تحقيق

«تارا» على شواطىء بيروت

رست سفينة «تارا المتوسط البيئية» في مارينا بيروت ضمن رحلات ومحطات لها على المدن الواقعة على ضفاف المتوسط من ايار (مايو) وحتى تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، حيث ستزور كل من فرنسا، ايطاليا، البانيا، اليونان، لبنان، قبرص، مالطا، تونس، الجزائر، اسبانيا والمغرب، ضمن مهمة علمية تهدف للتوعية على التحديات البيئية المرتبطة بالبحر المتوسط والحاجة لإيجاد حلول حيوية لمسائل مثل تنقية المياه وإدارة النفايات، تشجيع السياحة المستدامة، استحداث محميات بحرية طبيعية، ودراسة مدى التلوث البلاستيكي في المتوسط. ويقوم بالدراسة العلمية هذه مختبر علم المحيطات في فيلفرانش – جامعة بيار وماري كوري في فرنسا بالتعاون مع جامعة ميشيغان في الولايات المتحدة والمعهد الفرنسي الوطني للأبحاث العلمية.

ويعمل العلماء على متن «تارا» على مهمة متعددة التخصص، تهدف الى فهم تأثيرات البلاستيك على النظام البيئي للبحر الأبيض المتوسط، من قياس كمية بقايا البلاستيك وحجمها ووزنها، وتوصيف المواد البلاستيكية والملوثات العضوية المتعلقة بها التي تنتشر في البحر ولا تزال غير معروفة، من نمو انظمة بيئية مجهرية وعيانية غير معروفة على سطح البلاستيك من بكتيريا وبروتوزوا وطحالب دقيقة، وعن مدى دخول هذه الملوثات في النظام الغذائي.
وبالأمس، وما إن رست «تارا» في مارينا بيروت آتية من اليونان بدعوة من شركة سوليدير وبلدية بيروت والمعهد الفرنسي، حتى تحلق حولها الأعلاميون وجالوا على متنها واستطلعوا غرفة القيادة، المختبر، قاعة الإستراحة، واستمعوا الى شرح عن رحلاتها وعن البحث العلمي الذي تقوم به، وسجلوا بعدساتهم فسحة ولو صغيرة من الفرح وحب الحياة في بلد تعصف به الازمات والأحزان.

دويدي
وأعرب المدير العام لـ «سوليدير» منير دويدي عن فخره بأن تكون نقطة وصول «تارا» هي مارينا بيروت. وقال: «لطالما كان لدى سوليدير اهتمام بموضوع البيئة، ولهذه الباخرة هدف بيئي مميز فهي بمثابة مختبر متنقل لديه امكانيات لإجراء تحاليل لمياه البحر ومعرفة نسبة تلوثها، فهي تجول العالم من القطب الشمالي الى الجنوبي ولدى انطلاقتنا كان عندنا مشكلة بيئية كبيرة متمثلة بمكب النورماندي الذي حولناه الى واجهة بحرية مميزة ستكون واجهة بيروت المستقبلية».
ورأى أن «لهذا الحدث رمزية مضاعفة في هذا التوقيت، فنحن نعيش اجواء متشنجة وغير مريحة وما هذا النشاط البيئي الا دليل على ان لبنان لا يعاني فقط المصاعب والمشاكل انما يتطلع الى الأمام ويعتني بالأمور الحياتية والمواضيع البيئية، لأن لها تأثُيرا كبيرا على الحياة اليومية. ولقد اعطينا دعمنا كسوليدير لهذا الحدث لأننا اردنا ان نبرز بيروت على الساحة العالمية».
واثنى رداً على سؤال على حضور الإعلاميين بكثرة وقال: «هناك صحافيون اليوم يصورون معارك تدور في اجزاء من لبنان وكل المآسي التي تنتج عنها وهذا مؤسف، وهناك صحافيون يصورون نواحي اخرى من الحياة، وان شاء الله يكون ذلك دافعا للبنانيين بأن يفكروا بالخير بدلاً من الحرب والشر».

تروبليه
واعلن الأمين العام للباخرة رومان تروبليه أن «مؤسسة تارا تخصص المركب للبحث العلمي ونحن نطلق برامج بحثية وقررنا دراسة إشكالية البلاستيك في البحر الأبيض المتوسط الذي يعاني الكثير من الضغط بسبب وجود المدن الكبيرة وحركة مرور السفن عبر قناة السويس ومضيق جبل طارق، ووجدنا أن البلاستيك يحمل مادة الرصاص بكثرة وارتفاع نسبة ميكروبلاستيك أكثر مما توقعنا».
وعن سبب إلغاء زيارات الباخرة الى كل من مصر واسرائيل وفلسطين قال: «تم الإلغاء بسبب الأوضاع في المنطقة، وكنا نخطط لاستقبال طلاب فلسطينيين واسرائيليين ولكن الظروف ليست ملائمة وآمنة مطلقا. اخذنا ذلك في الإعتبار وألغينا الرحلة إلى تلك البلدان. لقد انطلقنا من فرنسا، فايطاليا، البانيا، اليونان، لبنان، وسنزور بعد ذلك قبرص، مالطا، تونس، فرنسا، ايطاليا، الجزائر، اسبانيا والمغرب».

الى المواقع المرجانية
وأعلن أن «المشروع المقبل الذي تعمل عليه تارا هي المواقع المرجانية في المحيط الهادىء عبر دراسة التنوع البيئي، المناخ، التلوث، وانتاجها كلها في افلام ووثائقيات ومواد صحافية».
وختم: «صحيح أن المتوسط يعاني التلوث وهناك مشاكل في كل الدول التي نزور، مشاكل ثقافية وسياسية وتاريخية خاصة بها، ومن السهل تسمية المشاكل ولكن الأفضل العمل على كيفية حلها».

ادريس
وشددت رئيسة جمعية الأزرق الكبير عفت ادريس على «أهمية المهمة التي تقوم بها تارا»، وقالت: «سنطلع على جديد الإختيارات حول البيئة البحرية وتدوير النفايات الصلبة. ولبنان لديه مشكلة كبيرة في هذا الخصوص، ونحن كجمعية أزرق كبير نعمل على هذا الموضوع منذ العام 1997، وسيكون هناك طاولة حوار سيشارك فيها حوالي 30 خبيرا نأمل ان نتعرف فيها اكثر على خبرات البلدان الأخرى وكيف تمكنوا من معالجة مشاكلهم لنطبقها في لبنان. وسيشارك في هذه الطاولة، وزارة البيئة، وزارة العدل، هيئات المجتمع المدني، بلدية صيدا، وشركات تعمل على النفايات الصلبة وتدويرها، شركة سوكلين، محطة تكرير صيدا، وخبيران احدهما سيعرض حال الشاطىء اللبناني والثاني التنوع البيولوجي فيه».
وأعلنت أن «أكثر النفايات التي نزيلها هي من البلاستيك ولهذا قمنا بالتنسيق معهم، فالبلاستيك يتكسر ويتحلل وتدخل جزئياته معدة السمك وتسبب لنا الضرر». وختمت أن «مشكلة التلوث لا تحل من مكان واحد انما بتكاتف وتضافر جهود الجميع».

اوبا
أما الطالب اللبناني انطوني اوبا الذي يقوم ببحث علمي في مختبر فرانس سور مار والذي شارك في جزء من الرحلة من اليونان الى لبنان، فقال: «انها خبرة مميزة وفريدة وممتعة في آن واحد هي غنية على الصعيد العلمي وعلى صعيد تبادل الخبرات والأفكار والاراء العلمية ومهمتي هي المساعدة في سحب العينات وتحضيرها لإرسالها الى مختبرات جامعية عدة».
وسترسو تارا في لبنان بين 5 آب (اغسطس) و12 منه في مارينا بيروت وستنظم معرضا وزيارات للعموم والطلاب الى السفينة في هذه المناسبة قبالة بيروت مارينا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق