سياسة لبنانيةلبنانيات

لماذا يقبل المنصوري ان يبدأ عهده بمخالفة القانون والقبول بالانفاق من مال الاحتياط؟

لماذا ايلول وهل طرح لودريان «اجتماع عمل» هو حوار كما يريده فريق من اللبنانيين؟

يطوي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عهداً استمر ثلاثة عقود، شهد خلالها الكثير من النجاحات والاخفاقات وانتهى به المطاف الى القضاء اللبناني والاجنبي. في وقت من الاوقات وصف بانه من انجح حكام المصارف، في فترات اخرى اتهم بالفساد وتبييض الاموال والاختلاس وغيرها وتبقى الكلمة الاخيرة للقضاء فاما يبرؤه وينصفه، واما يدينه ويحكم عليه.
واليوم يبدأ نظام مالي لا يمكن ان نقول عنه انه جديد، على يدي نائب الحاكم الاول وسيم منصوري. فهو كان شريكاً في هندسة الامور المالية في السنوات الاخيرة، ولم نسمع منه يوماً كلمة اعتراض على ما كان يجري. كثرت الشائعات في الايام الاخيرة حول قرار نواب الحاكم الاربعة، فمنهم من قال انهم سيقدمون استقالاتهم، والبعض الاخر قال ان خلافات دبت بين الاربعة حول القرار الذي يجب اتخاذه. وفي النهاية وبعد اجتماعات عقدت مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، طوى النواب الاربعة ورقة الاستقالة وبدوا مرتاحين الى الوعود التي قطعها لهم ميقاتي بتلبية مطالبهم مع العلم ان المطلب الاول هو تغطية قرارهم بالانفاق من المال الاحتياط حكومياً ونيابياً. وهناك ملاحظات حول هذا الشرط اولاً من غير المضمون ان يستطيع مجلس النواب عقد جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، لان العديد من الكتل المعارضة والتغييريين يرفضون ذلك ويعتبرون المجلس هيئة انتخابية وحسب. ثانياً: لقد كان على نائب الحاكم الاول ان يبدأ عهده باحترام قانون النقد والتسليف ولا يقبل بتمويل الحكومة من مال الاحتياط فامامها الكثير من الابواب التي يمكنها ان تؤمن نفقاتها منها دون المس بودائع الناس، التي لم يبق منها سوى النذر اليسير، بعدما سحبت الحكومات المتعاقبة منها حتى افلست اصحابها وضيعت عليهم جنى عمرهم. فالحكومات هذه لم تتعب نفسها يوماً في البحث عن مخارج. لقد اعتادت على الدوام على امرين: اولهما مد اليد الى جيوب المواطنين حتى افرغتها، لا بل مزقتها وثانيهما السحب من الودائع والانفاق بلا حساب على صفقات ومشاريع مشبوهة مغلفة بالفساد. وهكذا دفع المواطنون ثمن سياسات خاطئة وفاسدة ولا يزالون. ثم هل يضمن المنصوري ان الحكومة ستفي بالتزاماتها وتنفذ الاصلاحلات المطلوبة وقد مضى على وجودها في السلطة حوالي السنتين او اكثر ولم تنفذ بنداً اصلاحياً صحيحاً واحداً، رغم ضغوط صندوق النقد الدولي. ان الغموض هو عنوان المرحلة المقبلة مالياً فعسى ان تصدق الوعود وتصفى النيات وان كان المواطنون يشكّون بذلك، استناداً الى تحارب سابقة. فالمنظومة التي دمرت وافلست البلد لا يمكنها ان تحقق الاصلاح.
الوضع السياسي لا يقل غموضاً عن الوضع المالي. لقد رمى الموفد الفرنسي جان – ايف لودريان فكرة «اجتماع عمل»، وهو حوار سبق لمعظم الكتل ان رفضته لانه مضيعة للوقت فجاء به لودريان باسم اخر ولكن الجوهر واحد. فهل يكون الحل جدياً هذه المرة، ام انه سيكون استجابة لشروط فئة من النواب، طرحت الحوار وفق مفهومها، اي تعالوا حتى نقنعكم بوجهة نظرنا ونفرضها عليكم؟ مع العلم ان هذا الطرح يتعارض مع بيان اللجنة الخماسية الذي لم يأت على ذكر الحوار، بل اوصى بتطبيق الدستور والذهاب الى المجلس النيابي واختيار رئيس للبلاد.
لماذا قال الرئيس نبيه بري وبعده امين عام حزب الله ان كوة فتحت في جدار ازمة انتخاب رئيس للجمهورية؟ هل استندا الى طروحات واقعية تنهي التصلب في المواقف وتوصل الى نتائج ايجابية، ام استناداً الى الحوار الثنائي بين حزب الله والتيار الوطني الحر، الذي يتردد انه قطع مسافة نحو التفاهم وعودة الاتفاق، خصوصاً بعد تصريح رئيس التيار جبران باسيل الذي قال انه يقبل بان يختار فريق الممانعة رئيس الجمهورية الذي يريد، مقابل الحصول على اللامركزية، وقد رد رئيس حزب القوات على هذا الطرح بالقول ان اللامركزية موجودة في الدستور ولا تحتاج الى قوانين ولا الى مقايضات، فهل بدأت بعض المواقف تتبدل وهذا ما اعتمد عليه فريق الممانعة، وعطل الانتخاب حتى الساعة.
التعليقات كثيرة والتكهنات اكثر والحقيقة ضائعة وسط غموض يلف الوضع كله. ويتساءل البعض لماذا ارجأ لودريان البحث بمواصفات الرئيس حتى ايلول وكان بامكانه فعل ذلك اليوم؟ الا يعلم ان لبنان لا يملك ترف الوقت؟ على كل حال ما علينا الا انتظار ايلول فعسى ان يحمل معه التفاؤل والخير، والا فان المصير سيكون كارثياً. واذا كان الحوار المقنع والذي يحمل اسم اجتماع عمل هو تلبية لرغبات فريق الممانعة، فهل يمكن ان يؤدي الى انتخاب رئيس، ام انه سيزيد الامور تعقيداً؟ وهل ان فرنسا بعدما وقف افراد اللجنة الخماسية الاخرون ضد طرحها خرجت من الباب لتعود من الشباك، بمعنى انها لا تزال تتمسك بطرحها ارضاء لفريق الممانعة وخدمة لمصالحها؟ الغموض سيد المواقف ولعل الايام المقبلة تكشف المستور، وتدفع اللجنة الخماسية الى ايجاد حل قابل للتنفيذ ينقذ لبنان من هذه الكارثة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق