دولياتعالم

محمد جواد ظريف… «الدبلوماسية الباسمة»!

برز اسم محمد جواد ظريف في المحادثات النووية بين إيران والقوى الغربية بشكل كبير، وسيحتفظ تاريخ الدبلوماسية العالمية اليوم باسمه كوزير إيراني نجح في التوصل إلى اتفاق مع الغرب، وفتح صفحة جديدة في علاقات طهران بالعواصم الغربية. ظل ظريف طيلة المفاوضات محتفظا بابتسامته رغم الانتقادات التي كانت توجه له من الداخل والخارج.
 
حضر في قلب المحادثات النووية بين إيران والقوى الدولية الست اسم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف المبتهج دائماً، الذي أظهر بموجب التوصل للاتفاق النووي اليوم الثلاثاء قوة يطلق عليها الإيرانيون اليوم تعبير «الدبلوماسية الباسمة».

أنجح دبلوماسي حظيت به إيران منذ الثورة
أمضى ظريف فترات طويلة في الدراسة أو العمل في الولايات المتحدة، وكان بحاجة لدعم الرئيس الإيراني حسن روحاني والتأييد الحذر من جانب الزعيم الأعلى آية الله علي خامئني لحمايته من المعارضين في الداخل الذين شكل انعدام ثقتهم بالغرب معالم السياسة الإيرانية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وقال كريم سجادبور المحلل بمؤسسة كارنجي للسلام الدولي «ظريف هو أنجح دبلوماسي حظيت به إيران منذ الثورة»، وتابع بقوله «هو الرجل الوحيد في العالم الذي يستطيع أن يتحدث إلى (وزير الخارجية الأميركي) جون كيري في يوم ثم إلى علي خامنئي في اليوم التالي وأن يقنع كلاً منهما بأنه يشاركه وجهة نظره».

النهج المشابه لكيري
استطاع ظريف بوجهه الباسم وإتقانه اللغة الإنكليزية أن يبني علاقة وثيقة مع الدبلوماسيين الأجانب ولا سيما مع كيري الذي ينادي كل منهما الآخر باسمه الأول. وكان أبعد ما يكون ان تخلى عن النبرة التصادمية التي كانت سمة مسؤولي الجمهورية الإسلامية.
وقال جون ليمبرت، وهو نائب سابق لمساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون إيران، «عندما بدأ ظريف وفريقه المفاوضات في 2013 تغيرت الأجواء في الغرفة تماماً».
وتابع «لكيري وظريف نهج مشابه في الدبلوماسية. ما يثير إعجابي فيهما هو أنهما يدركان أهمية التحلي بالصبر. لديهما قدرة على الإنصات والمثابرة وعدم الاستسلام».
وأجرى ظريف اتصالات مباشرة مع مسؤولين أميركيين رغم أن ذلك كان من المحرمات السياسية في إيران، الأمر الذي خدمه بقوة خلال التسعينيات عندما شارك في مفاوضات لتحرير رهائن أميركيين احتجزتهم جماعة حزب الله اللبنانية الموالية لإيران في لبنان.

شخصية مثيرة للانقسام
تآلفه مع النهج الغربي جعله شخصية مثيرة للانقسام في إيران وانهال عليه المتعصبون بالانتقاد لحديثه المباشر مع أعداء الدولة.
وقال حسين رسام مستشار الشؤون الإيرانية السابق بوزارة الخارجية البريطانية «أمضى ظريف كل حياته الدبلوماسية تقريبا خارج إيران ولديه فهم جيد للشؤون الدولية، لكن هذه أيضاً نقطة ضعفه».
وأظهرت لقطات صورت سراً في أيار (مايو) وزير الخارجية الإيراني وهو يتجادل بغضب مع نائب وصفه بأنه خائن خلال جلسة برلمانية مغلقة. وفي الشهر الماضي حاول البرلمان الذي يهيمن عليه المحافظون أن يكبله باستصدار قانون جديد يفرض شروطاً على أي اتفاق نووي.
ووصفه بعض المتعصبين بالجبن لأنه كان يدرس في الولايات المتحدة خلال الثمانينيات بدلاً من الدفاع عن بلده خلال الحرب مع العراق والتي دارت من عام 1980 إلى 1988 حين كان صدام حسين يتمتع بدعم غربي وخليجي.

الدبلوماسية لا التشويه
كرر توم كوتون السناتور الجمهوري الذي يعارض الاتفاق النووي الأقاويل عينها عندما كتب تغريدة لظريف في نيسان (ابريل) قال فيها «اختبأت في الولايات المتحدة خلال حرب إيران والعراق بينما كان الفلاحون والأطفال يسيرون نحو الموت».
لكن ظريف رد بتهنئة كوتون على الابن الذي كان قد رزق به في الآونة الأخيرة وقال «الدبلوماسية الجادة وليس التشويه الشخصي الاستعراضي هو ما نحتاجه».
كان هذا مثالاً على ما وصفه حسين موسويان المفاوض النووي الإيراني السابق بأنه نهج ظريف القائم على عدم التوتر إطلاقا والذي طبقه في المفاوضات.
وبينما ساعد هذا النهج على التقريب بين ظريف ونظرائه الغربيين، كان حريصاً على ألا يتجاوز سلطاته ودائماً ما كان يرجع إلى خامنئي الذي كان يعتمد على دعمه.
وواجه ظريف انتقادات من نشطاء إيرانيين في نيسان (ابريل) عندما قال في مقابلة مع التلفزيون الأميركي إن إيران «لا تسجن الناس لآرائهم» في تلميح إلى أن الصحفيين والنشطاء المسجونين انتهكوا القانون.
وقال سجادبور إن ظريف «لا يملك سلطة وضع الأهداف الإستراتيجية الإيرانية، لكنه بارع في إبراز تلك الأهداف في سياق المصالح الوطنية وليس الأيديولوجية الثورية».
أما منتقدوه في الداخل الذين يتهمونه بتقديم مسألة تحسين العلاقات مع الغرب على تلك المصالح الوطنية، فلهم أن يقرأوا مذكراته الشخصية التي نشرت في عام 2013 تحت عنوان «السيد السفير».
كتب ظريف في مذكراته «ينبغي أن تبتسم دائماً في المساعي الدبلوماسية، لكن على ألا تنسى أبداً أنك تحادث عدواً».

رويترز/ أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق