أبرز الأخباردوليات

الإيرانيون ينتخبون اليوم أعضاء البرلمان ومجلس الخبراء وسط انقسامات عميقة

فتحت مراكز الاقتراع في إيران أبوابها أمام الناخبين لاختيار أعضاء البرلمان ومجلس الخبراء.
وتحظى هذه الانتخابات بأهمية خاصة، فهي الأولى في إيران منذ توقيع الاتفاق النووي مع الغرب ورفع العقوبات عن طهران.
ويتنافس نحو 6 آلاف مرشح على 290 مقعداً في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني.
وتقدر أعداد الناخبين المؤهلين للتصويت في إيران بنحو 55 مليون ناخب.
ولا توجد أحزاب سياسية حقيقية في إيران، لكن ينقسم أعضاء البرلمان إلى معتدلين ومحافظين.
ومنذ توقيع الرئيس الإيراني حسن روحاني – المحسوب على الإصلاحيين – الاتفاق النووي، في تموز (يوليو) الماضي، احتدم الصراع بين الطرفين.
ويجب أن يوافق البرلمان على تعيين مجلس الوزراء والتشريعات الجديدة، ولذلك فإن الرئيس الإيراني بحاجة إلى علاقة عمل جيدة مع البرلمان من أجل تحقيق ما يريد.
كما يخوض 161 مرشحاً الانتخابات على مقاعد مجلس الخبراء، البالغ عددها 88 مقعداً.
ويمثل مجلس الخبراء أعلى هيئة دينية في إيران، ويختار أهم مسؤول رسمي في البلاد، المرشد الأعلى.
وتمتد فترة المجلس لثماني سنوات، ولذلك سيكون له تأثير قوي وممتد على السياسات الإيرانية.
ويبلغ المرشد الأعلى الحالي، أية الله علي خامنئي، 76 عاماً، ويعاني من متاعب صحية، ولذلك فمن المحتمل أن يختار مجلس الخبراء الجديد خلفا لخامنئي.
بي بي سي الفارسية تحدثت الى بعض الناخبين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ويقيم هنا المزاج العام في الشارع الايراني عشية الانتخابات.
في ساعة متأخرة من الليل في شمالي طهران، اوقفت شرطة الآداب، وهي القوة التي تفرض التقيد بالزي الاسلامي في ايران، الصحفي أمير وزوجته.
كان الزوجان في طريق عودتهما الى مسكنهما بعد ان حضرا حفلة، واوقفتهما الشرطة لأن شرطة الآداب حكمت بأن الحجاب الذي كانت ترتديه زوجة أمير لم يغط كل شعرها.
مشهد يتكرر العديد من المرات يوميا في ايران، وهو نموذج بسيط للانقسامات العميقة الموجودة في المجتمع الايراني بين اولئك الذين يبتغون حماية قيم الثورة الاسلامية وتطبيقها، واولئك الذي يتحدونها ويريدون من ايران ان تواكب مسيرة الحداثة.
وهذا هو الصراع الذي يهيمن على انتخابات الجمعة والحملة التي تسبقها.
يقول أمير، «في السنوات السابقة عندما كانت مواعيد الانتخابات تقترب، تبدأ الحكومة بالتساهل معنا. كانت فرصة طيبة للتنعم بالحرية لبضعة شهور، إذ لم تكن السلطات تلقي القبض على الناس لمظهرهم لأنها كانت تريد من الشعب ان يشعر بالسعادة وان تشجعهم على الادلاء باصواتهم. ولكن الامر هذه المرة مختلف».
ويشعر أمير والكثيرون من امثاله من الايرانيين المتأثرين بالغرب والعارفين بخبايا الانترنت بخيبة الامل لحرمان العديد من المرشحين الاصلاحيين والمعتدلين من حق الترشح في الانتخابات.
ويصف أمير الخيارين اللذين يواجهان الناخبين بأنهما «السيء والأسوأ».
ولكن ككثير من الايرانيين، ما زال أمير يعتقد أن هذه الانتخابات تمثل فرصة لاحداث تغيير ما.
ويقول «قد يعزف اصدقائي عن التصويت لأنهم لا يرون من يصوتون له، ولكني ما زلت اعتقد أن علينا الادلاء باصواتنا».

«لا أهتم»
ولكن لا يوافق كل الايرانيين على هذا الرأي. خذوا جاستينا على سبيل المثال. فجاستينا مغنية (راب)، وفي بلد لا يسمح فيه للنساء بالغناء علناً تقوم جاستينا بتخطي الحدود باغانيها المطالبة بالمزيد من الحريات للنساء.
تقول، في استوديو موسيقي يقع في قبو بطهران تقوم فيه بتسجيل البومها الجديد، «اذا اردت ان اكون صادقة معك، لابد أن اقول إني غير مهتمة بهذه الانتخابات».
«فلا يوجد أي مرشحين يمثلون آمالي وآرائي البتة. لا يعبر أي من المرشحين عن صوتي».
اذا كانت جاستينا تمثل وجه ايران الشابة المعاصرة، فجعفر شجوني يمثل وجه المؤسسة الحاكمة.
فشجوني رجل دين متشدد ونائب سابق في مجلس الشورى، سبق له ان رافق مؤسس الجمهورية الاسلامية آية الله روح الله خميني عندما كان مقيما في باريس في السبعينيات.
يقول شجوني «الاسلام يطالب الشعب بمساندة الحكومة الاسلامية. الموضوع لا يتعلق بمن تريد التصويت له، بل بعملية التصويت ذاتها».
وككثير من المحافظين، يشعر شجوني بقلق بالغ لامكانية أن يؤدي الاتفاق النووي الذي ابرمته ايران مع القوى العالمية، والذي دخل حيز التنفيذ في الشهر الماضي، الى تعريض البلاد لشتى التيارات الخارجية التي قد تهدد مستقبل الثورة الاسلامية.
ويقول «يعتقد البعض أن بامكانهم – بعد الاتفاق النووي – اعادة ايران الى ما كانت عليه في عهد الشاه. كلا ! لن يكون الأمر هكذا».

حان وقت الأمل
ويعد الاقتصاد عاملاً مهماً في هذا المجال، إذ يسود الايرانيين شعور بالأمل بتحسن ظروفهم المعيشية بعد رفع العقوبات وعودة المستثمرين الغربيين الى البلاد.
ويصح هذا القول بشكل خاص على مدينة عبدان عاصمة القطاع النفطي الايراني التي غدت ظلاً بائساً للمدينة الثرية التي كانت في الماضي.
يستيقظ نيما البالغ من العمر 30 عاماً من نومه يومياً على صوت صافرة مصفاة النفط. نيما حائز على شهادة عليا في الهندسة، ولكنه، مثل الكثيرين في عبدان، يعجز عن ايجاد فرصة عمل.
ويقول «ليس لدينا المال الكافي لتعبيد طرق المدينة، والمدارس تفتقر الى الاموال اللازمة لشراء المدافىء».
«أنا واصدقائي سنصوت للمرشحين الذين لديهم افكار جيدة عن الاقتصاد. مرشحون بامكانهم اعادة اعمار المدينة وخلق فرص عمل».
ولكن لا يشارك الجميع تشاؤم نيما، ففي جزيرة (كيش) في الخليج، والتي كانت يوما منتجعا يؤمه نجوم هوليود وما زالت مقصدا محببا للايرانيين، يعمل كل من باباك وآراش في قطاع السياحة.
واثناء حفل شواء ليلي اقيم على شاطىء البحر، قالا إنهما يأملان بتحسن الوضع الاقتصادي بشكل عام مما سينعكس على عملهما.
يقول آراش «لم تكن السياحة في وضع جيد تحت ظل العقوبات، ولكن في حقبة ما بعد العقوبات نأمل ان تتحسن الاوضاع. ان ايران بلد رائع للسائحين، ولكن كل شيء يعتمد على الاوضاع السياسية».
اما باباك، فكان اكثر حذراً، إذ قال «البعض يعتقد انك تستطيع تغيير العديد من الامور بمجرد التصويت، ولكني لا اعتقد ذلك».
«ولكني مع ذلك كلي أمل بأيام افضل».

بي بي سي
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق