مجتمع

«سكون» تطرح السياسات المتعلقة بالمخدرات: هل يمكن للبنان تعديل سياسته الحالية؟

بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، نظم «سكون» – المركز اللبناني للادمان، بالشراكة مع المفكرة القانونية (Legal Agenda) وبدعم من شبكة مينارة (شبكة الشرق الأوسط وشمال افريقيا للحد من مخاطر استخدام المخدرات)، ندوة حول السياسات المتعلقة بالمخدرات، وذلك في Haven for Artist، مار مخايل.

تحدث في الندوة كل من كريم نمّور، محامٍ، باحث وعضو في المفكرة القانونية، ساندي متيرك، مسؤولة قسم السياسات المتعلقة بالمخدرات في «سكون» –  المركز اللبناني للادمان، سالي شمص، ناشطة في حقوق الإنسان، و مديرة الندوة د. ناديا سبيتي، أستاذ مساعد في دراسات الشرق الأوسط، الجامعة الأميركية في بيروت.
تمحورت الندوة حول موضوع السياسة اللبنانية المتعلقة بالمخدرات مع التركيز على مسائل حقوق الإنسان، عمل الشرطة والقضاء.
مع تغير مقاربات السياسات العالمية المتعلقة بالمخدرات وتحولها من منظور عقابي إلى آخر أكثر توازناً يعطي الأولوية لحقوق الإنسان، الصحة والإندماج الاجتماعي، هل يمكن للبنان تعديل سياسته الحالية من أجل التكيف مع المقاربة العالمية الجديدة ؟  

ضعف تطبيق مبدأ «العلاج كبديل من الملاحقة والعقاب»
بحسب المحامي كريم نمّور: «إن 2709 هو العدد الإجمالي للأشخاص الموقوفين خلال عام 2014 بـ «جرم» تعاطي المخدرات، وذلك حسب الإحصاءات الرسمية لمكتب مكافحة المخدرات المركزي. 110 فقط هو العدد التقريبي لملفات الأشخاص المحالين الى «لجنة مكافحة الإدمان» منذ أن تم تفعيلها في أوائل 2013 حتى اليوم، وذلك بحسب «المرصد المدني لاستقلال القضاء وشفافيته». هذا الفارق المذهل بالأرقام بين عدد الأشخاص الملاحقين سنوياً بتعاطي المخدرات وعدد الأشخاص المُحالين الى اللجنة للعلاج يطرح علامات استفهام عديدة بشأن ضعف تطبيق مبدأ «العلاج كبديل من الملاحقة والعقاب».
وأضاف: «في دراسة لـ «سكون» عن الملاحقات القضائية سنة 2010، تبيّن أن النيابة العامة أوقفت في 90% من الحالات الأشخاص المدمنين خلال التحقيق الأولي، وأن متوسط مدة التوقيف الإداري بلغ 6،5 أيام، وهو يتجاوز الفترة القانونية القصوى (96 ساعة). وتبيّن الدراسة نفسها أنّ متوسط مدة التوقيف الاحتياطي للمدعى عليهم بجنحة تعاطي المخدرات قد بلغ 50 يوماً تقريباً».

سياسة ضارة
وفقاً لساندي متيرك: «إن سياسة المخدرات لدينا ليست فعالة كاستجابة لقضية المخدرات وحسب، بل إنها سياسة ضارة أيضاً. إن السياسات والممارسات العقابية تعرّض حياة الناس للخطر بالاضافة الى الوصم والتمييز. المواضيع مثل عنف رجال الشرطة، الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان، والنقص في الرقابة على عمل الشرطة هي موضع تساؤل. يجب إعادة تخصيص الموارد الخاصة بمكافحة المخدرات نحو المزيد من الاستثمار في عمليات التعليم والدعم».
أما سالي شمص فأوضحت «إن الفكرة وراء الحملة العالمية (ندعم لا نعاقب ) هو أننا بحاجة اليوم إلى التركيز على إصلاح السياسات ، وعلى السياسات الانسانية، ونحن أيضاً بحاجة إلى معالجة مسألة استخدام المواد المخدرة والإدمان ، بطرق مختلفة جداً عما نقوم به حالياً. ويجب النظر إلى هذه القضية على أنها قضية صحية، وعدم تجريم الاشخاص الذين يعانون من الإدمان. يجب علينا أن نقوم بتشجيع الناس على مشاركة قصصهم، حتى يتم توثيق الانتهاكات، حيث أنه أيضاً يمكن لقصصهم أن تكون مفيدة لإصلاح السياسات الحالية».

حملة «اعرف حقّك»  (Know Your Rights)
في 2013، أطلقت سكون حملة «اعرف حقّك» لتوعية الشباب وتثقيفهم حول حقوقهم في أثناء توقيفهم للإشتباه باستخدامهم للمخدرات. تشكل هذه الحملة رداً على الانتهاكات المرتكبة من قبل الشرطة أثناء التوقيف، وطرق التحقيق المشبوه فيها والاستجوابات التعسفية.
إنطلاقاً من حملة «اعرف حقّك»، تشارك سكون في حملة «ندعم، لا نعاقب» (Support. Don’t Punish) التي انطلقت في 26 حزيران (يونيو) وهي حملة عالمية لرفع الوعي والمناصرة لوضع سياسات أفضل وإعطاء الأولوية للصحة العامة وحقوق الإنسان.
إن الحملتين مرتبطتان إذ تسعى كل منهما إلى التأثير على صنع القرارات لإيجاد طرق أكثر فاعلية للإستجابة لموضوع المخدرات.
من خلال حملة «اعرف حقّك»، تسعى «سكون» إلى إلقاء الضوء على الانتهاكات الأكثر انتشاراً وخطورةً والإشارة إلى التعديات المتكررة على الأمن الجسدي وسلامة الأفراد الذين يعانون من مشاكل الادمان.
لا بد من التذكير أنه، وعلى الرغم من أن استخدام المخدرات يعتبر جرماً يعاقب عليه القانون اللبناني، إلا أن ذلك لا يبرر حرمان أي مواطن من حقوقه إذ يبقى كل من التوقيف التعسفي وسوء المعاملة خارج  القانون. تعنى «سكون» بشكل خاص بحقوق الأفراد الموقوفين بتهمة استخدام المخدرات إذ تعتبر هذه المسألة نقطة جوهرية في أي نقاش حول السياسات المتعلقة بالمخدرات. يتعرض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الإدمان إلى التمييز، العزلة والاستبعاد الاجتماعي وقوانين التجريم، مما يدفعهم إلى البقاء في الخفاء. ومن الواضح أن التعديات على حقوق الإنسان في هذا المجال واسعة وعديدة.
وتطرقت مديرة «سكون» – المركز اللبناني للإدمان ، ناديا مكداشي، إلى فاعلية السياسات المتبعة في لبنان متسائلة: «هل إن توقيف الأفراد ومحاكمتهم يؤدي فعلاً إلى تراجع أرقام استخدام المخدرات؟ هل إن هذه الطرق تعالج المشكلة على الصعيد الوطني أم إنها تسبب أضراراً إضافية دون خفض نسب استخدامه؟ لا بد من رفع جميع هذه الأسئلة على المستوى الوطني».
وستطلق سكون حملة مماثلة أكثر شمولية على مواقع التواصل الاجتماعي إذ ستتضمن موقعاً إلكترونياً خاصاً، فيديوهات وشهادات تلقي الضوء على النهج العقابي لسياسة مكافحة المخدرات المتّبعة في لبنان. تهدف هذه الحملة إلى توعية الأفراد الذين يعانون من مشاكل الادمان والمجتمع بشكل عام وتعريفهم على حقوقهم أثناء عمليات التوقيف، التحقيق والمحاكمة.

نبذة عن «سكون»
تأسست «سكون» عام 2003 ونمت لتصبح المنظمة الرائدة في مجال توفير خدمات العلاج والدعم للأشخاص الذين يعانون من الإدمان. «سكون» هي منظمة لبنانية غير حكومية وغير ربحية، وأول مركز علاج خارجي في لبنان لتقديم خدمات الوقاية والعلاج.
تعمل «سكون» حالياً من خلال مركزيها في الأشرفية والشياح وتركز عملها على تقديم الدعم في مجال العلاج، الوقاية والسياسات المتعلقة بالمخدرات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق