أبرز الأخباردوليات

حوار الطرشان يتواصل على منصة الامم المتحدة

المتابعون لمجريات الخطابات التي القاها زعماء العالم ومن ينوب عنهم على منصة الجمعية العامة للامم المتحدة، يتوقفون عند كم كبير جداً من القضايا التي يغلب عليها طابع السخونة. وامام كم كبير جداً من المرافعات التي تتحدث عن مواقف معينة، والتي تشخص ما يجري من وجهة نظر بدا واضحاً انها تغفل «الرأي الآخر»، او تتجاهل بعض اركانه، وتوجه الحوار في اتجاهات مختلفة.

فالمدقق في التفاصيل، يدرك ان جميع قضايا العالم معروضة الان امام قادة العالم، وضمن حدود القاعة الرئيسية للجمعية العامة التي التقى فيها زعماء عشرات الدول. لكنها في الوقت نفسه تمددت الى خارج تلك القاعة، وبما يتعدى حدود الكواليس الى قاعات الطعام، وممرات المبنى. حيث نقلت التقارير مجريات بعض المشادات هناك، وخصوصاً المشادات التي كانت اطرافها، الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. حيث بدا واضحاً اتساع دائرة الانقسام، وبروز مؤيدين للسيسي، على حساب اردوغان الذي عالج بعض المواقف بقدر من التشدد الذي رفضته دول ناصرت السيسي مختلف مراحل ثورته التي اطاحت الرئيس السابق محمد مرسي.
فقد بدت تناقضات العالم على لوحة واحدة. ودافع كل زعيم عن قضيته، وقدم نفسه بانه يحتكر الحقيقة. غير ان الحوار بمجمله تحول الى ما يشبه «حوار الطرشان»، في ظل انعدام عناصر الفهم المشترك، والرغبة في سماع الاخر، اما لعداوة مسبقة، او لرغبة طرف في اخفاء الحقائق، وتوجيه الدفة في اتجاهات تعاكس الحقيقة.

تطابق وخلاف
وبين هذه وتلك، ثمة قناعات متطابقة حول قضايا محددة، من بينها الموقف من تنظيم داعش، والحملة الدولية لمحاربته. وهناك قضايا خلافية من بينها الملف الفلسطيني وتداعيات عملية السلام المنهار.
فقد احتجت الولايات المتحدة على الخطاب الذي القاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من على منصة الامم المتحدة وطالب فيه بانهاء الاحتلال الاسرائيلي وبـ «استقلال دولة فلسطين». واتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جنيفر بساكي الرئيس عباس بايراد «توصيفات مهينة» في خطابه، واعتبرتها «مخيبة للامال» ومرفوضة.
ونددت ايضاً في بيان مقتضب بما اعتبرته «تصريحات استفزازية» من جانب الرئيس الفلسطيني.
وكان عباس قد طالب من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة بانهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية. واتهم اسرائيل بشن سلسلة من جرائم الحرب على قطاع غزة متعهداً بـ «معاقبة مجرمي الحرب».

استياء روسي
وعبرت موسكو عن الاستياء من مضمون الخطاب الذي القاه الرئيس الاميركي باراك اوباما امام الدورة 69 للجمعية العامة للامم المتحدة.
وقال مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف في تصريحات للتلفزيون الروسي «عندما يذكر الرئيس الأميركي ما سماه بالعدوان الروسي في أوروبا من بين التحديات التي تواجه الأمن الدولي، مثل حمى إيبولا وأعمال الارهابيين، فان أياً من أسلافه لم يصف مكانة روسيا ودورها في الشؤون الدولية على هذا النحو». ووصف اوشاكوف خطاب الرئيس الأميركي بـ «الغريب الى حد بعيد».
وقال مساعد الرئيس الروسي ان اوباما وضع روسيا في المرتبة الثانية على قائمة الأخطار بعد فيروس إيبولا وقبل الإرهابيين من تنظيمات مثل تنظيمي داعش والقاعدة اللذين يمارسان نشاطهما بحرية في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً «في تلك الدول التي قامت الولايات المتحدة بالتدخل فيها بصورة غير شرعية وبشكل يخرق القانون الدولي».
وانتقدت وزارة الخارجية التركية بشدة، البيان الصادر عن نظيرتها الإماراتية، الذي استنكرت فيه خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمام الأمم المتحدة في نيويورك الأربعاء الماضي.

تركيا تنتقد الامارات
واعتبرت الخارجية التركية، في بيان صادر عنها، الموقف الإماراتي، بانه «مخالف للأعراف الدبلوماسية، ولا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال».
وقال البيان ان «تركيا تنتهج سياستها الخارجية، استناداً إلى المبادىء الديمقراطية، والقانون الدولي، والقيم الإنسانية، وتأخذ بعين الاعتبار الحقوق المشروعة للشعوب، وتتبنى هذه السياسة في المحافل الدولية بشكل متسق».
وكانت وزارة الخارجية الإماراتية، وصفت في بيان لها، ما جاء على لسان أردوغان في ما يخص جمهورية مصر العربية، بأنه «خطاب غير مسؤول، وتدخل سافر في الشؤون الداخلية للشقيقة مصر».
وتابعت الوزارة في بيانها «فوجئنا بما جاء على لسان رئيس جمهورية تركيا، رجب طيب أردوغان، في ما يخص جمهورية مصر العربية، واستغلاله منصة الأمم المتحدة، للتهجم المرفوض على الشرعية المصرية».
وقالت الوزارة إنها «إذ تستنكر هذا الخطاب الذي وصفته بانه «غير مسؤول»، وتعتبره تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لجمهورية مصر العربية، واستفزازاً للمشاعر العربية، فإنها تدعو الرئيس التركي للتوقف عن الإساءة الى الحكومة المصرية والشعب المصري».
وكان أردوغان قد انتقد ما وصفه بـ «صمت الأمم المتحدة» تجاه مصر، قائلاً إنها شهدت انقلاباً على «رئيس منتخب من قبل الشعب، وقتل الآلاف ممن خرجوا يسألون عن مصير أصواتهم، بينما اكتفت الأمم المتحدة والدول الديمقراطية، بمجرد المشاهدة، وأضفوا شرعية على ذلك الانقلاب». وردت الخارجية المصرية بالإعراب عن «بالغ استنكارها واستيائها» مما جاء في كلمة الرئيس التركي، من «الأكاذيب والافتراءات»، التي رأت أنها «تمثل استخفافاً وانقضاضاً على إرادة الشعب المصري العظيم». كما أشارت الوزارة إلى أن وزير الخارجية، سامح شكري، قرر «إلغاء المقابلة الثنائية التي كان قد طلبها وزير خارجية تركيا معه على هامش أعمال اللقاءات الرفيعة المستوى للجمعية العامة»، بينما نفت أنقرة ما وصفته بـ «ادعاءات» الجانب المصري، بأن الوفد التركي طلب عقد لقاء مع نظيره المصري.

لافروف يتهم اميركا
واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة باللجوء الى «التدخل العسكري» للدفاع عن مصالحها، في اشارة ضمنية الى الغارات التي يشنها التحالف الدولي بقيادة واشنطن في سوريا. وقال لافروف امام الجمعية العامة للامم المتحدة ان «واشنطن اعلنت بوضوح حقها في استخدام القوة من جانب واحد في اي مكان من العالم بهدف الحفاظ على مصالحها».
وذكّر لافروف بالحملة العسكرية التي شنها الحلف الاطلسي في يوغسلافيا، والحرب على العراق، والحملة في ليبيا، والحرب في افغانستان كأمثلة على العمليات العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة وادت الى «الفوضى وانعدام الاستقرار». ووصفت روسيا، حليفة النظام السوري، الهجمات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، بانها غير قانونية، وقالت ان على الغرب التعاون مع دمشق في مواجهة الاسلاميين المتطرفين. واتهم لافروف واشنطن وحلفاءها الغربيين بانهم يصوّرون انفسهم ابطالاً للديموقراطية، وهم في الحقيقة «يحاولون ان يقرروا لكل شخص ما هو الخير وما هو الشر».
واكد ان روسيا بعثت بـ «امدادات كبيرة من الاسلحة والمعدات العسكرية الى العراق وسوريا وغيرها من دول الشرق الاوسط، وستواصل تقديم الدعم العسكري». وتكشف الخلاف الدبلوماسي حول العمل العسكري في سوريا وسط توترات بين الشرق والغرب بشأن اوكرانيا، حيث يقاتل الانفصاليون الموالون لموسكو في شرق البلاد القوات الحكومية الاوكرانية.
وقال لافروف ان اوكرانيا «وقعت ضحية… السياسة المتغطرسة» لواشنطن، مؤكداً ان الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي دعما «الانقلاب» في اوكرانيا الذي ادى الى اطاحة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في شباط (فبراير) الماضي. ودعا لافروف من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة الى العودة الى «الاولويات العالمية، وتجنب جعلها رهينة لاجندة احادية».

نداء الصومال
ووجه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود نداء ملحاً من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة لجمع 500 مليون دولار لبلاده التي اكد انها تتعافى.
وقال امام الجمعية العامة ان الوضع الانساني في الصومال ما زال خطيراً للغاية.
وذكر بان 3،2 من اصل 7،5 ملايين صومالي بحاجة للمساعدة وبان اكثر من مليون يعانون سوء تغذية خطيراً.
وذكر ايضاً بان نداء وجه لجمع 933 مليون دولار من اجل الصومال ولكن لم يجمع سوى ثلث هذا المبلغ مشددا على وجوب الاهتمام بهذه المشكلة بشكل ملح. واضاف «ما زلنا بحاجة لاكثر من 500 مليون دولار لتلبية الحاجات الحيوية».
اللافت هنا، ان هذه مجرد عينات لما طرح خلال اجتماع الهيئة العامة للامم المتحدة. واللافت ايضاً ان صدى تلك المداخلات، التي ارتفت الى مستوى المواجهات لم يترك أي اثر ملموس على ارض الواقع، باستثناء تعميق الازمات. وسط تساؤلات عن المدى الذي يمكن ان تصل اليه الدعوات التي تؤكد ضرورة تحول الامم المتحدة الى منبر حواري ناجح لمعالجة قضايا العالم. وان يتم ابعادها عن هيمنة بعض الاطراف، ضمن ما يمكن تسميته بهيمنة «نظام القطب الواحد».

نيويورك – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق