سياسة لبنانية

محطتان مهمتان تسرعان انتخاب رئيس للجمهورية قبل منتصف آب

هل وُضعت الانتخابات الرئاسية على مسارالحل ام انها لا تزال في المربع الاول وتراوح مكانها؟ وهل ان اجتماعات بكركي وباريس اخرجت الانتخابات من عنق الزجاجة وبات الافرقاء مقتنعين   باجراء الانتخابات؟ وهل ان تطورات العراق التي لم تتبلور بعد، والمخاوف من مواجهة شيعية – سنية وانتقالها الى دول الجوار حتى لبنان، قد تدفع القيادات السياسية الى استعجال الانتخابات لرص الصف وتحصين الساحة وتوحيد الموقف والاصطفاف وراء الشرعية والمؤسسات لمواجهة التطورات، ووأد الفتنة ومكافحة الارهاب، بعدما راح يذر بقرنه في لبنان؟

يستبعد ديبلوماسي متابع ومواكب للتطورات والاتصالات الجارية ان تحصل خروقات على صعيد الانتخابات، طالما لم يبدل بعض صقور الموارنة مواقفهم رغم ضعف حظهم بالوصول. ويرفض بعض القادة التحول من مرشح الى ناخب. ورحب بعض الديبلوماسين بمواقف الدكتور سمير جعجع واستعداده للتخلي لمرشح توافقي، كما ابلغ بذلك البطريرك الماروني. يقول سفير غربي ان المرحلة الان هي مرحلة العماد ميشال عون الذي عليه ان يقرأ جيداً الرسائل التي تصله من اكثر من طرف، وبالتالي ان  ينتقل من مرشح الى ناخب ويبادر الى تسمية البديل. ويكشف سفير غربي بان الرسائل تنطوي  على نصيحة بان يسمي عون مرشحاً مقبولاً من الجميع، لتعذر وصول احد من القادة الموارنة، ويفترض الخروج من هذه المراوحة لمواجهة تداعيات التطورات في العراق.

محطتان بارزتان
وتوقفت الاوساط امام محطتين في الاستحقاق الرئاسي: الاولى اجتماع بكركي بين عون والبطريرك بشاره بطرس الراعي، والثانية لقاء النائب وليد جنبلاط مع الرئيس سعد الحريري في باريس. وقد تساهم المحطتان في تحريك الملف الرئاسي واخراجه من عنق الزجاجة، كما اشارت مصادر سياسية مواكبة. ففي بكركي اجتمع عون مع البطريرك بحضور عدد من المطارنة. ويقول احد المشاركين ان الاجواء لم تكن مريحة واكد عون استمرار ترشحه، وانه لن يؤمن النصاب لاي مرشح حتى لمرشح البطريرك. وقال عون «انا اكبر ممثل للمسيحيين ولن اجير هذه الوكالة لغيري كما فعلت عام 2008 ورأينا النتيجة». ورفض عرضاً بأن يختار مرشحاً من لائحة صغيرة يتولى البطرير
ك تسويقه. وامام اصرار عون على موقفه سأله الراعي الى اين تقودنا؟ اجاب: عون ان الطوائف الاخرى تتمثل باقوى زعمائها، والمسيحيون يتمثلون بالاضعف. فاذا كنا لا نستطيع انتخاب رئيس الجمهورية الذي نريد ولايصال الممثلين الحقيقيين الى المجلس فلماذا نتمسك بهذا النظام، فلنذهب الى شيء اخر؟ فاعترض البطريرك مشدداً على التمسك بالطائف وبالمناصفة ولم يوافق على اعادة تكوين النظام.
التواصل بين الراعي وعون كان انقطع منذ جلسة الانتخاب الاولى لرئيس الجمهورية، عندما حمل الراعي على من تنصل من قرارات بكركي في الاجتماع الاخير للقادة الاربعة. وبعد توسط اصدقاء مشتركين التواصل، فكان اتصال هاتفي ثم اجتماع كان عاصفاً، لم يتوصل المجتمعون الى اية نتيجة. اما المحطة الثانية فكانت باريس حيث حاول النائب جنبلاط الخروج منها بموقف موحد من موضوع الاستحقاق الا انه اصطدم بتمسك الرئيس الحريري بموقفه. فهو «مع من يتفق عليه المسيحيون، ولن يلعب في ملعب الموارنة، وليس عنده فيتو على احد، ويقف وراء ترشيح عضو 14 اذار الدكتور سمير جعجع». وكررالحريري الموقف الذي قاله للبطريرك وللوزير جبران باسيل في باريس وهو «انه لا فيتو على اي مرشح ولن يسمي مرشحاً واذا اراد عون ان يكون رئيساً توافقياً لا يمكنه ان يكون مع الحريري فقط، فالتوافقي ينبغي ان يتوافق مع المسيحيين ومع النائب جنبلاط. ولا اسير بأي تسوية لا يكون عون راضياً عنها». هذا الموقف لم يتبدل منذ ان اعلنه الحريري مؤكداً حرصه على الانفتاح السياسي على عون بمعزل عن الاستحقاق الرئاسي وانه ليس هو من سيقول لعون انه لا يريده رئيساً بل من لا يريده عليه ان يجرؤ على قول ذلك.

بوادر ايجابية
وعلى رغم الاجواء السلبية التي رافقت المحطتين يقول مصدر مطلع ان هناك بوادر ايجابية تعكسها تصريحات السياسيين، لا سيما في صفوف 8 اذار، وخصوصاً قياديي حزب الله الذين اعلنوا انهم مع رئيس توافقي. وتحدث احد المراقبين عن محاولة للتواصل بين الضاحية وبيت الوسط  وعن رسائل باتجاه الرئيس الحريري للاتفاق على رئيس توافقي وانجاز الاستحقاق لمواجهة تداعيات التطورات التي بدأت في العراق، والخشية من انتقال المواجهات الى لبنان. وكشفت معلومات استخبارية غربية  وصلت الى المسؤولين الامنيين عن امكان حصول اعمال تستهدف الامن في لبنان بعد وصول اصوليين، لان الخارج مع المحافظة على الاستقرار، وهناك مظلة خارجية واقية. وقد استنفرت الاجهزة الامنية لتعقب هؤلاء واتخاذ اقصى الاجراءات حول بعض الامكنة المستهدفة.
وتخوفت اوساط سياسية من ان استمرار الشغور في مركز الرئاسة قد ينسحب على سائر المؤسسات، ويؤدي الى فراغ شامل، قد ينعكس سلباً على الامن الذي يقول الرئيس سلام انه جيد قياساً للماضي. وبعد التطورات الاخيرة في العراق يرى احد الوزراء ان الاولوية الان هي لانتخاب رئيس الجمهورية، رافضاً دعوة عون لانتخابات نيابية فينتخب المجلس الجديد رئيساً للجمهورية لان عون يطعن في المجلس الحالي ويعتبره غير شرعي. كما تعارض اوساط نيابية في 14 اذار عقد مؤتمر تأسيسي واعادة تكوين السلطة واعادة النظر في النظام. ويعتبر ديبلوماسيون ان مثل هذه الطروحات لا ترى قبولاً في الخارج الذي يتمسك بالطائف رافضاً دعوة بعض السياسيين لتغيير النظام. وابلغ سفراء سياسيين لبنانيين ان اي حديث عن تغيير في النظام او في المعادلة هو خارج البحث لدينا، كما ابلغت اوساط ديبلوماسية احدى الجهات السياسية التي فاتحتها في الموضوع. ودعا السفراء القيادات الى الاسراع في الانتخابات الرئاسية وعدم ربط الاستحقاق بالتطورات في المنطقة. واشار الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في احدى اطلالاته الاخيرة الى عدم انتظارالاجتماع الايراني – السعودي لانه ليس قريباً، وحتى اذا اجتمع مسؤولو البلدين فان ملف لبنان ليس على جدول الاعمال. ولذلك «علينا الاسراع في انتخاب رئيس قوي». وليس في الافق وفق ما يقول ديبلوماسي مطلع اي بوادر انفراج بين ايران والسعودية. ويتوقع بعض المراقبين استعجالاً لانتخاب رئيس بفعل التطورات لرص الصف وتفعيل المؤسسات. وان المحطات المرتقبة دولياً واقليمياً قد تساعد على انتخاب رئيس في حلول منتصف الشهرالمقبل، لئلا يقع لبنان في الفراغ الشامل،وتصبح الدعوة الى التغيير مشروعة ومطلوبة رغم المعارضة المحلية والخارجية لها. ويقول نائب في 14 اذار انه لا بد من انتخاب رئيس قبل منتصف شهر آب (اغسطس) لئلا يقع لبنان في الفراغ الشامل مع تعذر دعوة الهيئات الناخبة وبروز اعتراض على تمديد للمجلس حتى الربيع المقبل، من تياري الوطني الحر والمستقبل، ومن  جهات خارجية مؤثرة تعتبر الخطوة غير واردة ولا تقبل بها، وهذا ما يحمل احد الوزراء المطلعين على القول «“توقعوا انفراجات في ملف الاستحقاق قريباً».

فيليب ابي عقل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق