سياسة عربية

تونس: اعلان حالة التأهب في صفوف الجيش والانتخابات تبدأ الاحد

في ظل انقسام سياسي حاد، تبدأ تونس الاحد المقبل موسم الانتخابات التشريعية والرئاسية، ايذاناً بترسيخ عمليتها الديمقراطية، وبحيث تتفرد في الوصول الى مثل هذه الاستحقاقات بين دول الربيع العربي. حيث سيقترع التونسيون منذ الآن وحتى نهاية السنة الجارية ثلاث مرات، الأولى الأحد المقبل، موعد الانتخابات التشريعية، والثانية بعد نحو شهر، في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، والثالثة بعدها بأيام وستكون الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

وستشهد انتخابات الأحد، اول برلمان منذ ثورة 2011، على امل استمرار تجربتها الديمقراطية الوليدة. حيث دُعِيَ نحو 5،3 ملايين تونسي للمشاركة في الانتخابات التشريعية لاختيار اعضاء مجلس نواب الشعب الـ 217 في 33 دائرة انتخابية «منها 27 دائرة في الداخل وست دوائر في الخارج».
وتشير التحليلات واستطلاعات الرأي الى ان حركة النهضة الاسلامية، ونداء تونس هما الحزبان الأوفر حظا للفوز في الانتخابات.
وفي الرابع من الشهر الحالي بدأت حملة الانتخابات التشريعية التي تتواصل 22 يوماً وسط أجواء وصفها مراقبون بـ «الباهتة».
وفي 2013، شهدت تونس أزمة سياسية حادة إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية وقتل عناصر في الجيش والشرطة في هجمات نسبتها السلطات الى جماعة أنصار الشريعة بتونس التي صنفت تنظيماً ارهابياً.

نهاية الازمة
وانتهت الازمة بعد قبول حكومة الترويكا التي كانت تقودها حركة النهضة الاسلامية، تقديم استقالتها تطبيقا لخريطة طريق طرحتها المركزية النقابية القوية. وحلت محلها حكومة غير حزبية برئاسة مهدي جمعة على أن تقود البلاد حتى اجراء انتخابات عامة.
وفي كانون الثاني (يناير)، صادق المجلس التأسيسي على دستور توافقي كما اتفقت الطبقة السياسية على إجراء انتخابات تشريعية في 26 تشرين الاول (اكتوبر) ورئاسية في 23 تشرين الثاني (نوفمبر). وتشيد المجموعة الدولية بالنموذج التونسي في الانتقال الديموقراطي السلمي.
وبينما يتوقف المتابعون عند الانقسام السياسي الحاد ضمن قطبين هما حركتا النهضة الإسلامية (الإخوان المسلمون)، و«نداء تونس»، وهو ائتلاف سياسي واسع يضم نخباً سياسية علمانية وسياسيين وتكنوقراط. يشير محللون الى ما يعتقد انه جديد في المشهد الانتخابي، والمتمثل بدخول رجال الأعمال على نحو واسع في الانتخابات التشريعية والرئاسية، سواء عبر الترشح أو عبر دعم مرشحين ولوائح، ومن أبرز هؤلاء المرشح للانتخابات الرئاسية سليم الرياحي، الذي يلقبه البعض في تونس بـ «حريري تونس».
كما عمد كل من «النهضة» و«النداء» إلى استقدام عدد من رجال الأعمال إلى لوائحهم في عدد من المناطق، وتولى عدد من هؤلاء رئاسة اللوائح في المعسكرين المتنافسين. وتأتي هذه الظاهرة في ظل اختناق اقتصادي كبير تعاني منه تونس ويمكن تلمسه في زيارة سريعة للعاصمة، حيث التراجع في مستوى الخدمات وتردي أداء المؤسسات العامة والخاصة على نحو لا يمكن أن تخطئه عين. وهو ما يرفع من حظوظ رجال الأعمال.

حركة النهضة
ويبدو أن حركة النهضة التي تعرضت لانتكاسات كبيرة خلال توليها السلطة في أعقاب أول انتخابات عامة، وتخلت عنها قبل شهور مفسحة لحكومة تكنوقراط، بعد ضغوط شعبية كبيرة وتظاهرات عمت البلاد، عادت واستنهضت قواعدها استعداداً للانتخابات، وجاء فشل الحكومة الحالية في النهوض بعدد من الملفات الحياتية في مصلحة الحركة الإسلامية. وفي وقت كان التونسيون يجزمون بمسألة خسارة” النهضة” للانتخابات، ها هم اليوم يتوقعون تنافساً حاداً بينها وبين «النداء» مع أفضلية لها بسبب قدرتها على التنظيم، ونفوذها الذي لا تزال تتمتع به في المناطق الداخلية والضواحي الشعبية.
على مستوى الترتيبات، أعلنت وزارة الدفاع التونسية وضع الجيش في حالة تأهب تحسبا لاعمال «إرهابية» محتملة خلال انتخابات الاحد، التي يؤمل منها ان تنهي مرحلة انتقالية تعيشها تونس منذ مطلع 2011.
وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة المقدم بلحسن الوسلاتي في مؤتمر صحافي انه تم منذ أكثر من شهر تعزيز تمركز القوات المسلحة داخل البلاد وعلى الحدود، تحسبا لأي طارئ، ولمواجهة اية احتمالات. وأضاف ان الخطر الارهابي موجود،  والعناصر الارهابية موجودة ومن المؤكد أنها تخطط لعمليات ما. واشار الى انتشار الوحدات العسكرية في الجنوب التونسي لتأمين «حرمة التراب الوطني».
ولم يعط الناطق الرسمي اية ارقام حول عديد القوات التي وضعت في حالة التأهب. لكنه قال ان «أفراد القوات المسلحة كافة مجندون لتأمين الانتخابات». وانه تم استدعاء جيش الاحتياط وإدماجه ضمن مختلف التشكيلات العسكرية المكلفة بتأمين الانتخابات. ويتكون الجيش التونسي من نحو ستين الف رجل.
وكان وزير الداخلية لطفي بن جدو اعلن يوم 30 آب (اغسطس) الماضي ان هناك تهديدات ارهابية جدية تستهدف اساساً الانتخابات. وان جهود الارهابيين منصبة على القيام بضربات تستهدف سلامة الانتخابات.

احباط مخططات ارهابية
وكشف الوزير مؤخراً ان أجهزة الامن أحبطت مخططات ارهابية تتمثل في تفجيرات بواسطة سيارات، واغتيالات، وتفجيرات لمصانع، واستهداف لسفراء وغيرهم،  مؤكداً ان عمليات استباقية تقوم بها اجهزة الامن والجيش نجحت في احباط تلك المؤامرات.
وفي الوقت نفسه أعلنت وزارة الداخلية انها ستنشر 50 ألف عنصر أمن يوم الاقتراع لتأمين الانتخابات التشريعية.
من جهتها قالت الهيئة العليا المستقلة  للانتخابات إنها اتخذت الاحتياطات كافة لمنع أي تجاوز يوم الاقتراع الخاص بالانتخابات التشريعية. جاء ذلك رداً على تقارير اشارت إلى حدوث اختراقات حزبية واسعة في المكاتب الفرعية  للهيئة.
وتحدثت تقارير إعلامية عن رصد المئات من الطعون ضد أعضاء ورؤساء مكاتب فرعية تابعة للهيئة المستقلة للانتخابات داخل تونس وخارجها، أغلبهم من ذوي الانتماء لحزب حركة النهضة الإسلامية. وتحدثت احدى الصحف عن وجود نحو 300 طعن في صفاقس وحدها ثاني أكبر المدن التونسية وتضم دائرتين انتخابيتين. وأوضحت الصحيفة أن 170 طعناً تم تسجيلها في الدائرة الانتخابية الثانية  بصفاقس ضد أعضاء ورؤساء المكاتب الفرعية لهيئة الانتخابات يشتبه بانتمائهم لحزب حركة النهضة الإسلامية. كما كشفت عن تسجيل 400 طعن في مدينة سوسة التي تعد معقلاً للمنافس الرئيسي للنهضة حزب نداء تونس، ضد رؤساء وأعضاء في المكاتب الفرعية لانتمائهم إلى حركة النهضة.وتحدثت الصحيفة عن اختراقات لحركة النهضة في مكاتب هيئة الانتخابات في الدوائر الانتخابية بالخارج في فرنسا وألمانيا والمغرب.

تونس – «الاسبوع العربي»

 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق