عالم

الجمهوريون يسيطرون على الكونغرس الاميركي: مهمة اوباما الصعبة

كما اشارت التوقعات، فقد حقق الجمهوريون تقدماً واضحاً خلال انتخابات «التجديد النصفي» للكونغرس. الامر الذي قد يؤدي الى صعوبة مهمة الرئيس اوباما خلال ما تبقى من فترة حكمه.

المدققون في تفاصيل المشهد، يرون ان مهمة اوباما في الحكم لم تعد بالمستوى عينه من السلاسة. الا انها في الوقت نفسه ليست مستحيلة. ذلك ان الجمهوريين يلتقون معه في حربه ضد الارهاب وهو المشروع الرئيس الذي سيغطي كامل الفترة المتبقية من حكمه، والبالغة عامين تقريباً.
فالتوقعات تشير الى ان الرئيس سيجد كل دعم في مجال حربه ضد الارهاب، باعتبار ان ذلك المشروع يعتبر من اساسيات البرنامج الجمهوري. وتحديد من يطلق عليهم وصف «الجمهوريون الجدد»، الذين نفذوا مشروع الحرب ضد العراق.
غير ان الجوانب الاخرى التي ستشكل عقدة التفاهم بين اوباما «الديمقراطي»، وخصومه الجمهوريين تتمثل بالجانب الاقتصادي، حيث شكلوا الاغلبية بالتزامن مع بلوغ الازمة الاقتصادية ذروتها. وفي ظل مرحلة كساد اقتصادي، يؤشر على ازمة عالمية عنوانها انخفاض حاد في اسعار النفط. وهوما يعني انخفاض في السيولة العالمية، وتراجعاً في فوائض موازنات الدول النفطية التي شكلت مصدراً مهماً من مصادر السيولة الاميركية. وعنصراً مهماً من عناصر التشغيل في الدول الصناعية كافة.

ازمة سياسية
ومع ان مشروع تخفيض اسعار النفط من المشاريع المصطنعة، لجهة انه لا يخضع الى منطق اقتصادي، وانما لخيارات سياسية، الا ان ذلك المشروع يتقاطع مع الرؤية الجمهورية في الكثير من المفاصل، الامر الذي يؤشر على ولادة ازمة سياسية على هامش الازمة الاقتصادية. وسيضطر الرئيس اوباما الى دفع ثمنها باهظاً.
اما العنصر الاكثر اهمية، فيتمثل بتفاعلات حصول الجمهوريين على الاغلبية في مجلس الشيوخ، وبالتالي السيطرة على الكونغرس بشقيه (الشيوخ والنواب)، فيتمثل بقرار حزبي مضمونه تسخير الامكانيات كافة من اجل تعزيز فرص الحزب الجمهوري بالفوز في الرئاسة. وبالتالي توجيه القرارات السياسية والاقتصادية ضمن ذلك المسار.
وسيضطر الرئيس اوباما الى مسايرة الاغلبية الجمهورية في المجلسين. كما سيضطر الى استخدام حقه في «الفيتو»، لتمرير بعض القرارات.
واقعيا، فاز مرشحو الحزب الجمهوري بالانتخابات النصفية التي أجريت الأحد في الولايات المتحدة ليبسطوا سيطرتهم على مجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ) ملحقين هزيمة كبرى بالمعسكر الديمقراطي ما قد يصعب مهمة الرئيس أوباما في إدارة شؤون البلاد خلال العامين المتبقيين من ولايته.
وازداد تمثيل الجمهوريين في مجلس الشيوخ من 45 مقعداً إلى 52 مقعداً على الأقل من أصل مائة. وفي مجلس النواب قد تزيد غالبية الجمهوريين بـ 14 إلى 18 مقعداً بحسب شبكة «أي بي سي»، ما سيوسع غالبيتهم إلى ما لا يقل عن 247 مقعداً، وهي أكبر غالبية جمهورية منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
وأنقذ الديمقراطيون مقعدهم في نيوهامشير حيث أعيد انتخاب السيناتورة جين شاهين، فيما انتزع الجمهوريون من الديمقراطيين مقاعد فرجينيا الغربية وداكوتا الجنوبية ومونتانا وأركنسو وكولورادو وأيوا. وستنظم لويزيانا دورة ثانية في 6 كانون الأول (ديسمبر)، فيما لم تعرف بعد النتائج في آلاسكا.

هزيمة الديمقراطيين
واعترف زعيم الاغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ السناتور هاري ريد بهزيمة حزبه في هذه الانتخابات مهنئاً السناتور الجمهوري ميتش مكونيل الذي اصبح زعيم الاغلبية الجديدة في المجلس.
واعتبر ريد ان الرسالة التي وجهها الناخبون الاميركيون الى الحزبين تنص على ضرورة التعاون بينهما لمواجهة التحديات المقبلة.
وفي إشارة إلى إخفاق إدارة أوباما في الملفات الاقتصادية، أعلن زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل بعد إعادة انتخابه أن التجربة القائمة على توسيع دور الدولة دامت أكثر ما ينبغي، وحان الوقت لتبديل وجهتها، وحان الوقت لإعادة البلاد إلى السكة.
وستكون أولويات الجمهوريين اقتصادية إذ جهزوا عشرات القوانين «المراعية للنمو» »للسماح ببناء خط أنابيب النفط «كيستون إكس إل» بين كندا وخليج المكسيك وتطوير إنتاج الغاز الطبيعي ومساعدة الشركات الصغرى والحد من القوانين والتنظيمات.
من جهته أعلن رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر أن الكونغرس الجديد الذي سيتولى مهامه في مطلع كانون الثاني (يناير) سيعمل على «إصلاح النظام الضريبي والحد من مشكلة النفقات وإصلاح النظام القانوني وتحسين النظام التربوي».
ويرى المحللون ان الجمهوريين سيكونون مطالبين بإعادة تفعيل الكونغرس بعد أربع سنوات من صراع برلماني منعه من إقرار أي إصلاح كبير ولا سيما في موضوع الهجرة التي تبقى ملفاً ساخناً مع وصول عدد المهاجرين المقيمين بصفة غير شرعية في الولايات المتحدة إلى أكثر من 11 مليوناً.

تعايش
وبعد هذه الهزيمة ينهي أوباما ولايته متعايشاً مع الحزب المخاصم له في مجلسي الكونغرس، وهو وضع واجهه من قبله كل من جورج بوش وبيل كلينتون وجورج بوش الأب ورونالد ريغان، حيث تتخذ الانتخابات النصفية تقليدياً شكل عقوبة ضد الحزب الحاكم في البيت الأبيض.
وبعدما امتنع عن الإدلاء بأي تصريح، دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما قادة الكونغرس إلى البيت الأبيض للاجتماع معهم الجمعة. وهو اللقاء الذي يعتقد انه سيرطب الاجواء، ويدعوهم من خلاله الى التوافق على بعض الثوابت التي تجمع بين الحزبين. وذلك من منظار صعوبة المرحلة ومتطلباتها.

واشنطن – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق