سياسة لبنانية

كيف سيتعاطى عون مع اتفاق الحريري – فرنجية؟!

حتى الآن يلتزم العماد ميشال عون الصمت والهدوء ازاء هذا التطور المفاجىء في مسار معركة رئاسة الجمهورية، حتى أنه أوعز الى وزرائه ونوابه بعدم الإدلاء بأي مواقف وتعليقات حول لقاء باريس بين الحريري وفرنجية وما تمخض عنه من «اتفاق رئاسي»… ومما لا شك فيه أن عون «مصاب ومصدوم» بهذا الاتفاق. فما جرى استفزه في مشاعره ومصالحه: من جهة فرنجية لم يتشاور معه ولم يعلمه مسبقاً بحواره الجانبي مع الحريري، ولكن فرنجية يقول انه من باب المعاملة بالمثل فعون فعل الشيء نفسه عندما التقى الحريري سراً وتوصل معه الى اتفاق على الحكومة… ومن جهة أخرى يشعر عون بأن حركة فرنجية تسببت له بإحراج شديد وحشرته في زاوية خيارات صعبة لأنه يخوض معركة مفصلية هي في الواقع آخر معاركه الرئاسية والسياسية ولا تحتمل تنازلات… ولأن الصفقة الحاصلة لانتخاب فرنجية تتمتع بمصداقية ودينامية سياسية قوية. وإذا كان التصدي لها مكلف وغير مضمون النتائج، فإن الانخراط فيها مكلف أيضاً وإن كانت نتيجته مضمونة أكثر.
الخيارات المتاحة أمام العماد عون ليست كثيرة وإنما تنحصر في خيارين أساسيين ومتضادين:
-الاول:  هو الانضمام الى التسوية وتأييد فرنجية لرئاسة الجمهورية. وهذا التوجه لا يتبلور إلا بعد أمور عدة منها إعلان المستقبل رسمياً تأييده انتخاب فرنجية، بما يعني أن فرنجية قطع أكثر من نصف الطريق الى بعبدا، وتدخل حزب الله ناصحاً بانتخاب من لا يُعتبر  «ميشال سليمان آخر»، ومن هو في صلب الفريق السياسي المؤيد للمقاومة وعضو في تكتل الإصلاح والتغيير، وزيارة فرنجية الى عون للحصول على تأييده وبركته وللتأكيد أن الطريق الى بعبدا تمر عبر الرابية.
هذا الخيار يعني أن عون سيكون جزءاً من التسوية، وإذا لم يفز بالجائزة الكبرى سيُعطى جوائز ترضية وسيكون شريكاً أساسياً في العهد الجديد من خلال حصة حكومية وازنة وحقائب أساسية منها على سبيل المثال والتقدير: شامل روكز وزيراً للدفاع، جبران باسيل وزيراً للطاقة، والياس بو صعب نائباً لرئيس مجلس الوزراء… ومن خلال كتلة نيابية وازنة بدعم من حزب الله في الدوائر المسيحية التي فيها ثقل وتأثير شيعي، وبدعم من «الرئيس» فرنجية في الكورة والبترون…
– الثاني:  هو تمسك العماد عون بترشيحه الى رئاسة الجمهورية وعدم الانسحاب لمصلحة فرنجية والتصرف كأن شيئاً لم يحصل والاتفاق الذي حصل بين الحريري وفرنجية لا يعنيه… هذا الموقف يطرح، إضافة الى احتمال رفع درجة التنسيق مع الدكتور سمير جعجع، سؤالين: الأول عما إذا كان اعتراض عون، حتى لو كان اعتراضاً مسيحياً مزدوجاً يشارك فيه جعجع، كافياً لقطع الطريق أمام فرنجية وحرق ورقته؟! والثاني عما يمكن أن يفعله حزب الله في هذه الحال الاعتراضية وأي موقف يمكن أن يأخذه؟!
فمما لا شك فيه أن حزب الله يواجه أيضاً موقفاً حرجاً: من جهة هو ملتزم سياسياً وأخلاقياً بالعماد عون مرشحه الأول الى الرئاسة… ومن جهة أخرى هو لا يريد تفويت فرصة وصول حليف أساسي له الى الرئاسة، في حين أن فرص وصول عون الحليف الأول غير متوافرة… وما سيفعله حزب الله أنه سيعمل ما في وسعه لعدم خسارة عون أو حصول شرخ عميق في العلاقة معه لأن عون تحمل نكسات متكررة في معارك متتالية من قانون الانتخابات الى مجلس النواب الى قيادة الجيش ولكنه لا يستطيع تحمل خسارة في المعركة المصيرية الفاصلة بالنسبة إليه وهي معركة رئاسة الجمهورية.
ويمكن التقدير أن حزب الله سيتصرف على هذا النحو: الوقوف الى جانب عون والتضامن معه في ما يقرره، بما في ذلك قرار مقاطعة جلسة انتخاب فرنجية… فلن يبادر حزب الله الى ممارسة ضغوط على عون للتخلي عن ترشحه والتنازل لفرنجية ويترك له حرية القرار… ولكن حزب الله لن يبادر أيضاً الى ممارسة ضغوط لوقف جلسة انتخاب فرنجية وسيترك اللعبة تأخذ مجراها ومداها… وهذه الجلسة، في معركة رئاسية هي أولاً «معركة نصاب»، بات انعقادها ونصابها متوافراً حتى من دون نواب التيار الوطني الحر وحزب الله… لأن نواب المردة والطاشناق وإرسلان سيغادرون تكتل الإصلاح والتغيير للتصويت لفرنجية، ولأن حلفاء حزب الله من نواب القومي والبعث سيحضرون أيضاً، إضافة بالطبع الى كتلة بري التي لم تغب عن أي جلسة انتخاب مثلها مثل كتلة القوات اللبنانية…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق