سياسة لبنانية

سلام: طلبنا من قطر مساعدتنا على تحرير العسكريين المخطوفين

عقد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، مؤتمراً صحافياً في العاصمة القطرية الدوحة، جاء فيه: كانت مناسبة تداولنا فيها مع الامير تميم  والمسؤولين في قضايا وشجون تهم لبنان وتهم قطر وتهمنا كعرب وتهم المنطقة، في كثير من الشفافية والصراحة.

وقال سلام: في البداية لا بد لي ان أقول اننا هنا لنقول مرة جديدة شكراً قطر، شكراً على ما تم عبر سنوات ماضية طويلة، من تلاحم وتواصل ومن دعم قطري لنا في لبنان وللبنانيين في قطر لم يتوقف ولم ينحصر في أمر ما وفي قضية ما أو مشروع ما أو موقف ما، وإنما غطى وشمل الكثير الكثير من الأمور والقضايا التي تهم لبنان وتهم قطر.
لقاؤنا اليوم مع الامير ومع رئيس الوزراء والمسؤولين جميعاً، استمعنا فيه الى كلام مشجع، الى كلام داعم لنا في لبنان، الى درجة ان الامير متحمس وأعرب لنا عن رغبته شخصياً في زيارة لبنان، وهو يعتبر انه بموقعه القيادي عليه ايضاً ان يعرب عن محبته وعن دعمه لنا بهذا العطاء، بهذا الزخم من المحبة، ونحن سعداء جداً ان يكون لنا حصة وفرصة لزيارة الامير في لبنان لاستكمال كل مستلزمات الاخوة والصداقة والدعم القطري في لبنان.

عبء النازحين
لا بد ان تتضمن الزيارة بعض الهموم واستعراض بعض الهموم، ومن أبرزها كما نعلم ما نمر نحن فيه في لبنان، من جراء أوضاع غير مريحة تكونت واستمرت في المنطقة وتركت عندنا في لبنان آثاراً غير مريحة، وربما من أبرز هذه الآثار ما نعانيه اليوم من واقع متمثل بما يتحمله لبنان من عبء في موضوع اخواننا النازحين السوريين وما يترتب علينا من متطلبات لمواجهة هذا العبء، وبدورها تتطلب مؤازرة ومساعدة من كل من يمكن له ان يمد يد العون لبلسمة جراح هؤلاء النازحين ومعاناتهم، وايضاً تمتين وتعزيز الدور اللبناني في استضافتهم، والامير أعرب ايضاً عن رغبة قطر في الاهتمام والعناية بهذا البعد تخفيفاً عنا وعنهم في هذه الازمة. كذلك لا يخفى على أحد ان هناك ايضاً موضوعاً حساساً ودقيقاً يتعلق بما استجد من استهداف ارهابي لنا في لبنان، وتمثل باحتجاز عدد من عسكريينا في أيدي الارهابيين وممارسة أشنع وأبشع أنواع الطرق غير الانسانية وغير الشرعية في قتل وذبح لم نعهده ونألفه من قبل، مع كل الاعداء، وهذا يتطلب معالجة دقيقة ووحدة صف داخلي وصبراً، علماً بانني من الذين سيتابعون بشكل يومي مع المسؤولين اللبنانيين هذا الأمر، ونحن نعاني ما يعانيه اهالي هؤلاء، ونعاني معهم بالمشاعر والأحاسيس عينها، ونعرف ان هذا الأمر يشكل عبئاً كبيراً علينا جميعاً، وهنا لا بد لي من ان أقول ان أرواح هؤلاء الجنود الابطال هي بذمتنا، هي مسؤوليتنا جميعاً، وللحفاظ عليها علينا ان نكون موحدين، خصوصاً عندما نسعى لمحاولة الإفراج عن هؤلاء العسكريين، مستعينين بذلك بما لاخواننا، وفي المقدمة اخواننا في قطر، من تجارب ماضية ومن مساعدات لإخراجنا من أزمات مشابهة، اليوم التواصل مع المسؤولين في قطر وفي ظل توجيهات صاحب السمو هو لمتابعة هذا الأمر بكل مستلزماته، وعلمت ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان سيزور قطر وايضاً لا بد ان تصب هذه الزيارة في ما يسعى اليه ويعتني به اخواننا في قطر لجهة معالجة هذا الملف وإعطائه ما يستحق من عناية، لنتمكن كلنا من ايجاد نهاية طيبة وسعيدة.
نعم نحن سنتواصل، وسيبقى عندكم في قطر اليوم المسؤول عن الملف مباشرة، اللواء عباس ابرهيم، لمتابعة هذا الامر، ونأمل ان نتمكن، ليس بوقت بعيد، أن نتقدم خطوة خطوة في هذا الملف الذي كما يعلم الجميع هو شائك ومعقد ولكن النوايا موجودة، والعمل الجاد موجود، والتواصل موجود، وان شاء الله نصل لنتائج وعندما يفسح المجال امامنا لاطلاع الجميع على ما يمكن التوصل اليه لن نقصر، ولكن كما قلت في مناسبات ماضية هذا ملف يتطلب الكثير من التكتم والسرية لنتمكن من تحقيق تقدم، أعود وأقول ان هذه الزيارة ايضاً هي لتوثيق علاقة الاخوة العربية مع قطر وللتأكيد على ان لاخواننا القطريين في لبنان مكانة خصوصاً وموقعاً متقدماً من المحبة ومن الاحتضان ومن الرعاية، كما للبنانيين في قطر ايضاً فرص للعمل وللتميز، وهم يساهمون بنهضة قطر بكل أمانة وبكل شرف، وهذا مدعاة اعتزاز وافتخار لنا جميعاً. وسمعت أيضاً كلاماً من الامير، يثني فيه على أداء الجالية اللبنانية ويقدر هذه المساهمة، فهنيئاً لقطر وللبنان بهذه العلاقة الاخوية، وهنيئاً لأبنائنا في قطر ولبنان على الرعاية التي يلتقون بها معنا في مسؤولياتنا تجاههم وتجاه كل مجتمعنا».

اسئلة وأجوبة
ما الجديد في العلاقة مع قطر وبقية دول مجلس التعاون الخليجي في مجال الشراكة في مكافحة الارهاب، خصوصاً بعد اجتماع الدول العشر في السعودية، وهل يستطيع لبنان ان ينهض بدوره في هذا المجال في ظل انقسام داخلي كبير؟

«لبنان اليوم مستهدف من الارهاب والارهابيين، وبالتالي اي جهد يتم الإلتفاف من حوله أو الاتفاق عليه في مواجهة هذا التحدي، على لبنان ان يكون معه، بل في وسطه، يتقدم الصفوف، لنتمكن جميعاً بالتعاون واشتراك كل المعنيين، من إحراز تقدم على هذا المستوى. ولكن الجميع يعلم ان للبنان قدرات وإمكانات محدودة. ومن هنا موقفه او مساهمته، ربما تكون من موقف دفاعي في هذا الامر أكثر من اي بعد آخر بالنسبة الى قدراته، ولكن نعم نحن نواكب ونتفاعل مع كل الاخوة الذين يلتفون لمحاربة الارهاب ولوضع حد له».
ماذا دار بينكم وبين القيادة القطرية بالنسبة الى العسكرين المخطوفين وهل هناك مهلة معينة كي يطمئن أهالي العسكريين او ربما لبنان؟
«ما دار بيني وبين القيادة القطرية واضح وصريح، في ان القرار متخذ للمضي بمعالجة هذا الوضع الشاذ بكل السبل والوسائل المتاحة. ولكن ما له علاقة بالتفاصيل يبقى أمراً من شأن أصحاب الاختصاص المولوجين هذه المهمة، والتي تتطلب الكثير من الدقة والتكتم، وما عندي او عند معالي وزير الداخلية او الوزراء الامنيين المختصين في هذا المجال هو في أمانة معينة لنتمكن من تسهيل مهمة المتخصصين الذين يتابعون هذا الملف».
من المعروف ان دولة قطر لديها تجربة ناجحة في الشأنين السياسي والامني على المستوى اللبناني، فقد سبق لها ان أنجزت اتفاق الدوحة، وسبق لها ان حررت الاسرى في أعزاز وراهبات معلولا، هل تجاوزت محادثاتكم طرح الوساطة الامنية الى وساطة سياسية، وخصوصاً ان لبنان يقف أمام استحقاقات منها الفراغ الرئاسي والانتخابات النيابية؟
«في الحقيقة ان العلاقة اللبنانية – القطرية قديمة جداً، ربما برزت في محطات معينة، ولكن هي كانت قائمة ربما منذ الخمسينيات، وتتواصل بأشكال مختلفة، ولكن من الطبيعي مع هذه العلاقة القائمة ان يتحسس معنا القادة في قطر، ليس فقط في ازمتنا مع الارهاب وفي موضوع العسكريين، وإنما ايضاً في كل الوضع اللبناني، فهم يعيشون معنا، يعرفون أوضاعنا، ولا بد ان يتعاونوا ونتعاون معهم اذا كانت هناك فرصة للمساعدة او لتشابك الايدي، هم وآخرون في المنطقة من اخواننا العرب الذين لهم أيضاً باع طويل في التواصل معنا، فهذا أمر طبيعي، وتكون قطر مشكورة فيه، ولكن ليس هناك شيء محدد الآن، وعلينا نحن في لبنان ان نؤمن الحد الادنى من التوافق السياسي لنتمكن من معالجة ازماتنا السياسية».

الافراج عن العسكريين
هل ستتضمن المساعي للافراج عن العسكريين المختطفين التفاوض بشأن مبادلة بعض العناصر الارهابية الموجودة في السجون اللبنانية؟

«ما يمكن لي ان أؤكده ان المفاوضات القائمة ما زالت في البداية، ولم تصل بعد الى أماكن يمكن لنا ان نفرج فيها عن معلومات معينة، وعندما يستحق الموضوع سنتداول به وستكونون أنتم والجميع على علم بالمكونات ومقومات النجاح، ولكن احتمالات كثيرة مفتوحة أمامنا، لن نبخل في إعطاء هذا الملف كل ما يستحق، والحمد لله قلت في الماضي ان معنا عناصر قوة مميزة وأبرز هذه العناصر هو ما يتمثل بوحدتنا الداخلية في مواجهة الارهاب، حتى لو كان هناك بعض التباينات او بعض النزاعات والصراعات السياسية القائمة بين القوى السياسية المختلفة في لبنان في مواضيعنا السياسية العامة، اما في موضوع الارهاب والتصدي لهذا الارهاب فالموقف اللبناني يجب ان يكون موحدا واضحا لنتمكن من ان نكون أقوياء في مواجهة هذا التحدي».
«لا بد من تفسير سياسة تلك المجموعات التي انتشرت في لبنان وفي أماكن اخرى، وهم بصدد مد نفوذهم الى مناطق اخرى، وهذا ما يدفعنا لإدراك مقدار الخطر الذي باتوا يشكلونه علينا وعلى الآخرين، ويحدوني الامل ان نقوم جميعا باحتواء هذا الخطر الارهابي».
ما هي أولويات الحكومة اللبنانية في الوقت الحالي في ظل الازمات التي تعصف بالمنطقة، فهل هي اولويات سياسية، أمنية او اقتصادية، وهل لديكم معلومات عن الجهات الارهابية الخاطفة للعسكريين، هل هي جهة واحدة أم جهات متعددة وما مطالبهم؟
«بالنسبة الى الاولويات طبعا هناك أولوية سياسية تبقى عندنا في لبنان هماً كبيراً، وعلينا ان ننجز ما هو مطلوب، وهو بكل وضوح وصراحة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، اما الهموم الامنية فهي ايضاً تفرض نفسها في مرحلة معينة كأولوية ليستقر البلد، وعندما يستقر نتفرغ للمعالجة وللسعي لاحتضان كل هذه التحديات بأفضل السبل والوسائل المتاحة».

تسليح الجيش
هل تطرقت المحادثات اليوم بينكم وبين امير دولة قطر الى موضوع تسليح الجيش ودعم هذه المؤسسة على غرار ما فعلت المملكة العربية السعودية؟

«لا شك بأن رأس حربة مواجهة الارهاب والارهابيين هي كما قلت وحدتنا الداخلية، والجيش يأتي من ضمن هذه الوحدة الداخلية، نعم تكرمت المملكة العربية السعودية بدعم الجيش بإمكانات غير مسبوقة على مستوى الوطن، فكان أول التزام بمبلغ 3 مليارات دولار، ومجدداً بمبلغ مليار دولار، واذا ما تم تنفيذ هذا الدعم بالشكل المطلوب وخصوصاً بالسرعة المطلوبة، فانني اعتبر ان الجيش نال الكثير من الدعم، ونحن بحاجة الى دعم ايضاً في مجالات اخرى، فالأزمة كما نعلم جميعاً تكمن في الاساس بموضوع النزوح الكبير الذي يشكل العبء الأكبر على لبنان وعلى البنى التحتية اللبنانية التي عليها ان تتحمل هذا النزوح الكبير اليوم المتمثل بما يفوق مليون و300 الف نازح في وطن فيه 4 ملايين مواطن، طبعاً مجالات مساعدة لبنان ليست حصرا في الجيش والقوى الامنية بل في كثير من القطاعات، ونأمل من اخواننا في قطر ومن غيرهم ان يلتفتوا الينا في تلك الجوانب ايضاً».
تحدثتم عن النزوح السوري لكن عملياً كيف ستقدم قطر هذه المساعدات، وخصوصا ان هناك خطرا على حدود لبنان، وتتحدثون في الحكومة عن إقامة مخيمات هل هناك مساعدة في هذا الإطار؟
«هذا أمر يخضع لدراسات ومباحثات مستمرة، والمهم ان النية عند اخواننا في قطر هي للمساعدة، وهم منفتحون لنساعدهم في تحديد مجالات المساعدة، وأبدوا كل رغبة، والامير في هذا الامر كان واضحا بان كل ما يحتاجه لبنان لن تقصر قطر في توفيره، ويهمني ان أضيف ايضاً في الموضوع الذي سئلت عنه حول الجيش اللبناني بان الجيش ليس فقط سلاحاً وقتالاً ومعارك، الجيش اللبناني إرادة، والإرادة هذه مدعومة بشكل كامل وغير مشروط من القيادة السياسية لنتكامل عمليا في مواجهة الارهاب وأعدائنا».
تحدثتم عن رغبة الامير بان يكون أول العائدين الى لبنان وزيارة لبنان، فهل هذا يعني ان هناك قراراً قطرياً برفع الحظر عن القطريين للمجيء الى لبنان؟
«هذا الحد الادنى طبعاً، أعرب الامير عن ذلك وقال أن التحذير حصل في وقت ما خشية من الاوضاع، وأن القطريين لن يتوقفوا عن الذهاب الى لبنان، وخير جواب على هذا التحذير هو ان الأمير أعلن أنه سيذهب الى لبنان وسيكون في مقدمة القطريين».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق