شهر عسل ترامب وبوتين… الى اين؟
كيف سيتصرف الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب عندما يتسلم القيادة في العشرين من الشهر الجاري، حيال صديقه الحميم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي خرق كل القوانين والاعراف وساعده بطرق غير مشروعة كالقرصنة المعلوماتية، محاولاً بكل جهد منع مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون من الوصول الى البيت الابيض؟
الحقائق بدأت تتكشف شيئاً فشيئاً. فقد اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري انه والرئيس اوباما حذرا بوتين من التمادي في القرصنة والتدخل في الانتخابات الاميركية. ولكن تحذيراتهما باءت بالفشل، اذ استمر الروس في التدخل عبر مواقع الكترونية خاصة بزعماء الحزب الديمقراطي. كما ان المخابرات الاميركية اعلنت في نهاية الاسبوع انها باتت تملك الادلة القاطعة على التدخل الروسي. ورغم ذلك كله بقي بوتين ينفي وهذا امر طبيعي اذ من المستحيل ان يقر بعدوانه على اكبر واقوى دولة في العالم، وباتت الانظار شاخصة الى ما ستحمله الايام المقبلة حول هذا الموضوع، وكيف سيكون موقف ترامب المحرج جداً، بعد الحديث عن ادلة على التدخل الروسي لصالحه، والذي نجح في ايصاله الى البيت الابيض، رغم ان هيلاري كلينتون هي التي نالت اكبر عدد من الاصوات الشعبية.
لقد حاول ترامب قبل ايام استيعاب القضية، مكرراً تشكيكه. وعين سيناتوراً ممنوعاً من دخول روسيا في مركز استخباراتي حساس، انشىء بعد اعتداء ايلول، غير ان ذلك لا يمكن ان يغطي الفضيحة. خصوصاً بعد الحديث عن ملف روسي يوجه تهماً مخزية ضد ترامب، ليس اقلها القيام بنشاط جنسي خلال وجوده في روسيا.
والسؤال هنا الى اين يريد بوتين الوصول؟
لقد تحدى الغرب كله واحتل القرم، ثم ادخل جيشه الجرار الى سوريا، بكل اسلحته البرية والبحرية والجوية، وقاد حرباً ضد الشعب السوري امام اعين العالم، ولم تردعه دماء اطفال سوريا ودماء نسائها، وبقي مواظباً على شن الغارات الجوية على الابرياء لا يفرق بين مدني وعسكري، حتى تحقق له النصر واحتل حلب، واستقدم قافلة من الشرطة العسكرية الروسية ونشرها في المدينة المدمرة واحكم قبضته على المدينة، التي كانت تعتبر مركز الاقتصاد السوري، ومنها سيطر على سوريا كلها. فابعد القوى التي قاتلت الى جانب النظام على مدى سنوات وفي طليعتها ايران التي غيبها عن لقاء موسكو، بمشاركة روسيا وسوريا والاتراك، وتقرر قيام هدنة لم يرد ان يضمنها رغم تعهده بذلك. فبقي القتال يتنقل من جبهة الى جبهة ولو بنسبة اقل. لماذا؟ لان مصلحته تقضي بذلك. ولما أطمأن الى متانة وضعه اعلن انه باشر بسحب عدد من قواته من سوريا، فالحرب في نظره انتهت، ولم يعد بحاجة الى كل هذه الجحافل.
من اين استمد بوتين كل هذه القوة وكيف تيسر له ذلك؟ لقد اشرنا في هذه الزاوية اكثر من مرة، الى ان تخاذل اوباما وسياسته في المنطقة دفعا بوتين الى تجاوز كل الخطوط الحمر واقدم على ما اقدم عليه. وها هو اليوم يتسلح بصداقته مع ترامب، وفضله عليه لانه ساعده في الفوز ليكمل مشاوره الذي لم يعد احد يعرف الى اين يريد الوصول. المهم انه وضع يده على سوريا ومنها على منطقة الشرق الاوسط بعد انكفاء الولايات المتحدة، التي باتت نادمة على السياسة التي اتبعتها حيال الازمة السورية. حتى تركيا حليفتها التاريخية اتهمتها بأنها اخطأت في ادارة الازمة، وهذا ما اوصل الوضع الى ما هو عليه.
كيف سيتصرف ترامب، يبدو انه سيكون مربكاً في الاسابيع والاشهر المقبلة، خصوصاً وان الكونغرس الذي يعتبر في اكثريته حليفاً له لا يسكت عن الخروقات الروسية للكرامة الاميركية، فهل ينتهي شهر العسل بين بوتين وترامب قبل ان يبدأ فعلياً؟ الايام المقبلة ستحمل الجواب.
«الاسبوع العربي»