وعد اميركي بالاقتراب من المطالب التركية وبايدن واردوغان يبحثان سبل دعم المعارضة السورية

حتى اللحظة، ترفض الحكومة التركية الانخراط بشكل كامل في التحالف الدولي ضد الارهاب. وتشرح انقرة تصوراتها بالتأكيد على انها جزء فاعل في الحرب ضد الارهاب. لكنها تنظر الى المسالة من زاوية مختلفة.
فبينما تقر بخطورة تنظيم الدولة الاسلامية، وضرورة حشد الجهود من اجل ضربه، ترى ان هناك اولويات، وان الاساس في العملية هو دعم المعارضة السورية المعتدلة. وتمكينها من اسقاط النظام السوري. وترى ان تركيز الجهد على ضرب تنظيم داعش من شأنه ان يقدم خدمة للنظام السوري، بدلاً من اضعافه. كما ترى ان التركيز على مدينة كوباني «عين العرب» وترك مدينة حلب بيد التنظيم من شأنه ان يفاقم الموقف.
التصور التركي يمتد في الكثير من التفاصيل، وينعكس سلباً على المشاركة في الحرب الدائرة في المنطقة. لكنه في المحصلة يعظم من المصلحة التركية ويضعها في مقدمة الملفات المثارة ضمن ملفات المنطقة.
في هذا السياق، بدا واضحاً ان التشدد التركي في ما يخص الازمة السورية تحديداً، وازمات المنطقة بشكل عام تنطلق من قراءات لامست الموقف الاميركي في بعض الجوانب. ما ادى الى انحناءة اميركية يختلف المتابعون في تحليلها، وقراءتها، وصولاً الى ارسال نائب الرئيس جو بادين الى انقرة والبحث مع الرئيس التركي بعض التفاصيل.
صفقة محتملة
وهي مباحثات يعتقد محللون انها جسرت الفجوة بين الموقفين، ووصلا الى «صفقة محتملة» تراعي البعدين، وتستجيب لبعض المطالب التركية، دون ان تبتعد عن الموقف الاميركي الذي يؤكد معنيون انه ما يزال مجهولاً.
فوزير الخارجية الروسي لا يستبعد ان يكون الهدف المطلوب مختلفاً عن الهدف الحقيقي. ويرى ان حقيقة الموقف الاميركي يتمثل باسقاط نظام الاسد، دون اعلان مسبق.
هذه القراءة الروسية تبدو اقرب الى الفهم في ضوء المحادثات التي اجراها بايدن مع الرئيس التركي.
فعقب اجتماع في استنبول، استغرق اربع ساعات مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، قال نائب الرئيس الاميركي جو بايدن إنه بحث مع اردوغان فترة انتقالية في سوريا لا يشارك فيها الرئيس بشار الأسد.
وقال بايدن في مؤتمر صحفي مع اردوغان، «في ما يتعلق بسوريا، بحثنا ليس فقط حرمان تنظيم الدولة الاسلامية من ملاذ آمن ودحره وهزيمته لكن ايضاً تقوية شوكة المعارضة السورية وضمان فترة انتقالية بعيداً عن نظام الأسد».
كما التقى بايدن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لاقناعه بانضمام بلاده الى التحالف المناهض للجهاديين في سوريا والعراق حيث يشن تنظيم الدولة الاسلامية هجوماً جديداً.
ووصل بايدن مساء الجمعة الى اسطنبول، المحطة الاخيرة في جولته الى المغرب واوكرانيا، على خلفية خلافات عميقة بين واشنطن وانقرة البلدين العضوين في حلف شمال الاطلسي، حول اولويتهما الاستراتيجية في سوريا.
اصدقاء منذ فترة
وخلال عشاء مساء الجمعة قلل بايدن ورئيس الوزراء التركي – المحافظ احمد داود اوغلو امام الصحافيين من اهمية التوتر الذي اثر على علاقاتهما في الاسابيع الماضية.
وقال بايدن «اننا اصدقاء منذ فترة بعيدة ومن منافع زيارة تركيا البلد الصديق العضو في الحلف الاطلسي ان نكون دائما في غاية الصراحة».
واضاف «واجهنا بعض المسائل الصعبة جداً في المنطقة والعالم وكنا دائماً على اتفاق».
وشدد اوغلو على عمق العلاقات بين البلدين. كما شدد على اهمية زيارة بايدن الى تركيا. وفي ختام اللقاء شدد البيت الابيض على اتفاق البلدين على ضرورة ضرب وهزيمة تنظيم الدولة والعمل للتوصل الى عملية انتقالية في سوريا ودعم قوات الامن العراقية والمعارضة السورية المعتدلة.
في سياق آخر، وخلال زيارته الى تركيا، حذر نائب الرئيس الاميركي جو بايدن من تركيز السلطات في يدي رئيس اي دولة، منبها الى مخاطر التآكل، وملمحاً الى الحكومة الاسلامية المحافظة في تركيا التي غالباً ما توجه اليها تهمة سلوك نهج تسلطي.
وقال بايدن في كلمة القاها في اسطنبول امام ممثلين عن المجتمع المدني التركي، ان «آباءنا المؤسسين في الولايات المتحدة توصلوا الى خلاصة مفادها ان تركيز السلطات يؤدي الى التآكل، وهو اسوأ ما يمكن ان يحصل لنظام سياسي».
ويتعرض الرئيس رجب طيب اردوغان الذي انتخب في آب (اغسطس) لولاية تستمر خمس سنوات، بعدما ترأس الحكومة طوال احدى عشرة سنة، لسيل من الانتقادات التي تندد بميله التسلطي ورغبته في اسلمة المجتمع التركي.
وعلى غرار بلدان اخرى، دائماً ما عبرت واشنطن عن قلقها من التعرض للحريات في تركيا منذ العصيان المدني الذي قمعته الحكومة بشدة في حزيران (يونيو) 2013. واذا اعيد انتخابه لولاية ثانية، كما يجيز ذلك الدستور التركي الحالي، سيبقي اردوغان في الحكم حتى 2024.
تجنب الحساسيات
وحرص بايدن على ا لا يلمح في كلمته الى الاوضاع في تركيا، مؤكداً انه لم يأت الى اسطنبول من اجل الوعظ. لكنه شدد على ان الوسيلة الفضلى للحفاظ على الحريات تقضي بألا نركز كثيراً من السلطات بين يدي فرع واحد في الحكومة.
الى ذلك، وصل رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو الى بغداد، في اول زيارة لمسؤول تركي على هذا المستوى الى العراق منذ 2009، وتأتي بعد اعوام من الفتور في عهد رئيس الحكومة العراقي السابق نوري المالكي.
وتأتي هذه الزيارة بعد اسابيع من زيارة قام بها وزير الخارجية العراقي ابرهيم الجعفري الى انقرة، في سعي الى اعادة الدفء الى العلاقات التي سادها التوتر خلال الاعوام الماضية، وفي خضم المعارك التي تخوضها القوات العراقية والكردية مدعومة بضربات جوية لتحالف دولي تقوده واشنطن، ضد تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال العبادي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي، ان داود اوغلو ابدى استعداد تركيا للتعاون الكامل مع العراق في محاربة الارهاب بشكل عام وارهاب داعش بشكل خاص. وقال ان «السيد رئيس الوزراء» عرض مساعدات تركية عسكرية تقدمها الى العراق.
واضاف، طلبنا المساعدة في التدريب والتسليح. حيث نحتاج الى المزيد من التسليح لان الحرب مكلفة وجزء كبير من اسلحتنا ومعداتنا تم فقدها اثناء احتلال نينوى في شمال العراق، وباقي المناطق، في اشارة الى ترك العديد من الجنود والضباط مراكزهم واسلحتهم صيداً سهلاً لجهاديي التنظيم خلال هجومهم الكاسح في العراق في حزيران (يونيو).
واشار الى ان تدريب المتطوعين العراقيين في تركيا امر ممكن ان يناقش، مشيراً الى انه اتفق مع داود اوغلو على زيارة انقرة الشهر المقبل.
تدريب البشمركة
على صعيد آخر، قال مسؤول تركي كبير إن الجنود الأتراك يدربون مقاتلي البشمركة الكردية في شمال العراق وإنهم سيقدمون مساعدة مماثلة لوحدة جديدة بالجيش الوطني العراقي في إطار قتال تنظيم الدولة.
وأكد البريغادير جنرال هلكورد حكمت المتحدث باسم البشمركة أن الجنود الأتراك بدأوا تدريب القوات الخاصة مع مقاتلي البشمركة في شمال العراق قبل ثلاثة أسابيع لكنه لم يعلق على أعداد المشاركين في التدريب.
عواصم – «الاسبوع العربي»