سياسة لبنانية

السفير الأميركي من لبنان الى باكستان: قرار سياسي أم إجرائي؟! مؤشر تغيير أم عدم اكتراث؟!

يعود السفير الأميركي ديفيد هيل الى بيروت بعدما أمضى أسابيع عدة في واشنطن للتشاور إثر تبلغه قرار نقله الى باكستان. وسيجري هيل زيارات ولقاءات وداعية مع كبار المسؤولين والسياسيين قبل مغادرته النهائية. وكانت الأوساط السياسية توقفت باهتمام عند قرار إنهاء فترة انتداب السفير الأميركي في لبنان ديفيد هيل ونقله  كسفير لبلاده في باكستان التي تعد واحدة من أهم المراكز الدبلوماسية بالنسبة الى واشنطن. ويأتي هذا القرار قبل أشهر من انتهاء فترة السنتين اللتين تشكلان فترة الولاية الدبلوماسية للسفير الأميركي في لبنان، واللتين تكتملان في أيلول (سبتمبر) المقبل. وعلم أن تسيير أعمال السفارة في بيروت خلال هذه المرحلة سيتولاه القائم بالأعمال بالوكالة مارك دو جاردان الى حين تعيين خلف للسفير هيل، هذا التعيين الذي يبدو متأخراً ولا تنطبق عليه صفة الإلحاح.
وقد بدا التناقض واضحاً في الأوساط السياسية حيال قراءة القرار الأميركي. فثمة من رأى فيه ترقية للسفير هيل باعتبار أن باكستان دولة مهمة جداً في السياسة الخارجية الأميركية وقد شغر موقع السفير فيها، فكان اختيار هيل لهذا الموقع نظراً الى الكفايات التي يتمتع بها والتي تبرز في سيرته الذاتية، فيما ذهب البعض الآخر الى ربط المغادرة بقرار أميركي بتخفيف اللهجة المتشددة التي عكف عليها هيل حيال حزب الله وإيران. والقرار الأميركي يأتي بعد بضعة أيام على موقفه الناري من حزب الله والذي حمّله فيه مسؤولية الضرر على الاستقرار اللبناني الناجم عن انتهاكه لسياسة النأي بالنفس، فضلاً عن تحميله الحزب مسؤولية غير مباشرة في تعطيل الاستحقاق الرئاسي.
قرار نقل السفير الأميركي في لبنان ديفيد هيل من لبنان الى باكستان قبل انتهاء ولايته في أيلول (سبتمبر) المقبل، طرح علامات استفهام وتساؤلات حول التوقيت، الذي جاء بعد البيان المكتوب الذي تلاه هيل قبل أكثر من أسبوعين من وزارة الداخلية، وهاجم فيه حزب الله على مسمع من الوزير نهاد المشنوق عضو وفد تيار المستقبل الذي يحاور الحزب، في الوقت الذي يحاور فيه وزير الخارجية الأميركية جون كيري نظيره الإيراني محمد جواد ظريف على البرنامج النووي الإيراني أولاً، ثم على قضايا المنطقة ثانياً، وفي طليعتها الإرهاب الذي تتشارك الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأميركية على محاربته كل بأسلوبه وتحالفاته.
فهل خرج هيل عما رسمته إدارته له بعد أن كان يسير وفق سياستها الانفتاحية، فجاء قرار نقله بعد بيانه الذي لا يخدم الاستقرار في لبنان، بل يحرّض على حزب الله كمكوّن أساسي في المجتمع اللبناني، وينسف الحوار القائم مع تيار المستقبل، حيث للمكان الذي آذاع فيه بيانه رمزية وهو وزارة الداخلية التي كان وزيرها نهاد المشنوق أول من انفتح على الحوار مع حزب الله والداعي له؟
وفي حين تقول مصادر دبلوماسية أميركية في عوكر إن القرار هو إجرائي لا سياسي، تذهب مصادر أخرى الى إعطائه بعداً سياسياً والقول إن هوية السفير الجديد ستحدد اتجاه السياسة الأميركية المقبلة حيال لبنان من ضمن التوجه الأميركي الإقليمي، وينتظر أن يتعزز هذا الاتجاه بعد بلورة الاتفاق الأميركي – الإيراني. ويقول آخرون إن المسألة قد تكون أعمق وأبعد من مسألة نقل سفير من مكان الى مكان، ما جعلهم يخشون أن يكون قرار إخراج السفير الأميركي من لبنان، إخراجا للبنان من دائرة الاهتمامات الأميركية وإعلانا أميركيا صريحا بأن لبنان – وبرغم الكم الهائل من المشكلات فيه – ليس ضمن سلم أولويات الإدارة الأميركية، وإن وجد ففي درجاته السفلى. وهل نقل هيل تعبير عن سياسة أميركية جديدة، أم هو تعبير عن قلة الاكتراث الأميركي بالوضع اللبناني، وبالتالي ترك الساحة اللبنانية لمصيرها حتى إشعار آخر؟! ولماذا لم تنتظر واشنطن انتخاب رئيس جديد للجمهورية لتعيّن سفيراً جديداً، أم هذا التعيين متأخر مثله مثل انتخاب الرئيس؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق