسيطر الاخيرة وكذلك تنظيم الدولة الاسلامية على اجزاء من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق.
وشهد حي برزة معارك عنيفة بين الفصائل المعارضة والجيش السوري في العامين 2012 و2013 مع اتساع رقعة النزاع المسلح في سوريا، الى ان تم التوصل الى هدنة في العام 2014 حولته الى منطقة مصالحة.
وتجري مفاوضات ايضاً لاجلاء الفصائل المعارضة من حي القابون المجاور الذي يشهد تصعيداً عسكرياً ايضاً.
وشهدت دمشق خلال الاشهر الماضية تصعيداً عسكرياً في محيط الاحياء التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة، وتمكن الجيش السوري في بداية نيسان (ابريل)، بحسب المرصد، من محاصرة حي برزة وعزله عن باقي الاحياء الشرقية.
ويتبع الجيش السوري منذ العام 2013، وفق محللين، استراتيجية التصعيد العسكري الذي تليه اتفاقات لانهاء تواجد الفصائل المعارضة حول العاصمة.
ويقول محللون ان الفصائل المعارضة خسرت فعلياً دمشق، ولم يعد أمامها سوى خيار التسوية او الذهاب الى ادلب.
وشهدت مناطق سورية عدة خصوصاً في محيط دمشق اتفاقات بين الحكومة والفصائل تضمنت إجلاء عشرات آلاف المدنيين والمقاتلين من مناطق كانت تحت سيطرتهم، أبرزها مضايا والزبداني وداريا ومعضمية الشام.
وانتقدت الامم المتحدة هذه العمليات التي تعتبرها المعارضة السورية «تهجيراً قسرياً»، وتتهم الحكومة السورية بالسعي الى احداث «تغيير ديموغرافي» في البلاد.
وتأتي عملية اجلاء البرزة بعد يومين على بدء آلية تنفيذ اتفاق استانا حول انشاء «مناطق تخفيف التصعيد» بموجب اتفاق بين روسيا وايران، حليفتي دمشق وتركيا التي تدعم المعارضة، في أربع مناطق في سوريا. لكن دمشق ليست إحداها.
ا ف ب