متفرقاتمن هنا وهناك

70 عاماً على انتحاره… ولا زال شبح هتلر مخيماً!

السكان بدأوا يواجهون الماضي وقد تخلوا مثلاً عن عادة تضليل السياح الراغبين بالوصول الى «منزل هتلر”»

بعد ستين عاماً على انتحار ادولف هتلر في الثلاثين من نيسان (ابريل) 1945، ما زال ظله ماثلاً في مدينة براونو-ام-اين مسقط رأسه غرب النمسا، حيث يسعى السكان للمصالحة مع هذا الارث الثقيل.

وعلى غرار كل عام، يحتشد العشرات من المناهضين للفاشية مرتدين سترات سوداء ونظارات شمسية في هذه المدينة الصغيرة الواقعة عند الحدود النمسوية مع بافاريا الالمانية، في تحرك لا يروق كثيرا للسكان الذين يرفضون ان توصم مدينتهم بالعار لمجرد ان هتلر ولد فيها.
والمبنى الكبير الذي ينظم التجمع امامه، هو المنزل الذي ولد فيه ادولف هتلر في نيسان (ابريل) من العام 1889، وهو يشهد على تاريخ لم تطو صفحته تماماً بعد.
واضافة الى هذا المنزل، تضم المدينة لوحة تذكارية لتكريم ضحايا النازية، الا ان ذلك لم يحل دون توجيه انتقادات لسلطات المدينة، ومنها انتقادات بانها تغض الطرف عن وجود بيت هتلر، كما تقول استريد هينز منظمة تجمع النشطاء المعادين للفاشية.
ومنعاً لتحول المنزل الى محجة للنازيين الجدد، وقعت السلطات النمسوية في العام 1972 عقد ايجار مع مالكته غرليند بومر، تدفع بموجبه اربعة الاف و800 يورو شهرياً على ان يستخدم البيت للنشاطات الثقافية والاجتماعية او الادارية، بحسب ما شرح كارل هينز غراندبوك المتحدث باسم وزارة الداخلية لوكالة فرانس برس.
وعلى ذلك، تحول «منزل هتلر» كما يسميه السكان المحليون، الى مركز رعاية للمعوقين، خصوصاً وان هذه الفئة كانت مستهدفة من النازيين.
بعد 35 عاماً، فسخ عقد الايجار حين رفضت بور اجراء اعمال تجديد ضرورية.
ومنذ العام 2011، صار هذا البيت ذو الطبقات الثلاث خالياً من الحركة، وهو ما يثير استياء السلطات التي انفقت منذ ذلك الحين 240 الف يورو بدل ايجار مبنى لا تستخدمه. وهي بدأت تفقد صبرها.
ويقول غراندبوك «لقد تقدمنا بعرض لشراء المنزل، ونفكر ايضاً في احتمال استملاكه».
يبدي كثير من سكان بروناو البالغ عددهم 17 الف نسمة، رغبة في ان يتحول البيت الى مركز لرعاية اللاجئين، ومنهم من يرغب في ان يقام فيه متحف عن تحرير النمسا.
اما مالكة المنزل، التي ورثته عن عائلتها المالكة له منذ اكثر من مئة عام فلم يقطعها سوى بضع سنوات من الحقبة النازية، فهي تلزم الصمت دائماً.
ويقول المؤرخ فلوريان كوتانكو «لقد ورثت المنزل، وهي تتقاضى المال، ولا تحترم بنود الاتفاق. كان بامكانها ان تفعل شيئاً تاريخياً، ان تسلم البيت للسلطات».
وعلى غرار الناشطين المعادين للفاشية الذين يتظاهرون كل سنة قبالة المنزل، يرى هذا المؤرخ ان المدينة يجب ان تتصدى لهذا التاريخ المظلم.
ويقول «تدمير المنزل او تفجيره لن يحل المشكلة لان السحر لن يذهب بذهابه، بل ان الناس يريدون ان يروا اين ولد هذا الرجل الذي كان قادراً على القضاء على جزء من الشعب في المانيا والنمسا وغيرهما».
لكن رئيس بلدية المدينة جورج فوياك يرفض وصمها لمجرد ان هتلر ولد فيها، ويقول «الناس هنا لا يستحقون ان يحملوا وصمة عار، فهذه المدينة لم تكن مسرح الجرائم النازية، وانما جريمتها الوحيدة ان هتلر ولد فيها».
وسواء رغب اهل المدينة ام لا، فانها ما زالت متصلة بالتاريخ النازي، ومن ذلك مثلاً انها مذكورة في الصفحات الاولى من كتاب «كفاحي» لهتلر.
لكن بحسب الكاتبة مونيكا راشوفر رئيسة تحرير احدى الصحف المحلية، فإن بعض السكان بدأوا يواجهون هذا الماضي ويتعاملون معه، وقد تخلوا مثلاً عن العادة التي كانت سائدة بتضليل السياح الراغبين بالوصول الى «منزل هتلر».
وتقول «حين يكون لدي ضيوف، اصطحبهم لرؤية منزل هتلر والنصب التذكاري لضحايا النازية، هذا جزء من تاريخ المدينة».

أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق