سياسة لبنانية

التفاصيل الكاملة لسقوط «امارة» الاسلاميين في سجن روميه

قبل العملية الامنية التي نفذتها وزارة الداخلية في سجن روميه اكبر السجون اللبنانية كان يتواجد فيه اهم مركز عمليات للارهابيين الاسلاميين. مستفيدين من الخلاف السياسي بشأنهم ومن دعم بعض القوى السياسية والامنية لهم، عمد السجناء الاكثر خطورة، وبانتظار محاكماتهم على مدى سنوات، الى فرض قانونهم على السجن.

بدأت العملية عند الساعة 6،30 صباحاً. 240 ضابطاً وعنصراً ورجل  مخابرات كانوا ينتظرون في الخارج. كان كل شيء قد اعد منذ مساء اليوم السابق بعد عشرات المكالمات الهاتفية التي اجراها وزير الداخلية نهاد المشنوق. العماد جان قهوجي قائد الجيش وضع الوحدات الخاصة في حالة تأهب تحسباً. مدير شعبة المعلومات عماد عثمان قدم العناصر اللازمة للعملية، بالتعاون مع مسؤول غرفة العمليات في قوى الامن الداخلي حسام التنوخي، مدير مكتب الامن العسكري للمخابرات والمعلومات في قوى الامن سعيد فواز وقائد وحدة القوى المتحركة عبدو نجيم. والهدف نقل مئات المعتقلين من المجمع ب الى المجمع د وتفتيش زنزانات المجمع ب واحدة واحدة.
في الطبقتين الاولى والثانية جرت العملية بهدوء وسط دهشة الجميع. غير ان الجحيم كان ينتظرهم في الطبقة الثالثة حيث كان يتجمع الاسلاميون الاكثر خطورة. قد يكونون مسلحين او والاسوأ، ان يكونوا قد وضعوا عبوات ناسفة في الجدران. هذا ما كان يخشاه المسؤولون. عندما دخل الضباط الطبقة الثالثة عمد الرجال الاكثر خطورة الى احراق الامتعة وهذه مقاومة هزيلة بالنسبة الى اسلاميين سيطروا منذ العام 2009 على السجن وحولوه الى امارة لهم. كانوا مدعومين بغطاء سياسي ولكنهم في ذلك اليوم ادركوا ان داعميهم تخلوا عنهم. على الفور بدأ «الامراء» يفاوضون. وتقدم احدهم وهو اليمني سليم صالح ويدعى ابو تراب وهو خبير متفجرات وطلب وسيطاً سياسياً، فرفض الضباط وهددوا بالتحرك خلال عشر دقائق، اذا لم يستسلم المعتقلون لنقلهم الى مكان آخر. فاحتج المعتقلون ورموا رجال الامن بالحجارة وانتهى الامر بهم ان دخلوا الى زنزاناتهم. في ذلك الجناح من السجن سار السجناء في ممر وفتحت ابواب الزنزانات.
سجين آخر تولى الكلام وعرض نفسه كوسيط. ومن جديد رفض رجال الامن الذين عمدوا الى اختيار الرجال المنوي نقلهم. وطلب الضباط منهم رفع ايديهم خوفاً من ان يكونوا خبأوا سلاحاً تحت ثيابهم. وبعد تسع ساعات اكتملت العملية بنجاح. ثلاثة ضباط اصيبوا بجروح طفيفة. اما المعتقلون فبعد خروجهم توزعوا على 180 زنزانة في المجمع د فيما وضعت ابواب بين المعتقلين الاقل خطراً. العملية تتابعت على مدى الاسبوع كله ولكن على« عكس المعلومات التي وصلت الى المسؤولين لم يكن هناك اي سلاح في المجمع ب.

الامارة الصغيرة في المجمع ب
صباح اليوم التالي توجه وزير الداخلية نهاد المشنوق لتفقد المجمع ب الذي اصبح فارغاً من نزلائه. اما الكاميرات التي صورت المكان فاظهرت ان السجن كان اشبه بزريبة منه كمكان للعقاب وفق الاسس العالمية. على الجدران مئات الرسوم في الممرات اكياس سوداء من البلاستيك، زجاجات، اوساخ من كل الانواع تغطي الارضي. وفي الزنزنات، الارض مغطاة بالملابس والامتعة تعمها الفوضى.
في الطبقة الثانية، صالون حلاقة مع امواس ومقصات وماكينات كهربائية وقد وضع السجناء مقهى صغيراً فيه رف وضعت عليه اكياس البن ومدفأة صغيرة. هذا المجمع ب كان قد اصبح قرية صغيرة بدون اقفال والممرات تحولت الى شوارع مزدحمة.
في روميه لم يكن الاسلاميون سياحاً. بعض المعتقلين كانوا على علاقة بجريمة جبل محسن كما اشار الوزير نهاد المشنوق. كل الملفات والتحقيقات حول التفجيرات التي هزت البلاد منذ خمس سنوات تدل على ان المنفذين كانوا على اتصال مع السجناء. عشرات عمليات الخطف التي جرت خلال السنوات الماضية على الارض اللبنانية كانت من تدبير رجال عصابات في سجن روميه فكيف حصلوا على الهواتف وعلى الاتصالات الالكترونية؟
طبعاً حصل ذلك بضغط على ادارة السجن اما عبر الاسلاميين الذين اخافوا المراقبين بتوجيه التهديد اليهم او عبر رجال فاسدين سهلوا وصول كل ما يحتاجون اليه.
والمجمع ب استقبل الاسلاميين منذ سبع سنوات وعددهم 279 شخصاً تقريباً واكثرية الاسلاميين لم يكونوا قد خضعوا للمحاكمة بعد. واي زائر كان بامكانه ان يوصل اي شيء الى السجناء.
العملية الامنية التي قادها الوزير نهاد المشنوق وقائد الدرك الياس سعاده يساعده جهاد حويك، وقائد المغاوير شامل روكز، وآمر السجن غسان معلوف تمت بنجاح. تيار المستقبل الذي عارض في السابق هذه العملية دفاعاً عن الشارع السني بدّل موقفه. الوزير المشنوق كان على اتصال دائم بالرئيس سعد الحريري الذي اعطى الضوء الاخضر. «ان عملية سجن روميه هي نتيجة الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله» هذا ما علق به الرئيس نبيه بري. كل الاطراف السياسية رحبت بهذه العملية النوعية الناجحة.

جوليان ابي رميا

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق