الاقتصادمفكرة الأسبوع

عين اوروبا على غاز المتوسط

تراجع الطلب على نفط الدول المصدرة للنفط (اوبك) 310 آلاف برميل يومياً ليبلغ 29،37 مليون برميل يومياً في المتوسط. ويأتي هذا التراجع المحدود للسنة الثالثة على التوالي بفعل تزايد انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، فهل تعوض امدادات الغاز من الشرق الاوسط هذا التراجع؟ وهل يربط الاتحاد الاوروبي امنه بأمن هذه الامدادات؟

قبل كل شيء لا بد من الاشارة الى ان التراجع في الطلب على نفط اوبك لا يعني تراجع الاهتمام بهذا النفط ولا سيما نفط الشرق الاوسط، بل يعني غياب قسم كبير من الانتاج من السوق لدى بعض الدول الاعضاء في المنظمة النفطية ولا سيما العراق (نتيجة الاحداث الاخيرة)، وايران (نتيجة العقوبات الدولية)، وليبيا (نتيجة الاضطرابات المتمادية).

الغاز يسرق الاضواء
امام هذا المشهد النفطي غير المقلق في اوبك، بما فيها منطقة المتوسط، تتوهج صورة الغاز المنطلق او القابل للانطلاق من هذه المنطقة باتجاه الاتحاد الاوروبي بصورة خاصة. وهذا ما تجلى في مشاركة وزراء الطاقة في شمال افريقيا والشرق الاوسط ومنظمات وشركات اقليمية معينة بملف الطاقة في المؤتمر الذي نظمته المفوضية الاوروبية في مالطا حول دور تنمية الغاز في منطقة المتوسط في امن امدادات الطاقة لاتحاد الاوروبي.
وركزت الجلسة الاولى على  وضعية الغاز حالياً ومستقبلياً في جنوب المتوسط وشرقه، واهمية هذه الدول في امن امدادات الغاز للمنطقة، ولأمن امدادات الغاز للاتحاد الاوروبي. وقد تحدث في هذه الجلسة كل من وزير الطاقة الاردني محمد حامد، وعضو مجلس ادارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا جادالله حمد جادالله، الذي تناول في كلمته قطاع الغاز في بلاده، وتوقعاته في هذا المجال، وكيفية مواصلة الزخم الذي توافر السنوات الماضية، ومن الجزائر عبد الحميد زرفوتي مدير شركة سوناطراك، الذي تناول توقعات قطاع الغاز في بلاده، وآفاق انتاج الغاز الصخري، ودور الاتحاد الاوروبي والمستثمرين الاجانب في البنية التحتية للتصدير. ومن مصر تناولت رأفت البلتاجي، رئيس مجلس ادارة شركة ثروة البترول الموضوع نفسه، وكيف يمكن لبلاده ان تتغلب على ازمة الطاقة، وحجم الاستثمار المطلوب.
وركزت الجلسة الثانية على امكانات الغاز في منطقة حوض المتوسط والتحديات الاقليمية، وموضوع التفكير الاستراتيجي على المدى البعيد للشركات الوطنية للنفط والغاز، وايضاً المستثمرين الاجانب والتوقعات لاسواق الغاز الاوروبي للفترة من 2020 الى 2030 والمنافسة بين الغاز الطبيعي المسال وخطوط انابيب الغاز الحالية وانتاج الغاز غير التقليدي.
وتناولت الجلسة الثالثة كيفية وقدرة الغاز الطبيعي على ان يحدث تغييراً على مشهد الطاقة في شرق المتوسط، وكيفية امكان مساهمة المنطقة في امن الطاقة في اوروبا، ومدى تأثيرات التطورات الاقليمية في هذه المنطقة على التنقيب عن الغاز.

استراتيجية اوروبية
ومنذ فترة قصيرة، اعلنت المفوضية الاوروبية عن استراتيجية جديدة لضمان امدادات الغاز الى دول الاتحاد الاوروبي، تتضمن اجراءات عدة تهدف الى تفادي وقوع اي ازمة خلال الشتاء المقبل على غرار ما حدث في شتاء 2009. وتسلط الاستراتيجية الجديدة الضوء على اهمية تنسيق القرارات الوطنية للطاقة والتحدث بصوت واحد اوروبياً عند التفاوض مع الشركاء الخارجيين. وعرضت تلك الاستراتيجية على قادة دول الاتحاد في قمتهم في بروكسل حزيران (يونيو) الماضي لمناقشتها. وقال مانويل باروسو، رئيس المفوضية الاوروبية ان الاتحاد الاوروبي نفذ الكثير من الخطوات منذ ازمة 2009 من اجل تحسين ضمان امدادات الطاقة، لكن الازمة الاوكرانية الاخيرة اوضحت ان دول الاتحاد تعتمد على 50٪ من مصادر الطاقة على الخارج.
وكشف باروسو ان 39٪ من واردات الاتحاد الاوروبي من الغاز في 2013 جاءت من روسيا، و33٪ من النروج، و22٪ من شمال افريقيا، وبالتحديد الجزائر وليبيا، وحافظ الاتحاد على علاقات مع شركاء موثوق بهم، ويبحث عن شراكات وطرق امداد جديدة، الى جانب تعزيز آليات الطوارىء وحماية البنية التحتية الحيوية، وزيادة انتاج الطاقة محلياً والمزيد من مصادر الطاقة المتجددة.

شرق المتوسط الواعد
يجمع خبراء الطاقة على ان مخزون الغاز في شرق البحر المتوسط بدأ يؤثر في العوامل الجيو-سياسية في الشرق الاوسط. كما جذبت اكتشافات الغاز في اسرائيل والاكتشافات المهمة المحتملة قبالة شواطىء قبرص ولبنان اهتمام الدول الكبرى في العالم والدول المؤثرة في المنطقة. ويعتبر الخبراء ان جملة من العوامل تحول دون سهولة تصدير الغاز الاسرائيلي الى اوروبا منها انسداد الطريق البحري شمالاً، وصعوبة الطريق عبر قبرص وتركيا. كما يعتبرون ان الرهان الاوروبي على الغاز القبرصي دونه ايضاً عقبات جمة تتعلق بموقف تركيا الرافض لانفراد القبارصة اليونانيين بتوقيع العقود. ولا يحسم الخبراء ما اذا كان الاهتمام الاوروبي والاميركي والروسي بمخزونات الغاز اللبنانية سيسرع عملية التنقيب التي ما زالت اسيرة الانقسامات السياسية في لبنان.

روسيا تحكم اوروبا غازياً
تؤكد الدراسات والتقارير ان الغاز يشكل فعلياً مادة الطاقة الرئيسية في القرن الواحد والعشرين، سواء من حيث بديل الطاقة لتراجع انتاج النفط عالمياً، او من حيث الطاقة النفطية. ولهذا فان السيطرة على مناطق احتياط الغاز في العالم، باتت اساس الصراع الدولي في تجلياته الاقليمية. وواضح ان روسيا قرأت الخارطة وتعلمت الدرس جيداً من الاتحاد السوفياتي ان لغة الطاقة المقبلة هي لغة الغاز. وبقراءة اولية لخارطة الغاز نراها تتموضع في المناطق التالية من حيث الكم والقدرة على الوصول الى مناطق الاستهلاك.
1- روسيا، انطلاقاً من «فيبورغ»، و«بيريغوفيا».
2- الملحق الروسي: تركمانستان.
3- المحيط الروسي القريب والابعد اذربيجان وايران.
4- المسلوخ عن روسيا: جورجيا.
5- منطقة شرق المتوسط (سوريا ولبنان).
6- قطر ومصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق