سياسة لبنانية

موقف باريس من الملف الرئاسي اللبناني

تبدو الصورة من باريس بالغة التعقيد إذ يتعين من أجل السير في عملية انتخاب رئيس جديد التغلب على عقبات داخلية وخارجية على السواء. ويسود الاعتقاد في العاصمة الفرنسية أنه من غير توافق سعودي – إيراني سيكون من الصعب على فريقي 14 و8 آذار أن يتوصلا إلى التفاهم على انتخاب رئيس جديد لا يعد انتصاراً لفريق على آخر، وتفهم مسألة ترشيح فرنجية التي لم يعلن أحد رسمياً عن وجودها على أنها محاولة لإخراج الملف من عنق الزجاجة بعدما تبين أن عقدة عون لم ولن تحل طالما بقي حزب الله على موقفه. ويبدو الوزير السابق وليد جنبلاط من أشد الساعين لحل كهذا.
وتشدد المصادر الفرنسية، بالنسبة الى الملف الرئاسي اللبناني، على نقطتين لم تحد عنهما أبداً: الأولى، أن من مصلحة لبنان وما يهمها بالدرجة الأولى هو إخراجه من حال الفراغ المؤسساتي الذي من شأنه مضاعفة التهديدات التي تطأ بثقلها عليه، وهي أمنية وسياسية واجتماعية ولها وجهان بينان هما من جهة الإرهاب ومن جهة ثانية تواجد مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين يشكلون عبئاً ثقيلاً على بناه التحتية والخدمية وعلى المجتمع اللبناني بجميع مكوناته.
أما الأمر الثاني فهو أن باريس ليس لها مرشح محدد في لبنان وليس لديها (فيتو) على أي من المرشحين. وفي الأشهر الأخيرة أخذ الطرف الفرنسي يقول إن الوقت يدهم اللبنانيين وأن هناك حاجة لانتخاب رئيس بأسرع وقت، خصوصاً في ظل شلل مجلس الوزراء وغياب مجلس النواب وتراكم الأزمات الداخلية بجميع عناوينها.
وكان من المفترض أن يقوم الرئيس هولاند بزيارة إلى لبنان بعد النصف الثاني من الشهر الماضي، لكن العمليات الإرهابية التي ضربت باريس ليل 13 تشرين الثاني (نوفمبر) جعلت الاهتمام الرسمي ينصب على الحرب على «داعش» الذي تريد باريس القضاء عليه. وجاءت قمة المناخ لتستقطب اهتمام الدبلوماسية الفرنسية على كل المستويات، فضلا عن ذلك، كانت فرنسا تعول على زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني، إلا أن الأخير ألغى زيارته بسبب التطورات الأمنية في فرنسا.
أوساط فرنسية مسؤولة رحبت بأي اتفاق لبناني لانتخاب رئيس، وأكدت أنها لا يمكن أن تكون كررت على مدى ١٨ شهراً أن فرنسا لا تضع أي فيتو على أي مرشح للرئاسة في لبنان وأن ليس لها مرشح رئاسي، لتقول في اللحظة الأخيرة أن هذا مرشح غير مناسب، هذا فضلاً عن أن ليس لديها شيء ضد سليمان فرنجية.
وفي تقدير باريس أن انتخاب رئيس «بسرعة في لبنان ضروري، لأن تزايد خطورة ما يحدث في المنطقة عامل ضاغط كبير جداً، والناس في لبنان اعتادوا على الفراغ وعلى القول إن مشكلة انتخاب الرئيس لن تحل إلا بعد انتهاء الصراع السوري، وهذا كارثي للبنان. وإذا كان انتخاب الرئيس في لبنان لا يبعد البلد كلياً عما يحدث في سوريا، لكنه يتيح في المقابل أخذ القرارات العملية على رغم الأزمة السورية. وإذا تمت هذه التسوية بين الحريري وفرنجية ستظهر كتسوية من صنع لبناني. وتواجد الحريري على رأس الحكومة مع فرنجية رئيساً يعيد التوازن إذا اعتبر بعضهم أن مجيء فرنجية هو انتصار لبشار الأسد».
ورأت الأوساط الفرنسية أن «انتخاب فرنجية ممكن شرط أن يتمكن الحريري من التأكد من إمكان ممارسة الحكم في ظروف سياسية مضمونة ومقبولة». وسألت: «كيف يكون ذلك إذا كان القانون الانتخابي غير مناسب له»؟ ومسألة الثقة مهمة جداً في نظر باريس، «فهل سيتمكن فرنجية فعلاً، من أن يكون رئيساً للبنان وأن يبقي بلده على مسافة من النظام السوري؟».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق