أبرز الأخبار

ملفات ساخنة فتحها الامير سلمان في باريس وتسليح الجيش اللبناني اصبح جاهزاً

يجمع متابعون، على ان زيارة ولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز الى العاصمة الفرنسية باريس، كانت زيارة استثنائية بكل المقاييس. وان اجندتها كانت حافلة بالملفات الساخنة. وبالتزامن، تشير المعلومات المتسربة من اروقة القرار الفرنسي الى ان حكومة الاليزيه كانت تنتظر تلك الزيارة، املاً ببحث الكثير من الملفات سواء ما يتعلق منها بـ «العلاقات الثنائية»، او الخاصة بملفات المنطقة، وتطوراتها، وتنسيق المواقف بخصوصها. اضافة الى ملفات التنسيق الدولي المتعلق بمكافحة الارهاب، خصوصاً وان المملكة العربية السعودية كانت من اوائل الدول التي حذرت من خطورة تنظيم داعش، وحذرت – على لسان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله – من احتمالية وصول اخطار التنظيم الى الاميركيين والاوروبيين في عقر دارهم سريعاً.

بينما شددت فرنسا على اهمية تلك الزيارة،  التي تصفها بـ «الاستثنائية»، نقلت صحيفة عكاظ السعودية عن المحلل الاستراتيجي فضل بن سعد البوعينين قوله إنها تأتي في ظروف دولية غير اعتيادية، «تسببت في إحداث فوضى عارمة في المنطقة، وساعدت على تمدد المنظمات الإرهابية في المنطقة العربية، حتى باتت تهدد السلم الدولي». وأضاف البوعينين ان «زيارة الأمير سلمان يمكن أن تسهم في بلورة قرار دولي داعم لأمن واستقرار المنطقة، ومواجهة الإرهاب وحماية الدول والشعوب من مآسٍ أصابت بعضها، وستصيب بعضها الآخر في حال عدم مواجهتها بحزم من المجتمع الدولي».

موقف موحد
وفي الاثناء، اجمع محللون واكاديميون على ادراك «فرنسا أن السعودية هي الدولة الوحيدة التي ما زالت تطالب جميع الدول والمنظمات الدولية باتخاذ موقف موحد إزاء قضايا الإرهاب، التي بدأت تهدد النظام والاستقرار العالميين، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط».
وفي حديث صحفي، وصف السفير الفرنسي لدى السعودية برتران بزانسنو الزيارة بالتاريخية، وبأنها فرصة لإجراء محادثات تتناول التطورات في المنطقة، خصوصاً تجديد التعاون لمكافحة الإرهاب والتطرف، «وأنها تأتي للتأكيد على قوة ومتانة العلاقات بين البلدين، وعلى تطابق وجهات نظر الرياض وباريس في الكثير من الملفات السياسية في المنطقة، خصوصاً تجاه ما يجري في سوريا».
خلال الزيارة، التقى ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز، مع رئيس الوزراء الفرنسي ايمانويل فالس في مقر رئاسة الوزراء بباريس. وجرى خلال الاجتماع  الذي حرصت وسائل الاعلام الدولية على وصفه بـ «القمة» بحث أوجه التعاون بين البلدين في المجالات كافة، بالإضافة إلى آخر التطورات في منطقة الشرق الأوسط وموقف البلدين منها.
من جهة أخرى التقى ولي العهد، الطلبة المبتعثين العسكريين السعوديين في فرنسا، وأشاد بكفاءتهم، وشدد على اهتمام خادم الحرمين الشريفين بهم.
والتقى الأمير سلمان، في مقر إقامته بباريس، وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس.
وتناول اللقاء عدداً من الملفات الإقليمية، وعلى رأسها قضية السلام في الشرق الأوسط، والمؤتمر الدولي الذي تسعى باريس لعقده بشأن العراق، إضافة إلى تطورات الوضع في سوريا واليمن ولبنان. كما تطرق اللقاء إلى محاربة الإرهاب في المنطقة، وجهود البلدين في سبيل الحد منه.
وكان وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، عقد لقاء مماثلاً مع نظيره الفرنسي، تناول عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.

دعم دولي لحملة السعودية
وفي حفل استقبال رسمي لولي العهد في قصر الاليزيه، أكد الامير سلمان وجود الدعم الدولي للحملة التي تقودها السعودية على الارهاب، بينما أكد فرانسوا هولاند على الشراكة السياسية والعسكرية والاقتصادية مع المملكة.
وفي كلمة القاها في الحفل، أكد الأمير سلمان، تقدير السعودية لمواقف الحكومة الفرنسية، الرامية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة العربية، «التي تعيش في دوامة من الأزمات المتتالية نالت تداعياتها الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي»، ناقلًا تحيات الملك عبدالله بن عبد العزيز للرئيس الفرنسي والحكومة والشعب الفرنسي الصديق.
وقال الأمير سلمان أن زيارته إلى فرنسا تأتي في إطار توجيهات خادم الحرمين الشريفين لتعزيز الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين، لافتاً إلى أن السعودية تدرك مكانة فرنسا العالمية، التي احتلتها بحكم إرثها الثقافي، ودورها السياسي، وثقلها الاقتصادي.
وشدد في كلمته على ان السعودية، ومن خلال تواصلها مع الأصدقاء، تحرص على تجسيد ما تتمسك به من قيم ومبادىء إسلامية ومن ذلك قيم التسامح والإخاء والعدالة والدعوة إلى الحوار، ونبذ التطرف والعنف ومحاربة الإرهاب. وقال «ان حكومة المملكة تدرك خطورة ظاهرة الإرهاب على المجتمع الدولي منذ وقت مبكر، حيث دعت إلى مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب عقد في مدينة الرياض في العام 2005، كما كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز قد دعا إلى تأسيس مركز دولي لمكافحة الإرهاب، ليكون جزءاً من الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز مكافحة الإرهاب، والتبرع له بمئة مليون دولار من أجل تفعيل دوره».
وعبر الأمير سلمان عن رغبة المملكة وأملها في أن تسارع الدول المحبة للسلام إلى الإسهام بفعالية في دعم هذا المركز، «ليكون محوراً فاعلاً وركيزة أساسية للتعاون الدولي لمكافحة هذه الآفة التي تهدد الأمن والاستقرار في العالم».
وتطرق الأمير سلمان خلال كلمته في الإليزيه إلى اهتمام المملكة البالغ بالقضية الفلسطينية، باعتبارها القضية الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، مشيراً  إلى أن مبادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز التي أصبحت المبادرة العربية للسلام جاءت لتؤكد هذا الاهتمام، وتضمنت الأسس وركائز الحل العادل للقضية الفلسطينية، ما يجنب الشعب الفلسطيني ويلات الحروب والمعاناة القاسية، ويحقق له تطلعاته المشروعة وإقامة دولته المستقلة، تحقيقًا للسلام العادل والدائم في المنطقة».
وأكد في هذا الخصوص أن ما تعرض له الشعب الفلسطيني الأعزل من عدوان وحشي مدمر على غزة أمر لا تقره المواثيق والمبادىء الدولية، وتستهجنه جميع الشرائع، داعياً المجتمع الدولي إلى أن ينهض بمسؤولياته لتأمين حماية الشعب الفلسطيني من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.

لبنان والعراق
في الشأن اللبناني، أعرب الأمير سلمان عن امله بأن يتم الاتفاق على رئيس يجمع كل الفرقاء، ويمكن لبنان من تجاوز أزمته الحالية. وحول الأزمة العراقية، أشار ولي العهد إلى ترحيب المملكة بالتوافق في العراق واختيار قياداته، «متمنياً لهم النجاح في تشكيل حكومة وحدة وطنية تحرص على وحدة العراق وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه».
وفي ما يتعلق بالشأن اليمني، أعرب عن قلق المملكة للتدهور البالغ في الوضع الأمني هناك، وما يتم القيام به من أعمال تهدف إلى تقويض العملية السياسية التي تستند إلى المبادرة الخليجية، متمنياً أن يسود الأمن والاستقرار في اليمن والتزام الشرعية وما صدر عن مجلس الأمن في هذا الشأن، ومؤكدًا دعم المملكة لكل المبادرات والمواقف السياسية بمساعدات إنسانية وتنموية، وبرغبة جادة في تحقيق السلم والأمن والاستقرار السياسي في دول المنطقة.
وتطرق الأمير سلمان إلى الشأن الاقتصادي الدولي، فأشار إلى إدراك المملكة دورها في مجموعة العشرين، وعملها ما في وسعها لتعافي الاقتصاد العالمي بعد الأزمة التي مر بها، فزادت من إنفاقها على البنية الأساسية، ومن دعمها لصناديق التنمية الإقليمية والدولية، وأخذت بنهج معتدل لتأمين الاستقرار للسوق البترولية مراعاة لمصلحة المنتج والمستهلك. وأضاف ان المملكة قامت بمسؤولياتها وقت الأزمات في توفير الإمدادات البترولية مدركة لدورها ومسؤولياتها تجاه الاقتصاد العالمي.

فرنسا شريك للسعودية
وألقى الرئيس الفرنسي كلمة أكد فيها أن السعودية تمثل شريكاً متميزاً لفرنسا، «وان الأولوية الفرنسية تتمثل في إرساء السلام والأمن في الشرق الأوسط، التي أصبحت ضرورية الآن أكثر من أي وقت مضى، مشيراً الى انتقال الازمة السورية إلى العراق. وقال، ثمة حركة إرهابية تدعي إقامة دولة، وقررت فرنسا أن تساعد العراق على الصعيدين الإنساني والأمني غير أن هذا الدعم لا يسعه أن يكون فعالاً ما لم تتألف حكومة تمثل جميع الطوائف على وجه السرعة تلافياً لتجزئة البلاد».
وأضاف، «أما في سوريا، فقد كانت فرنسا والمملكة العربية السعودية واضحتين بشأن خطورة الأزمة، حيث دعت دولتانا المجتمع الدولي إلى التدخل، لكن دعواتهما لم تلب دائماً، وهما يدعمان من يحارب الوحشية المزدوجة لبشار الأسد والإرهابيين في الوقت الراهن». وتابع، ان «تعاوننا السياسي وطيد إلى حد بعيد، إذ تم تعزيزه بتعاون عسكري قيم للغاية، فقد أقام جيشانا أنشطة عملياتية منذ زمن بعيد، في مجالات حاسمة لأمن المملكة». وقدم الشكر إلى المملكة العربية السعودية «للثقة التي توليها للخبرة والتكنولوجيات الفرنسية في ما يتعلق بدفاعها الخاص، ودفاع بلدان المنطقة أيضاً». واشار الى ان تلك الثقة تتجلى بالتعاون في الموضوع اللبناني «حيث نستعد لنزوده معاً بتجهيزات يحتاجها من أجل تحقيق أمن إقليمه وسلامة جميع طوائفه».
وأفاد هولاند بأن السعودية استطاعت تسخير مواردها في خدمة مشروع بناء طموح، «والمنشآت الفرنسية تشارك مشاركة كاملة في تطوير المملكة، فهي حاضرة في مجال الطاقة والخدمات والصحة والنقل، بيد أن فرنسا تود أيضاً استقبال الكفاءات السعودية وإقامة شراكات مع منشآتها، وحددنا معاً فرصاً سائحة في مجالات عدة استراتيجية كبرى، أرغب في أن نتمكن من تنفيذها سريعاً».
في الاثناء، اعلنت الرئاسة الفرنسية عقب قمة سلمان هولاند، أن البلدين بصدد «وضع اللمسات الاخيرة» على عقد لتزويد الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية إن «العقد مكتمل، وهناك فقط بعض العناصر التقنية لانجازه. وسيتم التوقيع عليه بعد وضع اللمسات الاخيرة عليه».

باريس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق