دولياترئيسي

«سي اي ايه»: أساليبنا منعت وقوع هجمات وأنقذت الأرواح

تتواصل ردود الفعل بعد إصدار تقرير عن الوسائل «الوحشية» التي قامت بها المخابرات الأميركية في استجواب مشتبهين بالإرهاب في أعقاب هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001. فقد طالب مسؤول أممي بمحاكمة المسؤولين عن تلك الممارسات بينما دافع مدير «سي اي ايه» عن سلوك ادارته قائلا إنها «أنقذت حياة الكثيرين».

وكانت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي قالت في تقرير لها إن الـ «سي اي ايه» ضللت الأميركيين بشأن مدى فعالية «الاستجواب المعدّل».
كما ذكر التقرير أن إدارة عمليات الاستجواب اتسمت بالسوء، وأن المعلومات التي تم الحصول عليها جراء هذه العمليات كانت غير جديرة بالثقة.

سياسة واضحة
وقال بن ايمرسون المقرر الخاص للأمم المتحدة في مجال حقوق الانسان ومكافحة الارهاب إن التقرير يكشف عن «سياسة واضحة نسقت على مستوى عال داخل إدارة بوش».
وطالب ايمرسون بـ «ملاحقة المسؤولين الكبار في ادارة بوش الذين خططوا وأجازوا ارتكاب جرائم وكذلك مسؤولي المخابرات المركزية الأميركية ومسؤولين آخرين بالحكومة اقترفوا عمليات تعذيب مثل محاكاة الغرق».
وقال ايمرسون «في ما يتعلق بالقانون الدولي فإن الولايات المتحدة ملزمة قانوناً بإحالة اولئك الاشخاص إلى نظام العدالة».
ولكن وزارة العدل الأميركية قالت إن التقرير لا يتضمن أدلة كافية لتوجيه اتهامات للمسؤولين عن تعذيب المعتقلين.
ودافع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية سي اي ايه جون برينان عن سلوك أجهزة الاستخبارات قائلاً إن «المعلومات التي تم الحصول عليها من عمليات الاستجواب كانت هامة للتعرف على تنظيم القاعدة وتساعد حتى الآن في جهود مكافحة الإرهاب».
وأقر برينان بوقوع بعض الأخطاء في استخدام وسائل الاستجواب ولكنه شدد على أن تلك العمليات أنقذت أرواح الكثيرين.

رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ: أفعال سي اي ايه «وصمة عار في تاريخ أميركا»
وكانت رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ديان فاينسيتاين قد وصفت سلوك السي اي ايه بأنه «وصمة عار في تاريخ الولايات المتحدة».
وقالت فاينسيتاين إن «الملخص الذي يتكون من قرابة 500 صفحة لن يستطيع محو تلك الوصمة ولكنه يقول للشعب الأميركي وللعالم أجمع أن الولايات المتحدة بلد عظيم يعترف بأخطائه إذا وقعت ويشعر بالثقة بأنه سيتعلم من تلك الأخطاء».

موقع: «السي آي ايه انقذت ارواحاً»
وغداة نشر التقرير الذي وثق اساليب التعذيب «الوحشية» التي اعتمدتها «السي آي آيه» لسنوات، أنشأ مسؤولون سابقون في الوكالة موقعاً إلكترونياً للرد على حملة الانتقادات العنيفة التي طاولتهم ويهدف إلى إثبات فعالية «تقنيات الاستجواب القاسية».
والموقع واسمه «سي آي ايه سيفد لايفز دوت كوم» (ومعناه السي آي ايه انقذت ارواحاً) يمثل خطوة في مجال العلاقات العامة غير معهودة من جانب عملاء في الاستخبارات، وهو لا يرمي الى التشكيك في لجوء الوكالة الى تقنيات استجواب قاسية بل على العكس من ذلك يهدف الى اثبات فعالية هذه التقنيات ودحض ما خلص اليه تقرير مجلس الشيوخ من انها لم تنقذ ارواحاً ولم تكن وسيلة فعالة للحصول على معلومات اوتعاون من قبل المعتقلين بل لطخت سمعة الولايات المتحدة في العالم.
وقال القيمون على الموقع إن مؤسسيه هم «مجموعة من قدامى المسؤولين في «السي آي آيه» مما لديهم مجتمعين مئات السنوات من الخبرة».
وأكد مؤسسو الموقع أن برنامج استجواب المشبوهين بالإرهاب الذي طبقته السي آي آيه بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 «سمح به بالكامل مسؤولون كبار في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي ووزارة العدل».

ما هي الاساليب الوحشية التي استخدمتها الـ «سي اي ايه»؟
وخلص التقرير الاستثنائي لمجلس الشيوخ الاميركي الذي اعترضت عليه على الفور وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه)، الى ان استخدام تقنيات الاستجواب «المشددة» التي اعتمدتها الوكالة بعد 11 ايلول (سبتمبر) 2001 لم يسمح باحباط تهديدات وشيكة بتنفيذ اعتداءات.
ويتهم التقرير في عشرين خلاصة وكالة السي اي ايه بانها اخضعت 39 معتقلاً لتقنيات وحشية طيلة سنوات عدة وبينها تقنيات لم تسمح بها الحكومة الاميركية، وتم تعدادها بالتفصيل في التقرير الذي يتالف من 525 صفحة قامت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ التي يسيطر عليها الديموقراطيون باختصاره ونشره.
واعادة فتح هذا الفصل الاسود من «الحرب على الارهاب» اثارت جدلاً في الولايات المتحدة حول حدود الشفافية في اطار تصاعد المخاطر الارهابية المرتبطة بتنظيم الدولة الاسلامية وحول فعالية التعذيب عموماً.
وجدد باراك اوباما الذي وضع حدا لهذا البرنامج لدى وصوله الى السلطة في كانون الثاني (يناير) 2009، القول ان هذه الوسائل «شوهت كثيراً من سمعة اميركا في العالم»، واعداً بالقيام بكل ما هو ممكن لضمان عدم تكرارها. واضاف «لا توجد امة كاملة، لكن احد مكامن القوة في اميركا هو في ارادة المواجهة الصريحة لماضينا».
وقال التقرير ان «السي آي ايه استخدمت تقنيات استجواب متشددة تكراراً طيلة ايام واسابيع». وقد ضرب المعتقلون بجدران وتمت تعريتهم ووضعهم في مياه مجلدة، كما منعوا من النوم طيلة فترات تصل الى 180 ساعة. والمعتقل ابو زبيدة، وبعد ان تعرض لعمليات ايهام بالغرق، «خرج الزبد من فمه»، وهو في حالة فقدان الوعي تقريباً.
وفي الاجمال، فان 119 معتقلاً اسروا وسجنوا في اطار هذا البرنامج السري لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية في مواقع اطلق عليها اسم المواقع «السوداء» في دول اخرى لم يتم تحديدها، ولكنها تشمل على ما يبدو تايلاند وافغانستان ورومانيا وبولندا وليتوانيا.
والايهام بالغرق الذي استخدم ضد ثلاثة معتقلين لم يعد يستخدم بعد 2003، وانتهى العمل ببقية التقنيات في كانون الاول (ديسمبر) 2007. وقد الغى الرئيس باراك اوباما رسمياً البرنامج لدى وصوله الى السلطة في 2009.
وجاء في خلاصة التقرير ان «تقنيات الاستجواب المتشددة للسي آي ايه لم تسمح بجمع معلومات مرتبطة بتهديدات وشيكة، مثل معلومات تتعلق بـ «قنابل موقوتة» مفترضة اعتبر الكثيرون انها تبرر هذه التقنيات».
ويتهم التقرير السي آي ايه ايضاً بانها كذبت ليس على الجمهور الواسع وحسب وانما ايضاً على الكونغرس والبيت الابيض، بشأن فعالية البرنامج وخصوصاً عندما اكدت ان هذه التقنيات سمحت بـ «انقاذ ارواح».
وهو زعم رددته الثلاثاء السي آي ايه التي كانت مستعدة لمواجهة التقرير الذي اعلنت على الفور رفضها لما ورد فيه.
وافاد التقرير ان الاستجوابات التي قامت بها الوكالة «لم تكن فعالة»، وانها كانت اعنف مما اعترفت به الوكالة حتى الان.
واذا كان مدير الوكالة جون برينان قد اقر بان الوكالة ارتكبت اخطاء باستخدامها التعذيب، فانه في المقابل شدد على ان ذلك سمح بمنع وقوع اعتداءات وبـ «انقاذ ارواح».
ويقول الرئيس السابق جورج بوش ونائب الرئيس ديك تشيني مع مسؤولين سابقين اخرين في السي آي ايه، انهم يتحملون مسؤولياتهم وكثفوا المداخلات في الايام الاخيرة للدفاع عن قراراتهم.
وفي الكونغرس، اعرب الجمهوريون عن الاسف للجدول الزمني لنزع السرية. ويخشون ان توفر الشفافية «لاعداء» اميركا ما يمكنهم استخدامه، وان تثير ردودا ثأرية مماثلة لتلك التي ظهرت في تلك الفترة على اثر ما تكشف من اساءات ارتكبت في سجن ابو غريب العراقي في 2004.
وخلال السنوات التي تلت، وبطريقة سرية، سجنت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية المعتقلين الذين يتمتعون بوزن كبير في مواقع سرية حيث استخدم محققوها وسائل استجواب «متشددة» خارج اي اجراء قضائي.
واوضح مسؤول كبير في الادارة «اننا نتابع عن كثب الشبكات الاجتماعية». وقد تم وضع القواعد العسكرية الاميركية في العالم في حالة تأهب قصوى.
ودعم الديموقراطيون مع ذلك بكثافة نشر التقرير بالاضافة الى بعض الجمهوريين مثل السناتور جون ماكين الذي تعرض للتعذيب في فيتنام من قبل سجانيه.
وقال جون ماكين في مجلس الشيوخ «يصعب تقبل الحقيقة احياناً».
ورحبت منظمات للدفاع عن حقوق الانسان بالتقرير المرتقب منذ سنوات. لكنها جددت دعوتها الى ملاحقة المسؤولين عن البرنامج بتهمة التعذيب.
لكن وزارة العدل اعلنت انه لن يتم اتخاذ اي اجراء جزائي لانه لم يتم الكشف عن اي معلومة جديدة في التقرير.

وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق