تحقيقسياسة عربية

الموصل: صفوف الفارين من المعارك تتقاطع مع العائدين

يغص شارع بغداد في غرب الموصل بآلاف العراقيين الفارين من آخر أكبر معاقل الجهاديين في شمال العراق حاملين القليل من حاجياتهم على ظهورهم، في حين يقطع آخرون الطريق نفسه عائدين رغم المعارك.

وشارع بغداد هو الممر الرئيسي الذي يسلكه المدنيون الهاربون من القتال بين تنظيم الدولة الإسلامية والقوات الحكومية، وهو أيضاً نقطة الدخول الرئيسية للنازحين الذين يختارون العودة إلى منازلهم التي غادروها في الأيام الأولى من العملية العسكرية التي بدأت الشهر الماضي في هذا الجزء من ثاني أكبر مدن في العراق.
وتتقاطع طريق الخارجين والعائدين في صمت يخرقه بين الحين والآخر صوت صفارة سيارة إسعاف تنقل مدنيين او مقاتلين جرحى إلى أقرب مستشفى.
ويقول غانم أحمد العائد إلى الموصل مع عائلته الخميس إن الذين يرحلون «يفرون من المناطق التي لم يتم تحريرها بعد».
واضاف الرجل البالغ من العمر 48 عاماً ويرتدي عباءة رمادية طويلة تقليدية «لكن نحن، سكان حي الرسالة، نشعر بالأمان الآن».
ويقف غيث لافي، الطالب البالغ من العمر 21 عاماً، منذ أسابيع على «طريق النزوح» كما يسميه، بجانب عربته التي يبيع عليها ألواح الشوكولاتة والبسكويت.
ويقول غيث «الطريق دائماً مزدحم لأنه الاكثر أماناً ويعبره معظم الهاربين. أقف هنا، والنازحون الذين فقدوا كل شيء يأتون أحياناً إلي. أعطيهم اشياء مجاناً».

«لسنا خائفين»
وشنت القوات العراقية في 17 تشرين الاول (أكتوبر) هجوماً لاستعادة مدينة الموصل التي سيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية في 2014، واستعادت الجزء الشرقي منها في كانون الثاني (يناير).
وخلافا لغيرها من المدن التي تمت استعادتها من ايدي الجهاديين، لم تفرغ الموصل في أي وقت من سكانها بالكامل، وأولئك الذين أجبروا على الفرار يحاولون العودة في أقرب وقت ممكن.
وتؤمن وحدات النخبة في قوات مكافحة الإرهاب وقوات أخرى حماية ممر العبور، لكن قذائف هاون تسقط رغم ذلك فوق المدنيين وطائرات الهليكوبتر تقصف أهدافاً جهادية في مكان قريب.
وتقول شتات محمد، وهي امرأة في الخمسين من عمرها، وهي تشير بإصبعها نحو السماء، بينما تسير مع عائلتها باتجاه المدينة رغم سحب الدخان المتصاعدة منها، «لماذا نخاف؟ بفضل الله نحن العراقيين لا نخاف طالما أن الله معنا».
وكان يعيش في الموصل نحو مليون نسمة قبل العملية العسكرية. وشرد حوالى 300 الف منهم بسبب القتال لكنهم لم يلجأوا جميعهم الى المخيمات التي أقامتها الأمم المتحدة وسواها من المنظمات.
وانتقل كثيرون منهم ببساطة من حي إلى آخر مع تحرك خط الجبهة، محاولين قدر الامكان البقاء في أقرب نقطة الى منازلهم المهجورة.
ويسير فيصل حامد بين المدنيين الفارين من المدينة، ولم يحمل معه شيئاً من منزله عدا شهادتي تدريب مهني. ويقول «سأعود إن شاء الله خلال يومين أو ثلاثة أيام. أبلغتنا قوات الأمن أن بامكاننا العودة عندما تصبح المنطقة آمنة».
وغير بعيد عنه، كان عزيز علي (47 عاماً) يسير في شارع بغداد للمرة الثالثة في غضون عشرة أيام. وكان غادر منزله مع أطفاله، وحاول العودة إلى دياره في الأسبوع الماضي، لكنه وجد أن المياه لا تزال مقطوعة عن الحي.
وقرر عزيز اللجوء هذه المرة إلى شرق الموصل. ويقول «عمي يعيش هناك. آمل أن يتمكن أطفالي من الذهاب إلى المدرسة».

أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق