سياسة لبنانية

قراءة شيعية في «الحوار وتصعيد المستقبل»

كل المؤشرات تدل الى أن «الثنائي الشيعي» (حزب الله و«أمل») يريد الحوار مع تيار المستقبل ويحرص على استمراره كحاجة وضرورة للاستقرار الأمني والسياسي (استمرار الحكومة)، ونظراً للعواقب السلبية التي يمكن أن تنتج من فرط الحوار الذي أثبت على مدى ثلاثة أشهر، قدرته في الحد الأدنى على ضبط الاحتقان وتنفيذ إجراءات ما كانت لتمر لولا الغطاء السياسي الذي وفره الحوار السني – الشيعي.

ولكن الفريق الشيعي متضايق من الأجواء المتوترة والمؤشرات السلبية التي استجدت أخيراً وألقت بظلالها على عملية الحوار وأثارت شكوكاً حول مصداقيتها وجدواها، والمقصود بهذه المستجدات التصعيد السياسي في مواقف تيار المستقبل الذي انطلق مع خطاب البيال للرئيس سعد الحريري في 14 شباط (فبراير) وتواصل مع بيان البيال الذي تلاه الرئيس فؤاد السنيورة باسم قوى 14 آذار وتم التأكيد عليه في بيان كتلة المستقبل، كما برز من خلال تصريحات لوزير العدل أشرف ريفي أثناء وجوده في السعودية تضمنت اتهامات صريحة ومباشرة لم يحتملها حزب الله… هذه المواقف وغيرها اعتبرها حزب الله لا تنسجم مع مناخ الحوار ولا تخدم أهدافه وتعيد أجواء التشنج الى الشارع. وذهب الحزب الى أبعد من ذلك بأن أطلق الإشارة الأولى في اتجاه اتخاذ موقف في حال استمر الوضع على ما هو عليه، وبأن وضع تيار المستقبل أمام خيارين: إما وقف الخطاب التصعيدي عند حده، وإما وقف الحوار، مع ما يجر إليه من عواقب وتبعات…
في قراءة أوساط شيعية تدور في فلك الثنائي الحواري أن التصعيد السياسي من جانب تيار المستقبل ليس عرضياً وطارئاً، وإنما له مسببات وعوامل محركة تضعها هذه الأوساط في ثلاثة أطر رئيسية هي:
1- وجود مجموعة في المستقبل – لأسباب مختلفة سياسية وشخصية تتراوح بين معارضة الحوار والاقتناع بعدم جدواه، والشعور بالتهميش والإهمال – متضررة من الحوار وتحاول التشويش والتخريب عليه. ومن أبرز رموز هذه المجموعة الرئيس فؤاد السنيورة الذي في يده أوراق اللعبة البرلمانية ولديه نفوذ سياسي وإداري، والوزير أشرف ريفي الذي يضطلع بدور رأس الحربة في مناهضة إيران وحزب الله…
2- وجود مشكلة داخل تيار المستقبل ناجمة عن مزاج عام غير متقبل للحوار مع حزب الله وغير متكيّف مع هذا الواقع الجديد، خصوصاً وأن هذه النقلة السياسية النوعية لم يتم التحضير والتمهيد لها جيداً. وهذا ما يجعل أن الرئيس سعد الحريري يعيد رسم خطوط الحوار وسقفه والتذكير بالثوابت وبالملفات الخلافية و«ربط النزاع»، كما يجعله مضطراً لإرضاء جمهوره ومجاراة مواقف وتصريحات متشددة صادرة عن قيادات تياره، وهو ما يوحي بأن هناك تباينات ومراكز قوى داخل تيار المستقبل وكأن الحريري لم يعد يسيطر بالكامل ومن الخارج على الوضع… وسواء كان ما يجري خارجا عن إرادة الحريري ومن دون علمه أو عملية توزيع أدوار وبعلمه، فإن النتيجة في الحالين واحدة وهي أن هناك مشكلة داخلية في تيار المستقبل هي مشكلة الحريري ولا يسُأل عنها حزب الله.
3- وجود تغيير في السياسة السعودية ظهرت معالمه مباشرة بعد وفاة الملك عبدالله ويرتبط مباشرة بالوضع الجديد في اليمن. وهذا التغيير أدى الى تدهور إضافي في العلاقات الإيرانية – السعودية ورفع منسوب التوتر في المنطقة. ولقد أصبح التمدد الإيراني يتصدر اهتمام القيادة الجديدة في السعودية وليس أي شيء آخر. والخطاب السياسي لتيار المستقبل هو انعكاس وترجمة للموقف السعودي الجديد.
مجمل هذه الاتهامات والتقديرات السياسية الصادرة عن أوساط شيعية معنية بالحوار، لها ما يقابلها لدى المستقبل من اعتراضات واتهامات مضادة تتمحور حول ثلاث نقاط:
– حزب الله هو البادىء في التصعيد إن من خلال إقفاله البحث في ملف الرئاسة وفرضه انتخاب عون حلاً وحيداً لأزمة الرئاسة، أو من خلال سكوته المريب على تصريحات إيرانية «توسعية» طاولت لبنان ولا يمكن السكوت عنها.
– انخراط تيار المستقبل في الحوار يتم على أساس وجود حالة «اشتباك سياسي وربط نزاع» ولا يعني السكوت سياسياً وإعلامياً.
– لا وجود لمراكز قوى في تيار المستقبل، واللعب على تناقضات وتوازنات لا يفيد. ولا مجال للفصل وإيجاد شرخ بين السنيورة والحريري أو بين المستقبل و14 آذار…

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق