سياسة لبنانية

لماذا أرجأ بري الحوار لأسابيع؟!

ثلاثية الحوار التي حددها الرئيس نبيه بري لثلاثة أيام متتالية، اقتصرت على يومين ولم تكمل يومها الثالث، وقرر الرئيس بري إرجاءها لفترة بعيدة نسبياً (حتى 26 الجاري) وجاء قرار التأجيل لأسباب عدة:
– الأول سبب تقني إذا صح التعبير ويتعلق بسفر الرئيس بري الى رومانيا في زيارة مرجأة منذ عامين ومشاركته في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الحادي والثلاثين في جنيف. وجلسة انتخاب الرئيس في 21 الجاري، وفي 22 يدخل مجلس النواب عقده العادي وسيكون هناك جلسة انتخاب اللجان المشتركة. والجلسة الحوارية المقبلة ستنعقد في عين التينة بعدما وافق الرئيس بري على طلب نقلها الى هناك من أجل تخفيف الإجراءات في وسط بيروت.
– الثاني يتعلق بالخلاف القائم حول الأولويات وجدول أعمال الحوار، إذ يصر تيار المستقبل وحلفاؤه على حصر الحوار في موضوع رئاسة الجمهورية بحيث لا يتم الانتقال الى أي بند آخر إلا بعد الاتفاق على الرئيس الجديد… وبالمقابل يرى بري وجنبلاط أن هناك أزمة حكم تستوجب حلاً متشعباً على طريقة «اتفاق الدوحة»، أي وفق مبدأ السلة الواحدة التي تتضمن: رئيس جمهورية وحكومة وقانون انتخابات، ما يستوجب أن يتناول الحوار كل المواضيع من دون استثناء وما يجعل أن حصره في الشأن الرئاسي لن يكون واقعياً ولا مجدياً.
– الثالث يتعلق بطبيعة ومضمون النقاشات التي استمرت ليومين، وتبيّن أنها تدور في حلقة مفرغة وأنها استنفدت كل ما يمكن بحثه في موضوع رئاسة الجمهورية لجهة «مواصفات الرئيس». وهذا بحث نظري عقيم لا يوصل الى نتيجة. فالمسألة ليست مسألة مواصفات وإنما مسألة حوار بين قوى ومصالح ومؤثرات خارجية.
– الرابع والأهم أن مسار الحوار مرتبط بالوضع الحكومي – السياسي وبكيفية تطور هذا الوضع في الأيام والأسابيع المقبلة إذا تأكد انهيار التسوية السياسية وانتقال العماد عون مدعوماً من حزب الله الى مرحلة التصعيد والخطوات التالية. وإذ ذاك سيكون استمراره في الحوار غير مضمون وسيتجه الى الانسحاب منه، خصوصاً وأن انخراطه فيه حصل بناء على تمنٍ من حزب الله لإظهار إيجابية وإعطاء مبادرة بري الفرصة اللازمة. ولكن عون يكتشف بعد جلسات استكشافية أن الحوار يأخذ الاستحقاق الرئاسي الى مكان آخر لا يناسبه للوصول الى «الرئيس التوافقي»، وأن تيار المستقبل يتخذ من طاولة الحوار وسيلة لمحاصرته سياسيا من دون أن يعطيه شيئاً…
ولذلك فإن بري فضل من جهة أن ينتظر ما ستؤول إليه الأوضاع والتطورات في الأسبوعين المقبلين في ثلاثية «الترقيات والنفايات والحكومة»، وارتأى من جهة أخرى أنه من الأفضل أن يعلن تأجيلاً لجلسات الحوار  من أن يعلن فشل الحوار فيما لو استؤنف اليوم من النقطة التي انتهى إليها ووصل الى «حائط مسدود».

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق