أبرز الأخبارسياسة عربية

الحل الاممي لتجميد القتال في سوريا يراوح مكانه: «النصرة» تتقدم في ادلب، وتتراجع في حلب

بينما يواصل المبعوث الاممي الى سوريا تسويق خطته الرامية الى تجميد القتال، املاً بالتوصل الى حل، وطموحاً بالتفرغ لقتال داعش، تشير المعطيات الميدانية الى تصاعد حاد في المواجهات بين جبهة النصرة وجيش النظام، والى حدوث اختراقات واضحة في المواقع التي تخضع لسيطرة الطرفين.

وفي الوقت نفسه، تشير المعطيات الى ان المواجهة مع تنظيم داعش باتت تأخذ اشكالاً عديدة، ابرزها سيطرة التنظيم على مواقع النفط. ودخول عالم تجارة الذهب الاسود، وفتح قنوات تجارية مع بعض الدول، وخصوصاً تركيا التي تتحدث بعض المصادر عن ابرامها صفقات لشراء النفط السوري المنتج من ابار سورية باسعار محروقة.
فالتقارير تتحدث عن معارك ضارية تتواصل بين قوات النصرة، وجيش النظام في ريف ادلب. وفي هذا السياق، قتل حوالي مئتي جندي سوري ومتشدد خلال اربع وعشرين ساعة لدى سيطرة جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) على معسكرين للجيش السوري النظامي الاثنين في شمال غرب سوريا.

اسر 120 جندياً
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان ما لا يقل عن 120 جندياً سوريا في القوات النظامية وقعوا في قبضة جبهة النصرة.
وبذلك تكون جبهة النصرة التي تؤازرها مجموعتان متطرفتان وجهت ضربة للنظام السوري عندما سيطرت خلال ساعات على معسكر وادي الضيف ومعسكر الحامدية في ريف محافظة ادلب شمال غرب البلاد والمتاخمة للحدود التركية.
واثر هذا الهجوم الذي بداته الجبهة يوم الاحد قتل اكثر من 100 عنصر من الجيش النظامي و80 متشدداً خلال المعارك وعمليات القصف وانفجار الالغام التي زرعها المقاتلون في كلا المعسكرين.
وبحسب مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، وقع 120 جندياً سورياً في قبضة الجبهة فيما فر نحو مئة جندي على متن سيارات او على الاقدام نحو بلدة مورك في محافظة حماة الواقعة جنوب محافظة ادلب. واصبحت غالبية محافظة ادلب بذلك تحت سيطرة جبهة النصرة.
من جهة ثانية اعلن المرصد ان خمسة من قادة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) قتلوا في غارة جوية للجيش السوري على مدينة الميادين في شرق سوريا.
وقال عبد الرحمن ان من بين الخمسة تونسيين وكويتياً كانوا مجتمعين في مستشفى في المدينة حولها التنظيم الى ثكنة.
ومع ان التنظيمين متقاربان عقائدياً فهما يتحاربان على الارض. وفي حين يسيطر داعش على شرق البلاد وقسم من شمالها فان جبهة النصرة تسيطر بشكل خاص على شمال غرب البلاد.

غارات جوية
واعلن المرصد السوري ايضاً ان غارات للطيران السوري اوقعت ما لا يقل عن 13 قتيلاً من المدنيين في حي الوعر في حمص في وسط البلاد.
واضاف المصدر نفسه ان من بين القتلى عضواً في الوفد الذي كان يجري مفاوضات مع الحكومة للحصول على وقف لاطلاق النار في هذا الحي. ويعتبر حي الوعر في حمص اخر موقع لمسلحي المعارضة في هذه المدينة.
وبخسارة دمشق للموقعين الاستراتيجيين في ريف إدلب في شمال غربي البلاد يكون النظام السوري قد تلقى ضربة قاصمة. ذلك ان الموقعين يعتبران من الاهمية الاستراتيجية الى الدرجة التي يصنفها محللون عسكريون بانه فك ارتباط بين منطقتي الساحل والمناطق الغربية من جهة، والعاصمة دمشق من جهة ثانية.
ومن شأن التطورات الأخيرة أن تخلط الأوراق وتؤثر على خطة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ويرى خبراء أن سقوط المعسكرين سيجعل من الصعب على القوات النظامية استعادة مدينة معرة النعمان، الخاضعة لسيطرة المعارضة منذ 2012، والتقدم نحو الشمال من وسط البلاد، وتحديداً حماة، وستفتح السيطرة عليهما الطريق أمام «جبهة النصرة» لتوسيع نفوذها في هذه المنطقة.
كما أن خسارة المعسكرين الاستراتيجيين قد تعبِّد الطريق أمام «جبهة النصرة» والكتائب الإسلامية الأخرى للتقدم نحو مدينة إدلب، وهي المدينة الوحيدة المتبقية تحت سيطرة النظام في هذه المحافظة، أو حتى حماة جنوباً. وقال خبراء إن هذا التطور يعتبر «ضربة كبيرة» لقائد عمليات القوات النظامية العقيد سهيل الحسن الملقب بـ «النمر»، الذي كان يسعى إلى ربط ريف حماة بإدلب. وخلال هجومها على معسكر وادي الضيف استخدمت جبهة النصرة دبابات وأسلحة ثقيلة أخرى كانت قد استولت عليها الشهر الماضي من «جبهة ثوار سوريا»، بينها صواريخ «تاو» الأميركية.

موقعان مهمان
في المقابل، وبينما خسر النظام موقعين مهمين في ريف ادلب، صعّد الجيش السوري عملياته في ريف حلب لتضييق الخناق على المعارضة في المدينة قبل بدء التفاوض لتطبيق خطة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، وسط مطالبة الائتلاف الوطني السوري المعارض بتوسيع تجميد القتال إلى جنوب البلاد حيث تحقق المعارضة مكاسب عسكرية، في وقت أفيد عن «تقهقر» عدد من حواجز الجيش أمام هجمات المعارضة في ريف إدلب شمال غربي البلاد.
وتزامن ذلك مع إعلان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي دعمهم خطة دي ميستورا القاضية بوقف إطلاق النار في حلب، واتفقوا في ختام اجتماع في بروكسيل على أنها تشكل «بصيصاً من الأمل» لإيجاد حل سياسي للأزمة.
وفي السياق، اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن بلاده  متفائلة حيال احتمالات تجدد المحادثات بين المعارضة والحكومة السورية في وقت مبكر من العام المقبل.
وتمارس موسكو – الحليفة للنظام السوري- ضغوطاً من أجل إعادة إطلاق المحادثات التي انهارت في جنيف بسويسرا في شباط (فبراير) الماضي ودعت وزير الخارجية السورية وليد المعلم لزيارة موسكو بعد زيارة مماثلة قام بها أحد قادة المعارضة السورية السابقين في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وقال لافروف، «ما نسمعه من أغلب محاورينا من المعارضة ومن الحكومة السورية يمكننا أن نتفاءل بمحاولة تجربة عملية تتمثل بإجراء المحادثات في وقت مبكر من العام المقبل على الأقل».
وأضاف لافروف أنه يتعين على الجماعات المعارضة السورية أن تتوافق فيما بينها على نهج مشترك قبل أن تبدأ المحادثات المباشرة مع الحكومة السورية.
ولم يحدد لافروف أي جماعات معارضة يجب أن تشارك في المحادثات.
وفي سياق منفصل نقلت وكالة تاس للأنباء عن مساعد وزير الخارجية الروسي جينادي جاتيلوف قوله إن موسكو تأمل أن تنعقد المحادثات في أواخر شهر كانون الثاني (يناير).

مبادرة دي ميستورا
وفي مبادرة منفصلة اقترح مبعوث الأمم المتحدة للسلام في سوريا ستيفان دي ميستورا خطة عمل لتطبيق اتفاقات موضعية لوقف اطلاق النار في عدد من المناطق التي تمزقها الحرب الأهلية السورية مقترحاً ان يبدأ تطبيق الإقتراح في حلب – ثاني أكبر مدينة في سوريا.
وفي سياق المشروع الاممي، عقد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل اجتماعاً مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسوريا ستيفان دي ميستورا، الذي يزور الرياض حالياً، عرض خلاله الاخير خطته التي تهدف إلى تجميد القتال في حلب.
وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إن الجانبين السعودي والمبعوث الأممي بحثا عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك في حضور الممثل المقيم للأمم المتحدة لدى المملكة السفير اشوك نيقام.
إلا أن مصادر دبلوماسية في الرياض قالت أن دي ميستورا عرض على الأمير سعود الفيصل خطته التي تهدف إلى تجميد العمليات العسكرية في حلب السورية تحت إشراف مراقبين دوليين.
وكانت صحيفة «الحياة» اللندنية نقلت عن مصادر دبلوماسية غربية الأحد  قولها إن الولايات المتحدة الأميركية ودولاً أوروبية تطالب بتأمين مراقبين للإشراف على تنفيذ خطة المبعوث الدولي إلى سوريا والتي  تهدف الى تجميد القتال في حلب.
وكان دي ميستورا اعتبر الأسبوع الحالي أن مدينة حلب المقسمة بين مناطق موالية للنظام وأخرى للمعارضة منذ تموز (يوليو) 2012 يمكن أن تكون مرشحة لإقامة منطقة كهذه، ومنذ ذلك الحين تفاوض في هذا الصدد مع النظام وممثلين عن المعارضة. واجتمع دي ميستورا في الآونة الأخيرة مع جماعات معارضة سوريا لنيل دعمها للخطة، بينما تقول المعارضة وبعض الدبلوماسيين والمحللين إن المبادرة محفوفة بالمخاطر، وإن حلب قد تواجه مصير حمص بوسط البلاد حيث استعادت  قوات النظام السيطرة على معظم المدينة.

واردات النفط
من جهتها اتخذت الحكومة السورية  خطوات لضمان أن تستمر واردات النفط من إيران في تلبية احتياجاتها مع اقتراب فصل الشتاء.
وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء إن رئيس الوزراء وائل الحلقي زار طهران لمناقشة سبل ضمان وصول المنتجات البترولية من إيران إلى السوق السورية بسلاسة.
وقد انخفض انتاج النفط في سوريا التي تخضع لعقوبات أميركية وأوروبية انخفاضاً شديداً منذ بداية الحرب قبل نحو أربعة أعوام واستولى مقاتلو المعارضة على الكثير من منشآت الطاقة.
وتعتمد سوريا على واردات النفط والمنتجات البترولية من إيران أحد حلفائها الرئيسيين في الحرب.
وقالت الوكالة السورية إن الجانبين ناقشا «توريد المنتجات البترولية من خلال ضمان الوصول المنتظم للناقلات إلى الموانىء السورية».
واضافت أن هذا يهدف إلى ضمان تلبية احتياجات الشعب السوري وتفادي أي نقص في هذه المنتجات.
وفي تموز (يوليو) من العام الماضي قدمت إيران للحكومة السورية تسهيلات ائتمانية بقيمة 3،6 مليار دولار لشراء منتجات بترولية وفقاً لما قاله مسؤولون ومصرفيون في ذلك الوقت. وتحدث الحلقي مع وفد من المسؤولين الإيرانيين يرأسه النائب الأول للرئيس إسحق جهانغيري الذي قال إن إيران حريصة على المساعدة في جهود إعادة الإعمار في سوريا.
وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإيرانية إن الحلقى إلتقى أيضاً بالرئيس الإيراني حسن روحاني الذي جدد دعوته للحوار والمفاوضات لإنهاء الأزمة السورية.
وأجرى الحلقي محادثات مع علي شمخاني أكبر مسؤول أمني في ايران وممثل الزعيم الأعلى الإيراني في مجلس الأمن القومي.
وسبق ان أرسلت إيران مستشارين عسكريين لمساعدة الحكومة السورية في الحرب.
وقالت الوكالة السورية إن الجانبين وقعا على اتفاقات لتسهيل تدفق البضائع الإيرانية إلى اسواق سوريا ومنها قطع الغيار للمصانع والمعامل وأنهما أكدا على توسيع التعاون الثنائي في مشروعات النقل والكهرباء.

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق