افتتاحية

اطردوا هذه الطبقة السياسية… والا لا حل

شهيد آخر من العسكريين المخطوفين يسقط على ايدي الارهابيين التكفيريين وسط عجز رسمي تام. لقد سبق لعدد من الوسطاء ان اعلنوا ان الارهابيين لن يقتلوا احداً من المخطوفين، وان المفاوضات ستستمر. ولكن من يستطيع ان يركن الى وعود هؤلاء الذين لا يعرفون لا قوانين ولا دين لهم؟
مرت اشهر على عملية الخطف والحكومة تتخبط، لا تدري ماذا تفعل، وكيف تتفق على حل طالما ان هناك اربعة وعشرين وزيراً، يحسب كل واحد منهم نفسه بأنه رئيس للجمهورية، وقد جاءوا يمارسون سلطاتهم البدعة بصورة عشوائية، تؤدي الى ما تؤدي اليه، وتعرض المواطنين لجميع انواع القهر.
اتكلوا على الوسطاء من تركيا الى قطر وناموا على حرير. فتبين ان لا الاتراك ولا القطريين تهمهم قضية الخطف بالعمق، ولذلك ساد المفاوضات الكثير من التردد وعدم اتخاذ الموقف اللازم لتحرير العسكريين.
لماذا لا تأخذ الحكومة المبادرة وتفاوض بنفسها، وبصورة جدية، حتى تصل الى خواتيم سعيدة في هذه القضية؟ هل هي افضل من عدد كبير من الدول الكبرى، وفي طليعتها الولايات المتحدة سبق لها ان فاوضت وقايضت وانقذت رهائن لها، كانوا مخطوفين على ايدي ارهابيين؟ فما هو المانع الذي يحول دون اجراء هذه المفاوضات، والمقايضة؟
كانت هناك بوادر أمل، ظهرت من خلال الاتصالات التي اجراها الوزير وائل ابو فاعور واللواء عباس ابرهيم، وامل اهالي المخطوفين خيراً، ولكن الانقسامات داخل الحكومة بددت كل تفاؤل، ان الثمن مهما كان غالياً يبقى دون انقاذ رجال ابطال، نذروا انفسهم لخدمة هذا الوطن.
مرة جديدة يثبت السياسيون انهم عاجزون، وانهم ليسوا على قدر المسؤولية، وان على الشعب، طبعاً لو كان هناك شعب حي، ان ينتفض ضد هذه الطبقة من السياسيين الذين لا يفقهون من فنون السياسة شيئاً، وهم يتلهون بخلافاتهم وانقساماتهم والبحث عن مصالح شخصية هي هدفهم الوحيد، دون التطلع الى مصالح الشعب ومصالح الوطن.
اليست الخلافات السياسية هي التي تبقي لبنان منذ حوالي السبعة اشهر بلا رئيس للجمهورية، رغم نداءات العالم كله لهم بضرورة الاسراع في التقيد بالدستور والقوانين، والاسراع في انتخاب رئيس، لكي ينضبط العمل في المؤسسات، وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة الاولى؟ فكيف للجسم ان يكون سليماً وهو مقطوع الرأس؟ ليتركوا الارهابيين يقطعون الرؤوس، وهذه العملية هي من ضمن اختصاصهم، اما هم فعليهم المسارعة الى انتخاب رئيس، فلا تبقى البلاد مقطوعة الرأس.
اليست الخلافات هي التي تمنع اجراء انتخابات سليمة، عبر وضع قانون متوازن يعطي لكل صاحب حق حقه. ها هي اللجنة المولجة بدرس مثل هذا القانون تجتمع وتجري نقاشاً عقيماً، دون ان تصل الى نتيجة، لأن البحث الجدي لا يدور حول قانون عصري عادل، بل عن كيفية تأمين المصالح الفئوية الخاصة.
لو عددنا مساوىء السياسة في لبنان لوجدنا كم هي بعيدة عن الطريق المتبع في الدول المتحضرة التي تحترم قوانينها ودساتيرها، وتعمل بوحي من المصلحة الوطنية العليا، التي يجب ان تتقدم في جميع الاحوال على المصالح الشخصية.
من هنا يتبين ان الامور لا يمكن ان تصطلح الا بنظام قادر وعادل، يعيد كل هذه الطبقة السياسية التي تدعي المعرفة بالسياسة الى منازلها بعيداً عن كراسي الحكم، ويعيد انشاء طبقة يختارها اشخاص من اهل الاختصاص، وخصوصاً من اهل النزاهة، وفي لبنان الكثير من هؤلاء، ولكن اصواتهم مخنوقة بفعل هيمنة المتربعين على صدور اللبنانيين.
نحمد الله على ان في لبنان مؤسسة هي وحدها التي تستحق التقدير والدعم، وهي المؤسسة العسكرية التي تقدم الدماء الزكية والشهداء دفاعاً عن الوطن، رغم ان السياسيين على مر الزمان لم يولوا هذه المؤسسة اي اهتمام او رعاية، فلا امنوا لها السلاح ولا العتاد ولا العديد، وعندما تهدد لبنان، ادركوا خطأ اهمالهم. ولكن الجيش رغم ذلك لم يتقاعس ولم يتوان وهب مدافعاً عن الوطن بما توفر له من اسلحة وعتاد وعديد، فاثبت انه لجميع الناس، دون تفرقة او تمييز، وانه الحصن الوحيد الذي يحمي هذا البلد.
لا امل للبنان بالاصلاح كما ذكرنا الا بذهاب جميع هذه الطبقة السياسية المسيطرة على الساحة، والتي تمنع الكفاءات من الوصول. وفي ما عدا ذلك فان كل الجهود ستذهب هباء.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق