سياسة لبنانية

«جبهة عرسال» الى الواجهة من جديد

استئناف المعركة من النقطة التي توقفت عندها أم انتقال من صفقة التبادل الى «صفقة الانسحاب»؟!

لم يمر يوم واحد على صفقة التبادل مع «النصرة»، حتى عادت جبهة جرود عرسال الى السخونة مع إقدام الجيش اللبناني، وإثر رصده تحركات المسلحين، على استهداف هذه التحركات بقصف من المدفعية وراجمات الصواريخ موقعاً إصابات مباشرة في صفوف المسلحين.
ومع أن عملية رصد وتعقب حركة المسلحين تحصل بشكل يومي، إلا أن مغزى القصف أمس أن قواعد الاشتباك في هذه المنطقة الحدودية لم تتغيّر، وأن اتفاقية التبادل انتهت مفاعيلها أمس ولم تغيّر في الواقع على الأرض. وما قيل عن منطقة آمنة وهامش حركة لـ «جبهة النصرة» ليس صحيحاً…
وتقول مصادر عسكرية أن «الجيش يقوم بمهماته على أكمل وجه ومن حقه أن يتعامل بالنار مع أي تحرك مشبوه، حتى لا يشعر المسلحون بأنهم مرتاحون وبإمكانهم أن يخططوا لتنفيذ عمليات تستهدف أمن لبنان».
وإذ شددت المصادر على عدم وجود هدنة مع المسلحين، لفتت إلى أن «اتفاقية التبادل مع «جبهة النصرة» لا تنص على هدنة، إنما نصت على وجود منطقة آمنة في وادي حميد القريب من بلدة عرسال، والمنطقة الآمنة تعني أن تكون خالية من المسلحين، وبإمكان المدنيين اللبنانيين أن يتحركوا فيها بأمان من دون أن يكونوا مهددين»، وأعلنت أن «عملية الجيش حصلت في جرود عرسال بعيداً عن المنطقة الآمنة».
ما قامت به «النصرة» من استعراض للقوة أمام وسائل الإعلام سيكون ثمنه غالياً، سيرتد هذا الفعل «الدعائي» سلباً على تلك المجموعات بعد أن شاهد الرأي العام اللبناني بأم العين ما سبق وحذرت منه المقاومة من مخاطر مقيمة في عرسال وجرودها، وهذا سيسهّل في المرحلة اللاحقة إتمام وعد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بتحرير جميع الجرود من الإرهابيين، ما سيضع الدولة بأجهزتها السياسية والأمنية مجددا أمام استحقاق تفكيك لغم عرسال.
وتشير أوساط قيادية بارزة في 8 آذار الى أن المرحلة المقبلة ستشهد بداية وضع اللمسات الأخيرة على استكمال عملية تنظيف الجرود من المسلحين بعد أن كانت مسألة العسكريين عقبة رئيسية أمام إتمام هذا الأمر، إضافة الى تردد الدولة في اتخاذ قرارات حاسمة لوضع حد للفلتان الأمني في عرسال.
وبحسب تلك الأوساط، فإن هذا الخيار العسكري والأمني المفتوح تقابله ثغرة مهمة يمكن النفاذ منها، إذا أحسنت قطر كدولة راعية لتلك المجموعة المسلحة، استغلال القناة الإنسانية التي فتحت مع قيادة حزب الله لإقفال هذا الملف الشائك، فالدوحة قد تكون أمام فرصة سانحة لإخراج تلك المجموعات من حصارها في تلك المنطقة المعزولة، ومع فقدان القدرة على الاستثمار السياسي لوجودها هناك، قد تكون مسألة إخراجها الى مناطق في الشمال السوري خياراً متاحاً.
التطورات الميدانية في سوريا ستكون حاسمة لجهة تحديد الأولويات لدى المقاومة، ثمة معركة كبرى مترقبة في حلب وريفها وصولاً الى ريف إدلب، الوقت سيلعب دوراً محورياً لتحديد ماهية التطورات المرتقبة على الحدود اللبنانية – السورية، وما قد يكون مقبولاً اليوم قد يكون مستحيلاً القبول به في الأيام والأسابيع المقبلة، سيكون هناك الكثير من المتغيّرات، ولكن الثابتة الوحيدة أن حزب الله لن يتعايش طويلاً مع وجود تلك المجموعات في الخاصرة الشرقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق