تحقيق

ما علاقة عالمة الغذاء اللبنانية أميرة قصيص برحلة «سولار إمبلس» حول العالم؟!

هل تتخيلون أن ثمة علاقة، أو أن ثمة علاقة قد تكون، ما بين الطاقة الشمسية والغذاء؟ وهل تتخيلون ماذا قد يضيف إنضمام عالمة غذاء الى طاقم طائرة تحلق على الطاقة الشمسية؟
أميرة قصيص، اللبنانية، هي عالمة التغذية، ومن الإمارات العربية المتحدة، من أبوظبي بالتحديد، ستنطلق خلال أيام أول رحلة حول العالم في طائرة «سولار إمبلس» يقودها طيارون سويسريون سيتناولون غذاءاً خاصاً يُمكنهم من تخطي كل التحديات. فليست الشجاعة وحدها تحدياً ولا الإصرار والمثابرة فقط بل في الغذاء أيضاً ما قد يجعل النبض يخفق آمالاً وأحلاماً وتصميماً ونجاحاً.
وفي التفاصيل، أن قصيص التي انضمت عام 2008 الى مركز نستلة للأبحاث والتطوير كعالمة تغذية متخصصة في مجال الطاقة والصحة الأيضية، باشرت منذ العام 2010 بالعمل، عبر مركز نستلة للأبحاث والتطوير، مع فريق عمل «سولار إمبلس» لتطوير برنامج غذائي خاص بالطيارين يُساعدهم على التحكم بالوزن وبمعدلات الغلوكوز في الدم وصحة القلب والأوعية الدموية.
ستُزود قصيص إذا الطيارين وجبات تجعلهم يستمتعون بمغامرات فريدة وتحمل الظروف القاسية.
في كل حال، يُتوقع ان تستغرق الرحلة خمسة أشهر، وتُحلق 500 ساعة، وتقطع 35 ألف كيلومتر، على أن تتضمن محطات وقوف في الصين والهند والولايات المتحدة الأميركية وهاواي عابرة المحيطين الأطلسي والهادىء على ان تنتهي مجدداً في أبوظبي.   
سيختبر العالم إذا خلال الأشهر الخمسة المقبلة حدود قدرة الإنسان على مواجهة ظروف قاسية بغذاء سليم وإرادة صلبة وفنجان… نيسكافيه وبلا قطرة وقود واحدة!

500 ساعة طيران في السماء بلا قطرة وقود واحدة!
ومن المفترض ان تنطلق الطائرة التي تجذب اهتماماً عالمياً كبيراً وتهدف الى اثبات القدرة على الطيران ليلاً ونهاراً بالطاقة الشمسية من دون استخدام الوقود الاحفوري، يوم السبت، الا ان الامور تبقى رهن تطورات الطقس.
وشرح الطيار السويسري برتران بيكار، وهو مؤسس المشروع مع زميله ومواطنه اندريه بروشبيرغ، بعيد انهائه الرحلة التجريبية الثالثة في العاصمة الاماراتية «ان كان الطقس مناسباً، سنطير نهاية الاسبوع وسنحلق شرقاً لمسافة 35 الف كيلومتر الى ان نعود مجدداً الى هنا» بعد خمسة اشهر من بينها 25 يوماً من التحليق.
وتدعم حكومة ابوظبي وشركة مصدر التابعة لها والمتخصصة في الطاقات المتجددة، هذا المشروع الذي ولدت فكرته قبل 12 عاماً في سويسرا، وبات يختزل اليوم احدث ما توصلت اليه التكنولوجيا في مجال الطاقة الشمسية والطيران.
وقال بروشبيرغ ان اختيار ابوظبي سببه عملاني بقدر ما هو متعلق بالدعم والاستضافة من قبل الامارة، وبالعلاقة القديمة بين بيكار وولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وذكر الطيار ان «هذه المنطقة من العالم ومن الشرق الاوسط تعد افضل مكان للانطلاق في هذه الرحلة اذ انها تسمح لنا بالتحليق فوق الهند والصين في فترة مبكرة (لتجنب موسم الامطار) وبالعودة خلال الصيف في ظل طقس جيد نسبياً».
واضاف «بعد ان قمنا بالكثير من عمليات المحاكاة ومن الدراسات، خلصنا الى انه يتعين علينا ان نكون هنا».
وتستغرق الرحلة خمسة اشهر تطير خلالها الطائرة مسافة 35 الف كيلومتر مع التوقف في محطات عدة لفترات متفاوتة، على ان تشكل كل محطة فرصة للتفاعل مع المجتمعات المحلية والترويج للطاقة المتجددة.

وتحلق الطائرة بسرعة متوسطة تناهز مئة كيلومتر في الساعة، وهي بالرغم من اجنحتها العملاقة (72،3 متر) التي تتجاوز من حيث طولها اجنحة طائرة بوينغ 747، لا تحمل الا طياراً واحداً ولا يزيد وزن مقصورتها عن وزن سيارة، وبالتالي يتناوب بيكار وبورشبيرغ على قيادتها في كل محطة.
وبعد ابوظبي، تتوقف الطائرة في سلطنة عمان ثم في احمد اباد وفاراناسي في الهند، ثم في ماندالاي في بورما ثم في شنونغ كينغ ونان جينغ الصين.
وبعد الصين، تتجه الطائرة عبر المحيط الهادىء الى هاواي من ثم الى ثلاثة مواقع في الولايات المتحدة، بما في ذلك مدينتا فينكس ونيويورك حيث ستجري الطائرة محطة رمزية في مطار كينيدي.
وبعد ذلك تعبر الطائرة المحيط الاطلسي في رحلة تاريخية اخرى قبل ان تتوقف في جنوب اوروبا او شمال افريقيا بحسب المعطيات المناخية، ثم تعود الى ابوظبي.
وستكون اطول الرحلات فوق المحيطين الهادىء والاطلسي، وسيتيعن على الطيارين اختبار حدود قدرة الانسان على العيش في مساحة صغيرة نسبياً لفترة طويلة تصل الى اسبوع دون توقف.
ولم يقرر الطياران بعد من سيقود الطائرة في المرحلة الاولى من الرحلة قبل ان يبدأ التناوب بينهما.
ويتطلب الاستعداد للرحلة الكثير من التمارين الجسدية لمحاكاة طبيعة تفاعل الانسان مع البقاء في الطائرة لايام عدة.
وقال بيكار «نحن مستعدون جسدياً، واندريه يستعد من خلال اليوغا ومن خلال التنويم المغناطيسي الذاتي» الذي يسمح له بان يغط في سبات قصير نسبياً لكن يعطي انطباعاً للشخص بانه غفا لفترة طويلة.
لكن «من المؤكد ايضاً ان الطيران بالطاقة الشمسية حول العالم امر يعد مستحيلاً حتى الآن ولم يقم احد بذلك من قبل. انها محاولة تاريخية… وهي صعبة جداً جداً ومليئة بالتحديات».
وفي كل الاحوال لن يكون بيكار وبورشبيرغ لوحدهما في الهواء، بل يحظيان بدعم فريق ضخم مؤلف من 130 شخصاً يعملون على مدار الساعة.
وقال بيكار «هناك 65 شخصاً سيسافرون معنا (في طائرة عادية) طوال الرحلة، وهناك 65 شخصاً آخرين في مركز القيادة في موناكو حيث يتمركز خبراء الطقس والمهندسون الذين سيجرون تجارب المحاكاة على المسارات ويساعدوننا عندما نكون في الجو».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق