رئيسيسياسة عربية

ليبيا: فرار جماعي للاجانب: الزحف الاسلامي يطوع بنغازي، ويقترب من طرابلس

يعتقد ليبيون ان ما يجري حالياً في بلادهم يشبه الى حد كبير اجواء الحرب التي دارت عام 2011 ، والتي اطاحت نظام حكم العقيد معمر القذافي. الا ان متابعين لتطورات الموقف يرون ان الاجواء الراهنة اكثر توتراً، واشد خطورة من اي وقت مضى. ذلك ان مواجهات 2011 كانت تدور بين فريقين، وكانت جميع الفصائل متوحدة في صف الثورة ضد انصار القذافي. اما اليوم فالعملية تبدو متشعبة، واخطارها ترتقي الى مستوى الحرب الاهلية، وبما يرتقي الى مساتوى التقسيم.

اخر تطورات الموقف تشير الى ان مدينة بنغازي سقطت بالكامل بايدي الثوار الاسلاميين، وان العاصمة طرابلس اصبحت على وشك السقوط. وان حرباً شرسة تدور رحاها في المنطقتين. بينما تشهد المعابر البرية والبحرية حركة نزوح واسعة للاجانب من دبلوماسيين وغيرهم. بينما تتسرب شائعات حول تفاصيل المواجهات الدائرة هنا، والتي توقع المئات من القتلى والمصابين.
فعلى وقع الازمة،عقد البرلمان الليبي الجديد المنبثق عن انتخابات 25 حزيران (يونيو) اول جلسة له في طبرق، وكانت جلسة غير رسمية – وفق ما اعلن احد النواب -، موضحاً ان الجلسة الافتتاحية الرسمية ستعقد لاحقاً في تلك المدينة بشرق البلاد. غير ان مصادر رسمية افصحت بان الجلسة لم تسفر عن أي قرار من شانه ان يدفع بالبلاد خطوة في أي اتجاه.
ويستعد البرلمان لمباشرة عمله في حين تسود البلاد فوضى مستشرية، حيث تشهد اكبر مدينتين في البلاد، طرابلس وبنغازي معارك ضارية ما دفع بالعديد من العواصم الغربية الى سحب مواطنيها.

مغادرة سفير بريطانيا
ويأتي ذلك فيما اعلن السفير البريطاني في ليبيا انه قرر مغادرة السفارة في طرابلس بسبب المواجهات المستمرة في العاصمة وانعدام الامن. بينما قررت السفارة تعليق انشطتها موقتاً اعتباراً من الاثنين ونظمت مغادرة المواطنين البريطانيين.
لكن السفير مايكل ارون اكد انه قرر المغادرة قبل ذلك التاريخ. معلناً «قررنا بأسف مغادرة ليبيا وتعليق انشطة السفارة بشكل موقت، وسنعود ما ان تسمح الظروف الامنية بذلك».
واعترف بان المعارك بلغت المنطقة التي يقيم بها، وتحديداً في منطقة السراج، كما اعترف بان «الخطر يحاصرهم» وان تبادل اطلاق النار كبير جداً.
ودعت وزارة الخارجية البريطانية الرعايا البريطانيين الموجودين في ليبيا الى مغادرتها فوراً بالرحلات التجارية.
وقال مسؤولون إن بريطانيا ستغلق سفارتها في العاصمة الليبية طرابلس اعتباراً من الرابع من اب (اغسطس) وستجلي أفراد طاقمها الدبلوماسي إلى تونس بعد وصول القتال بين كتائب مسلحة متناحرة إلى المدينة.
ميدانياً ذكر تقرير اخباري ان مجموعة تابعة  لمجلس شورى ثوار بنغازي المكون من تنظيم أنصار الشريعة و درع ليبيا  وكتيبة راف الله السحاتي قامت بتفجير مبنى مديرية الأمن ببنغازي وتسويته بالأرض. وقال شهود عيان، ان المبنى الخالي من الشرطة استهدف بالحرق من قبل  مجموعة المجلس التي سيطرت عليه في وقت سابق، ثم تفاجأ سكان المنطقة  بتفجيره بالكامل.
يذكر ان مدينة بنغازي تشهد قتالاً بين قوات عملية الكرامة بقيادة اللواء  المتقاعد خليفة حفتر القائد السابق للقوات البرية الليبية وتنظيم انصار الشريعة والمجموعات المتحالفة.
فالتقارير الواردة من ليبيا، تشير الى ان التطورات تتسارع نحو حسم عسكري لـصالح  الثوار الإسلاميين بعد سيطرتهم على بنغازي، وإلحاقهم هزيمة كبيرة بقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي سقط عشرات من جنوده قتلى في معارك اليومين الماضيين.
وانعكست المخاوف من تصاعد حدة القتال تحركات متسارعة للدول الغربية والآسيوية لترحيل أطقم سفاراتها ورعاياها من ليبيا، ما دفع المراقبين المحليين الى استبعاد أي تدخل خارجي لو بالوساطة بين طرفي الصراع.

تونس تقفل حدودها
وفي الاثناء، لوحت تونس بإغلاق حدودها مع ليبيا مع تزايد تدفق اللاجئين منها.
وبعد إجلاء معظم الديبلوماسيين والرعايا الغربيين، وآخرهم الفرنسيون والبريطانيون، بدأت تشيكيا ترحيل ديبلوماسييها، وتلتها الفليبين بعد اختطاف ممرضة فلبينية من مستشفى في العاصمة الليبية لساعات، والاعتداء عليها.
وشهدت العاصمة الليبية طرابلس هدوءاً نسبياً، بعد اتفاق طرفي النزاع «الإسلاميين ومقاتلي الزنتان وأنصارهم»، على هدنة للسماح لرجال الإطفاء المحليين، بمحاولة السيطرة على حريق خزانات الوقود التي أصيبت بالقصف قرب مطار طرابلس. وسمع قصف متقطع بعيداً من منطقة الخزانات، فيما سادت قناعة بأن هزيمة حفتر في بنغازي ستنعكس سلباً على حلفائه في طرابلس.
ولم تفلح المناشدات وجهود الوساطة في حقن الدماء في بنغازي، حيث أصر مجلس شورى الثوار المؤلف من فصائل إسلامية عدة بينها أنصار الشريعة، على الحسم في مواجهة قوات الصاعقة التابعة لحفتر وإجبارها على الانسحاب من آخر معسكراتها في بنغازي باتجاه مرتفعات خارج المدينة.
وتشير التقارير الى فقدان أثر قائد «قوات الصاعقة» العقيد ونيس بوحمادة، الذي أعلنت مصادر الثوار أنها اعتقلته، فيما ترددت معلومات عن ان اللواء حفتر غادر البلاد خفية متوجها إلى مصر لقضاء أيام العيد مع بعض أفراد عائلته الموجودين هناك وانه لم يعد بعد.
ووصف محمد حجازي الناطق باسم حفتر، انسحاب قواته من معسكراتها في بنغازي بأنه «تكتيكي»، الا ان مصادر اخرى اشارت الى ان الانسحاب تم على وقع الكم الكبير من الخسائر البشرية. وفي هذا السياق نقلت تقارير صحفية معلومات مفادها انه تم العثور على اكثر من 75 جثة معظمها لجنود من «الجيش الوطني» بقيادة حفتر، والذي انحسرت سيطرته على مدينة طبرق وبعض أطراف بنغازي.
وبحسب التقاريرعثر الهلال الأحمر على أكثر من 50 جثة داخل المعسكر الذي أخلته قوات الصاعقة.
وتشير تقارير عسكرية وسياسية الى ان حفتر – كما يبدو – قد اخطأ في حساباته، واعتمد على دعم منتظر من بعض القبائل. وخلصت التقارير الى ان سبب عجز قواته عن الصمود يعود الى تقاعس قبائل الشرق الليبي عن نجدته ومراهنتها بلا جدوى على مناشدة أطلقها رئيس المجلس الانتقالي السابق مصطفى عبد الجليل لوقف القتال بعدما كلفته الحكومة الموقتة التوسط بين المتحاربين.

اتهام بالتواطؤ
ويبدو ان التطورات الاخيرة دفعت باطراف العملية السياسية الى اعادة النظر في بعض المواقف المتشنجة، خصوصاً ازاء الحركات الاسلامية، حيث تصاعدت الدعوات إلى التيارات الإسلامية المشاركة في العملية السياسية، لتحديد موقف مما يجري في البلاد عموماً وبنغازي خصوصاً.
ونقلت صحف عربية وغربية عن مسؤولين وسياسيين ليبيين دعوات الى جماعة الاخوان المسلمين بانه على «الإخوان» والأحزاب القريبة منهم تحديد موقف مما يجري من وأد لمشروع الدولة التي يشكلون جزءاً منها بحكم مشاركتهم في السلطة.
وبصيغة لا تخلو من الاتهامية بالتواطؤ، حذرت تلك الشخصيات من ان تؤول الامور الى ما يشبه «دولة داعش» فيما اذا استمرت التطورات على ما هي عليه الان.
في الاثناء، استأنف معبر رأس جدير الحدودي بين تونس وليبيا  حركة العبور اثر اقفاله مؤقتاً منذ ظهر يوم الجمعة بسبب الزحام  والفوضى.
وتدفق الآلاف من المواطنين الليبيين الفارين من العنف في ليبيا على المعبر للمرور إلى تونس بينما لا يزال الآلاف من المصريين يرابطون قرب المعبر في انتظار إتمام إجراءات الدخول ومن ثم العودة إلى بلادهم عبر  مطار جربة جريجيس.
وأغلقت السلطات التونسية المعبر بشكل مؤقت بعدما احتشد قرابة  6000 شخص على الحدود حاولوا اقتحامه بالقوة.
وتصدت وحدات مشتركة من الجيش والأمن للحشود بالهراوات وبإطلاق الرصاص في  الهواء، وأصيب خلال هذه الأحداث مسؤول أمني رفيع برصاصة طائشة على مستوى  الساق من الجانب الليبي، حسب ما ذكرت وزارة الداخلية بينما قتل سبعة  مصريين وأصيب أربعة أخرون برصاص وحدات أمنية ليبية على  الجانب الليبي من المعبر.
وتستمر عملية إجلاء البعثات الأجنبية من ليبيا باتجاه تونس بشكل متسارع بينما حثت السلطات التونسية أمس أفراد جاليتها البالغ عددهم نحو 60 ألفاً بمغادرة التراب الليبي فورا.
وقالت تونس، التي تخوض حرباً داخلية ضد جماعات إرهابية مسلحة، إنها قد  تلجأ إلى اقفال حدودها الشرقية مع ليبيا في حال ازداد الوضع الأمني سوءاً  لدى جارتها حفاظاً على أمنها الوطني وخوفاً من تسرب السلاح وتسلل  الإرهابيين إلى أراضيها.

ا. ح
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق