سياسة لبنانيةلبنانيات

الكهرباء تشعل سجالاً حاداً بين رئيس الحكومة والتيار الوطني الحر… والمواطن الى العتمة الشاملة

السنة الجديدة لم تحمل جديداً والتعطيل يتمدد ليشمل كل القطاعات

انتظر اللبنانيون السنة الجديدة علها تطل عليهم بالخير والاستقرار، وتزيل ويلات العام المنصرم والاعوام التي سبقته. واعتقدوا ان المنظومة المتحكمة قد تكون تعبت من المماحكات والخلافات وانها ستعود الى الاهتمام ولو بالحد الادنى، بحياة الشعب التي دمرتها بانانيتها وانكارها. الا ان فألهم خاب، فالمنظومة باقية على مواقفها التي اوصلت البلد الى الانهيار، وهي لا يهمها سوى مصالحها وحصصها وصفقاتها. فهي في ابراجها العالية لا يمكنها ان تتطلع الى تحت.
بدأ العام الجديد باستمرار التعطيل والشلل التام. فالمجلس النيابي يكمل اجازته الطويلة. وانتخاب رئيس للجمهورية يمكنه ان ينتظر. فلماذا كل هذه العجلة؟ ان البلد في نظرهم بالف خير، ومصالحهم مؤمنة واموالهم مهربة الى الخارج ولا خوف عليها. اما الخسائر التي سببتها المنظومة فليتحمل المودعون عبئها. ولكي لا يقال ان المجلس النيابي معطل، تمت دعوة اللجان لاستئناف مناقشة الكابتيال كونترول. فبعد ان رقد مشروع القانون هذا ثلاث سنوات في الادراج، قفز فجأة الى الواجهة واصبح مستعجلاً. الا ان المناقشات لا توحي مطلقاً بهذه العجلة. فقد عقدت جلسات عدة ولم تحقق سوى تقدم بطيء وهذا يؤشر الى عدم رغبة في اقرار هذا القانون، مع ان مفعوله سقط بعد هذا الانتظار الطويل.
وبما ان الطبقة السياسية لا تستكين، اشتعل سجال حاد بين التيار الوطني الحر ورئيس حكومة تصريف الاعمال حول الكهرباء. وتبادل الطرفان الاتهامات بعرقلة تأمين التيار. ولما اشتد الخلاف تحولت وزارة الطاقة الى ما يشبه شركة خاصة قوامها الوزراء الذين تعاقبوا عليها منذ العام 2010 وكلهم ينتمون الى التيار الوطني الحر، وراحوا يدافعون عن بعضهم البعض، فيما جمع الرئيس ميقاتي انصاره للدفاع عن مواقفه، دون ان يحسب اي طرف حساب الشعب الذي ملّ هذه السجالات وهو يرفضها جملة وتفصيلاً. ولو كان الطرفان يعلمان ان الشعب اللبناني، من كبيره الى صغيره، يعرف لماذا غرق لبنان في العتمة الشاملة بعد وعود بكهرباء 24/24، لما كلفا نفسيهما عناء السير في هذه السجالات، التي لن تغير حرفاً من قناعات الناس، الذين لا يعيرونها اي اهتمام. لو انهم بدل هذا التقاذف بالتهم، عملوا معاً على تأمين التيار مع بداية هذا العام ووفروا على المواطنين ظلم اصحاب المولدات، اما كان افضل من هذا السجال المعيب المرفوض حكماً من الجميع. اليس من العار على هذه الطبقة السياسية، ان يكون لبنان الذي لقب بمنارة الشرق، غارقاً في عتمة شاملة بلا كهرباء وحتى بلا ماء. فكل شيء في البلد معطل وقد انهارت كل القطاعات بدءاً بالحياة المعيشية للمواطنين. القطاع الصحي يئن ويرزح تحت اعباء لا طاقة له على تحملها، وكأنه بات ممنوعاً على المواطنين ان يمرضوا. هذا الوضع المتردي دفع عدداً كبيراً من الاطباء الى الهجرة بحثاً عن حياة كريمة، فشلت الدولة في تأمينها لهم. ويلاقي القطاع الصحي في الانهيار قطاع الادوية التي تفلتت من كل الضوابط، بحيث ان الدواء اما مفقود من الاسواق، واما موجود ولكن باسعار يعجز 90 بالمئة من المواطنين عن تأمين ثمنها. تحدثوا طويلاً عن تشجيع صناعة الادوية المحلية، بزعم انها توفر على المريض، لان سعرها اقل، فاذا بها توازي الدواء المستورد ان لم يكن سعرها اعلى. لماذا؟ لا جواب ولا من يفسر للمواطنين ما يحصل.
قطاع التربية، وقد انهارت المدارس الرسمية، والاخطر انهيار الجامعة اللبنانية، التي طالما تربعت في العالي بين الجامعات، وقد خرجت كباراً لمعت اسماؤهم محلياً ودولياً، فاذا بها اليوم تلفظ انفاسها. حتى المدارس الخاصة التي فرضت على الاهالي اعباء باهظة بالدولار «فريش»، بحجة الدفع للاساتذة، يبدو انها قبضتها لتكدسها فوق ارباحها السابقة، ولم تعط المعلمين حقوقهم، ولذلك يلوح نقيب المعلمين في المدارس الخاصة بالاضراب ابتداء من يوم الاثنين المقبل، اذا لم يعط الاساتذة حقوقهم.
واذا تابعنا في تعداد القطاعات المعطلة والتي ضربها الشلل لما وجدنا قطاعاً واحداً يسير وفق الاصول، من الادارات العامة الى القضاء الى الاتصالات الخ… فهل تعود هذه المنظومة الى رشدها، وتلتفت الى مصالح الناس، فتبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة تكون على مستوى المرحلة، فتضبط هذا الفلتان المستشري، وتعيد الحق الى اصحابه، الى المواطنين الذين دفعوا كثيراً كثيراً وحان الوقت ليسترجعوا بعضاً مما خسروه. ولكن العلاج الفعال هو بثورة حقيقية تنزل الناس الى الشارع ولا تخرجهم منه الا وقد تحققت احلامهم بقبع هذه الطبقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق