العيون شاخصة الى الحكومة… فهل تنجح؟
اجتازت الحكومة عقدة البيان الوزاري ونالت الثقة بسرعة قياسية، حتى خلنا انفسنا اننا لسنا في لبنان، بل في احدى الدول الديمقراطية المتحضرة، حيث يتم تشكيل الحكومات والبيان الوزاري والثقة بصورة طبيعية جداً، لا تتعدى اليومين او الثلاثة. لقد اعتدنا في هذا البلد ان نقضي اشهراً طويلة قبل ان يتمكن سياسيونا «المميزون» من انجاز هذا الاستحقاق، الذي تحول مع الايام مشكلة كبيرة يحسب لها حساب.
اذاً بالزخم عينه الذي ميز محطاتها السابقة تكليفاً وتشكيلاً واقراراً للبيان الوزاري. انتهت المسيرة بحصول الحكومة على ثقة كان رئيسها يتوقع ان يحصل على عدد اكبر من الاصوات، الا ان ارتباطات النواب وحجوزاتهم للسفر اضطرتهم الى التغيب عن جلسة الثقة. المهم اصبح بامكان الحكومة السير في برنامج العمل الذي اعلنت عنه في بيانها الوزاري، وفي خطاب القسم الذي اجمع الكل على الاشادة به، وتبني ما جاءفيه. وبالفعل عقدت اول جلسة لها بعد نيلها الثقة وكانت منتجة الا انها خلت من قانون جديد للانتخاب مع انه من اولى مهماتها.
هذه الحكومة بما حصلت عليه من رعاية وتسهيل مهمات وضعت تحت مجهر الناس الذين يتطلعون اليها بشغف ليروا ما سيتحقق من وعود ونجاحات، طالما افتقدوها. وكانت الحكومات السابقة تنشغل دائماً بخلافات وزرائها في ما بينهم، ولم تكن تتطلع الى مطالب الناس، خصوصاً ان الطقم السياسي الذي يتولى مقدرات هذا البلد، انشغل في تقاسمها حصصاً على افراده، ولم تكن قضايا المواطنين لتهمهم بشيء. فالمواطن في نظرهم هو ليس اكثر من صوت انتخابي يوضع في صندوق الاقتراع، وبعدها لا يعود له وجود في حساباتهم. ولذلك كان هذا الاهمال الذي اصاب المجتمع، فتدهورت الحياة الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية لدى الاكثرية الساحقة من اللبنانيين، فهل بامكان هذه الحكومة التي علقت عليها الآمال بشكل غير مسبوق، ان تلبي حاجات الناس ولو بالحد الادنى، وتسهل عليهم حياتهم المعيشية؟
وبما ان تنظيم الحياة السياسية لا يقل شأناً عن تلبية الحاجات اليومية الملحة، فان المطلوب من الحكومة الحريرية ان تبادر فوراً، وبدون اي تأخير الى اقرار قانون للانتخابات، يكون منصفاً وعصرياً ويؤمن المناصفة ويرفع الغبن الذي انتجه قانون الستين السيء الذكر، فلطالما عانى فريق من اللبنانيين وخصوصاً المسيحيين من التعدي على حقوقهم وانتخاب نواب لا يمثلونهم، لانهم يفوزون باصوات غير اصواتهم، ولا خيار لهم في هذا الشأن. وهذا ما كان ينعكس على الحياة السياسية العامة. فهل تتوصل الحكومة الجديدة الى ازالة هذا الغبن واعادة الطمأنينة الى جميع شرائح المجتمع اللبناني، من خلال قانون عصري عادل ينصف الجميع؟
وانصراف الحكومة الى وضع قانون جديد للانتخابات يجب الا يلهيها ويصرفها عن الاهتمام بحاجات الناس الاساسية والملحة. لقد تعب المواطن من دفع الفاتورة المزدوجة بدل الكهرباء والمولد وبدل اشتراك المياه وخدمات الصهاريج. كما تعب من العبء الصحي، الذي رتبته عليه وعلى عياله، النفايات التي انتشرت في الشوارع على مدى اشهر، ناشرة الامراض من جميع الانواع والمخاطر، وكل ذلك لان الحكومة السابقة عصفت في داخلها الخلافات، فحالت دون التوصل الى حل سليم دائم للنفايات، كما هي الحال في مختلف بلدان العالم. وما الحلول التي توصلت اليها سوى حلول مبتورة ومؤقتة وغير متكاملة ولذلك لا تزال بعض المدن والقرى تشهد اكواماً من النفايات التي تعمم الجراثيم والميكروبات على الساحة اللبنانية كلها. فلماذا لا نسمع بمشكلة نفايات في اي بلد من بلدان العالم، ولماذا لبنان وحده هو الاستثناء؟ افليس من الاجدى التشبه بالدول الراقية واعتماد الحلول التي تعتمدها في التخلص من النفايات، فتستريح الحكومة ويستريح الشعب؟ كما نتمنى ان تنجح الحكومة في وضع موازنة تحدد النفقات والمداخيل وتكبح جماح الانفاق الكيفي، فيقل العجز وتنخفض نسبة الديون.
نحن نعلم ان الحكومة،حتى لو ارادت، لن تتمكن من حل جميع المشاكل المطروحة، خصوصاً وان عمرها قصير ولكن المهم ان تبدأ العمل وتضع الامور على السكة الصحيحة، فهل هي فاعلة، ام انها ستخيب امال الناس؟
«الاسبوع العربي»