حرب العقوبات الروسية – الغربية تدق ابواب… البطون

اعتقد البعض لفترة وجيزة ان روسيا لن تقوى على الصمود في وجه العقوبات الغربية، لكن هذا الاعتقاد ما لبث ان سقط امام اشهار روسيا سلاحها الغذائي في وجه الضغوط الغربية.
في السابع من آب (اغسطس) من العام الحالي، اصدر رئيس الوزراء السوفياتي ديمتري ميدفيديف «حظراً شاملاً» لمدة سنة على المنتجات الآتية من الاتحاد الاوروبي، والولايات المتحدة، واوستراليا، وكندا، والنروج، وذلك في رد رسمي على العقوبات الغربية المتصاعدة ضد موسكو. التي اتهمت بدعم الانفصاليين في شرق اوكرانيا عسكرياً.
حظر تدريجي
والواقع انها ليست المرة الاولى التي يلجأ الروس فيها لاستخدام العقوبات التجارية كسلاح للضغط الدبلوماسي. فهناك بعض القرارات المتعلقة بالخدمات الصحية يبدو انها اتخذتها مباشرة سياسة الكرملين الخارجية.
ومنذ تعزيز العقوبات الغربية تلجأ روسيا كل يوم تقريباً لمنع دخول المنتجات الغذائية الجديدة الى اراضيها في ظل تنامي المخاوف الصحية الداخلية.
وفي الرابع من آب (اغسطس)، هددت دوائر الرقابة البيطرية والصحية («روزلكونازدور») بتعليق استيراد «البوربون» من الولايات المتحدة بحجة انها «تحتوي على «فاتالات» يمكن ان تسبب اضطرابات وظيفية وعضوية في الجهاز العصبي المركزي ومحيطه، والجهاز الكظري، وايضاً السرطان، ومشكلات العقم للرجال والنساء».
وقبل ثلاثة ايام منعت موسكو دخول الفواكه والخضار من بولونيا بحجة «انتهاكات متعددة لاجراءات الاستيراد»، وفي 25 تموز (يوليو) كان دور مشتقات الحليب الاوكرانية في الحظر بحجة «اكتشاف بقايا مواد ممنوعة او مشكوك في امرها بشكل متكرر». ومنذ بدء الازمة الاوكرانية، تكثف دوائر الرقابة منع المستوردات الطويلة الصلاحية والآنية الصلاحية الآتية من كييف. وحتى قبل انطلاق التظاهرات في الميدان كانت اوكرانيا تعبر عن رغبتها في التقرب من الاتحاد الاوروبي، بخلاف المشروع الروسي الاورو – آسيوي، وفجأة تحولت الشوكولا الاوكرانية «سرطانية»، ولم تلبث المنتجات الاوكرانية ان تعرضت للحظر عند نقاط الجمارك الروسية.
الخلاف يتصاعد
والملاحظ ان الازمة لم تلق اوزارها في الاسابيع القليلة الماضية بين موسكو وكييف تحت ستار «حماية المستهلك دوماً». ولطالما عمدت موسكو الى رفض ادخال شحنات الاسماك المتجهة الى القرم بحجة «وجود اخطاء في المستفدات البيطرية». بالاضافة الى الاجبان «المشكوك فيها»، او الشتول الآتية من اوكرانيا.
ولم تبق الولايات المتحدة في منأى عن الحظر الروسي، حيث طلبت موسكو من القضاء منع العديد من منتجات «ماكدونالدز». وعلى الصعيد الرسمي، كانت روسيا تعارض المباحثات الجارية مع مولدافيا على خلفية عقد اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي بحجة «انتهاكات معايير الامان». وبين المنتجات العشرة الاخيرة التي حظرتها اجهزة الرقابة، ثلاثة منها اميركية المصدر.
حواجز مصطنعة
لكن الاتحاد الاوروبي لم يكتشف اي انتهاك لمعايير الامان الصحي في المنتجات الواردة من مولدافيا، ولذلك حذرت موسكو من الاسلوب الذي تتبعه مع مولدافيا على خلفية اتفاقها المحتمل مع الاتحاد الاوروبي، وهو يتم عن اعتماد عراقيل تجارية مصطنعة.
وفي العام 2006، وفي عز الخلاف مع مولدافيا على هوية («ترانسنيستري») فرضت موسكو اول حظر على نبيذ البلاد. وفي ذلك الوقت كان المولدافيون يصدرون 80٪ من انتاجهم الى روسيا، الامر الذي دفع الى شمول هذه الدولة السوفياتية الصغيرة السابقة بالحظر بوصفعها من اكبر الدول انتاجاً للنبيذ.
وفي العام نفسه، منع الكرملين ايضاً استيراد النبيذ والمياه المعدنية من الدولة السوفياتية السابقة جورجيا تحت ذريعة «قلة جودة المنتجات»، علماً ان العلاقات بين البلدين كانت قد تدهورت على نطاق واسع.
وبعد سنتين تسبب اعتراف روسيا باستقلال المفاطعتين الجورجيتين (اوسيتيا وجنوب انجازيا) بحرب فعلية زادت من اتساع الفجوة بين روسيا وجورجيا، دفع هذه الاخيرة الى التوجه نحو الغرب، كما فعلت بولونيا لجهة طلبها من الولايات المتحدة فتح ابوابها امام انتاجها من التفاح.
الهدف الموجع
اعتبر المراقبون ان الحظر الروسي على المنتجات الغذائية الاوروبية والاميركية والكندية والاوسترالية والنروجية ستكون له انعكاسات مباشرة على المنتجات في هذه البلدان ويقول رئيس اكبر نقابة زراعية في فرنسا كزافييه بولين في هذا الصدد «انه اذا كان بوتين يواجه العقوبات الغربية فانه احسن الاختيار في منع المنتجات السريعة التلف. ولذلك طالب بولين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بطرح الموضوع على منظمة التجارة الدولية والمفوضية الاوروبية لاتخاذ القرار المناسب في شأن نزع «سلاح الغذاء» من الجانب الروسي، باعتبار ان قرار الحظر يخالف التعهدات التي التزمت بها موسكو امام منظمة التجارة الدولية.