الاقتصادمفكرة الأسبوع

السعودية تقلص الدعم في مواجهة عجز الموازنة وتراجع النفط

شرعت السعودية في تطبيق اجراءات لتقليص الدعم عن مواد اساسية بينها الوقود، غداة اعلانها عجزاً قياسياً في ماليتها العامة بسبب انخفاض اسعار النفط، ما يمثل تغييراً جذرياً في نظام الرعاية الاجتماعية السخية السائد منذ عقود.

اعلن مجلس الوزراء في جلسة برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز الاثنين، رفع اسعار مواد اساسية منها الوقود بنسب فاقت الثلثين، والكهرباء والمياه على المستخدمين الكبار بنسب وصلت الى سبعين بالمئة، كجزء من اصلاحات هيكلية لخفض الاعتماد على مداخيل النفط.
واكد الملك سلمان في الجلسة ان موازنة 2016 والاجراءات الجديدة «تمثل بداية برنامج عمل متكامل وشامل لبناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة تتعدد فيه مصادر الدخل»، بحسب وكالة الانباء الرسمية.
واعلنت المملكة، اكبر مصدري النفط في العالم، والتي يبلغ انتاجها قرابة 10،4 ملايين برميل يومياً، تسجيل عجز قدره 98 مليار دولار في ميزانية العام 2015، هو الاكبر في تاريخها.
ويتوقع ان يبلغ العجز في موازنة 2016، 87 مليار دولار.
وبحسب بيان شامل اصدرته وزارة المال، يمثل العجز في 2015 ما نسبته 15% من الناتج المحلي الاجمالي، المتوقع ان يبلغ 653 مليار دولار.
وفي 2015، تراجعت الايرادات الى 162 مليار دولار، وهو ادنى مستوى لها منذ 2009، بانخفاض نسبته 42 بالمئة عن ايرادات 2014. وشكل انخفاض الايرادات النفطية بنحو 123 مليار دولار، ابرز اسباب التراجع.
ازاء ذلك، اعلنت الرياض اتخاذ اجراءات لـ «تحقيق اصلاحات هيكلية واسعة في الاقتصاد الوطني وتقليل اعتماده على البترول» خلال السنوات الخمس المقبلة، اضافة الى فرض رسوم اضافية على بعض السلع.
ونقلت صحيفة «الاقتصادية» السعودية عن وزير المال ابراهيم العساف ان هدف الموازنة الجديدة والاجراءات هو «ترشيد الانفاق غير الضروري».
واشار الى ان الفترة الماضية اتسمت «بانفاق استثماري كبير»، اضافة الى الانفاق الجاري، وان هذا الامر «يتطلب مراجعة».

زيادة الواردات غير النفطية
وفي ظل تدهور اسعار النفط الى ما دون الاربعين دولاراً للبرميل في الوقت الراهن، اكدت المملكة العمل على زيادة الواردات غير النفطية، علماً ان النفط ساهم بـ 73 بالمئة من مجمل ايرادات عام 2015، متراجعاً عن نسبته المعتادة التي كانت تقارب التسعين بالمئة.
وارتفعت نسبة الايرادات غير النفطية 29 بالمئة في 2015، لتبلغ 43،5 مليار دولار، ما يشكل 27 بالمئة من مجمل ايرادات الميزانية.
الا ان محللين يرون ان هذه النسبة لا تزال اقل من المطلوب.
ويقول الخبير الاقتصادي السعودي عبد الوهاب ابي داهش «هذه المساهمة لا تزال محدودة جداً، ويجب ان ترتفع».
يضيف «اتوقع ان تكون الحكومة في موقع يرفع الايرادات غير النفطية الى اكثر من 200 مليار ريال (53 مليار دولار) السنة المقبلة، مع اعتماد ضرائب جديدة».
وعليه، يجدر بالايرادات النفطية ان تساهم بقرابة 40 بالمئة فقط من ايرادات الموازنة، بدلاً من مستوياتها الراهنة.

تقبّل متباين
ومساء الاثنين، اقرت الحكومة رفع اسعار الوقود ومشتقات نفطية والمياه والكهرباء وغيرها، بنسب تفوق الثلثين لبعض المواد. وعلى سبيل المثال، رفع سعر ليتر البنزين العالي الجودة بنسبة خمسين بالمئة، والاقل جودة 67 بالمئة، علما ان اسعار الوقود في المملكة هي من الادنى عالمياً.
ودخل رفع اسعار الوقود حيز التنفيذ منتصف ليل الاثنين الثلاثاء، ما تسبب بزحمة في المحطات ليلاً، علماً ان بعضها اقفل ابوابه تفادياً لذلك.
وقال محمد صديق، وهو عامل في احدى المحطات، لوكالة فرانس برس «كان الزحام كبيراً البارحة، الجميع يريد الاستفادة من الاسعار القديمة».
وبدا تقبل الاجراءات الجديدة متبايناً بين السعوديين، مع تأكيد مسؤولين سعوديين ان الاجراءات لن تؤثر بشكل كبير على ذوي الدخل المحدود.
وقال ابو عثمان (63 عاماً)، وهو موظف حكومي، اثناء تعبئته خزان سيارته «اسعار البنزين لا زالت معقولة ولم ترتفع كثيراً (…) من الطبيعي اتخاذ مثل هذه الاجراءات في مثل هذه الظروف».
واثارت الاجراءات الجديدة جدلاً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتكررت في بيان وزارة المال الاثنين عبارات مثل «الشفافية» و«المحاسبة» و«ترشيد الانفاق»، والتي يبدو انها لقيت صدى على مواقع التواصل.
وغرد المستخدم عدي الظاهري «اعتقد ان هذه الميزانية ستعلمنا فن الترشيد في الاستهلاك».

أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق