سياسة لبنانية

فشل محاولات اقناع عون بالتخلي عن الترشح وامتناع المستقبل عن ابلاغه رفض ترشحه

يصف احد الديبلوماسيين الغربيين الفترة الممتدة من 25 ايار (مايو) نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان الى منتصف حزيران (يونيو) بانها مهلة الاتفاق على مرشح توافقي واقناع صقور الموارنة من القادة الاربعة المرشحين للرئاسة بالانتقال من مرحلة المرشح الى مرحلة الناخب، والاتفاق على مرشح مقبول من الجميع، وخوض الانتخابات بمرشح متوافق عليه في صيغة تجمع بين اللبننة والتدويل للاستحقاق.

في الوقت الذي ابدى الدكتور سمير جعجع تجاوباً مع طلب المؤسسات المارونية التي بدأت اتصالات لتسريع اجراء الانتخابات وتقليص فترة الفراغ، واستعداده للتخلي لمرشح يتبنى مشروعه، بعدما اقترح عقد اجتماع مع العماد ميشال عون للاتفاق على مرشح موحد، ابلغ عون وفد المؤسسات انه مرشح وله على الشعب اللبناني وعلى المسيحيين الذين عليهم ان يردوا له الجميل بانتخابه، لشكره على ما قام به، مستبعداً انعقاد جلسة انتخاب من دون انتخابه، واعلن رفضه التخلي عن الترشح كما رفض اقتراح جعجع، مؤكداً انه لا يزال ينتظر جواب الرئيس سعد الحريري الذي وعده باقناع السعوديين بدعم ترشحه، وانه مرشح ميثاقي وفاقي قوي يمثل الشارع المسيحي، معتبراً ترشح جعجع تحدياً وترشح هنري مناورة لتعطيل الانتخابات. وقد عرضت اقتراحات عدة منها انتخاب عون لسنتين يأتي بعد ذلك جعجع وفق ما قال احد المشاركين في الاجتماع.

مبادرة المؤسسات المارونية
وانطلقت مبادرة المؤسسات المارونية باتجاه القادة الموارنة ولاحقاً باتجاه سائر الافرقاء السياسيين من دعوة بكركي النواب، وخصوصاً المسيحيين، لعدم مقاطعة جلسات انتخاب الرئيس والنزول الى المجلس. وشكلت المبادرة ضغطاً على القوى السياسية لمنع الفراغ في سدة الرئاسة، لان الفراغ يطعن بميثاقية الحكم، لغياب مكون اساسي من مكونات السلطة. واعتبرت المبادرة بمثابة رفع الصوت احتجاجاً على تخلف النواب عن القيام بواجباتهم تحت عنوان «ان مقاطعة الانتخاب حق ديموقراطي»، علماً ان رئيس الجمهورية وفق المادة 49 من الدستور هو «رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يسهرعلى احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة اراضيه…».
لقد ابدت اوساط عونية انزعاجها من التسريبات الاعلامية عن اجتماع «اعضاء المؤسسات» بالعماد عون، ووجدت فيها تسريباً متعمداً من قبل اطراف سياسية، هدفت من خلال الخطوة الى قطع الطريق على الانفتاح بين عون وتيار المستقبل ،وتخريب علاقة عون بالسعودية، واسقاط صفة المرشح التوافقي عنه، وارباك علاقته بحزب الله، وبالتالي تعميق الهوة بينه وبين السنة، وحشر عون بحيث يستهول النفي ويخشى التأكيد. واتهمت اوساط قريبة من الرابية جهات تعمل لصالح احد المرشحين بالتسريب، لقطع الطريق على ترشح عون والانتقال الى الاتفاق على مرشح توافقي. وكلفت الرابية «المؤسسات» الرد فتولت المهمة. واشار احد المشاركين الى ان عون قال بعض ما هو منشور وقد اضيفت الى اقواله مواقف لم يتطرق اليها. وتقول اوساط نيابية عونية ان جهات سياسية منزعجة من مواقف عون وادائه في هذه الفترة قد تكون وراء التسريب الذي لن يبدل من مواقف عون ومن خوضه الانتخابات كمرشح توافقي ميثاقي، خلافاً لما هي عليه حال المرشحين الاخرين.
وامام تمسك عون في ترشحه، يعلن جعجع استمراره في خوض المعركة، ويرفض اعتبار عون مرشحاً توافقياً ميثاقياً ويقف المستقبل وراء ترشح جعجع وهذا كان مضمون الرسالة التي بعث بها الرئيس الحريري الى عون الاسبوع الفائت، وفيها «ان السعودية لا تؤيده ولا تتدخل في الاستحقاق وهي مع ما يتفق عليه اللبنانيون انطلاقاً من لبننة الاستحقاق، والرئيس الحريري لا يضع فيتو على احد وان اختيار المرشح يعود الى المسيحيين، وعلى عون ان يحصل على دعم القيادات المسيحية (بكركي) ويقنع مسيحيي 14 اذار، ويؤمن ترشحه من قبل حلفائه اي الرئيس نبيه بري والامين العام لحزب الله حسن نصرالله، فليس الحريري هو من يبادر الى تأييد ترشح عون، كما ان الحريري ليس هو من يبلغ عون انه ضده، بل يترك المهمة لغيره. وان الحريري حريص على تحصين الانفتاح بينه وبين عون. وتتهم اوساط سياسية في 8 اذار الحريري بانه كلف جعجع اعلان رفضه ترشح عون لان الحريري حريص على مبادرة عون تجاهه، ولا يريد تفويت الفرصة التي يأمل من خلالها تأمين انتقال عون من مكونات 8 اذار الى الخيار الوسطي والابتعاد عن حزب الله، وان ابلاغه رفض ترشحه قد يؤمن زيادة ارتباط عون بالحزب، في حين ان الرسائل الايجابية باتجاه الرابية مستمرة.

تقليص فترة الفراغ
ويتوقع وزير سابق ان تطول فترة الفراغ لعدم توفر الاتفاق بين الاطراف على مرشح توافقي ولانشغال الخارج بملفات المنطقة التي لها اولوية على الملف اللبناني. فلبنان لم يعد يشكل اولوية في اهتمام الخارج طالما ان الافرقاء ملتزمون الاستقرار الذي يسعى الخارج للمحافظة عليه. ويرى مصدر ديبلوماسي ان فترة الفراغ يمكن ان تتقلص وان يملأ الفراغ الرئاسي في الحالات الآتية:
– اذا تعرض الامن في لبنان للانهيار وعادت السيارات المفخخة والانفجارات وحصلت خروقات امنية في اكثر من منطقة، وارتفاع منسوب المواجهات بين الشارعين السني والشيعي بما يؤجج نار الفتنة من جديد بعد ان تم وأدها في المهد.
– اذا ارتفعت اصوات مسيحية معترضة على استمرار الفراغ، واستمر ضغط المؤسسات المارونية على القادة الموارنة للاتفاق على مرشح توافقي والتخلي عن ترشحهم وانتقالهم الى ناخبين كبار، واذا تمت لببنة الاختيار باتفاق الاطراف على مرشح مقبول.
– اذا انتقل افرقاء الى المطالبة باعادة النظر في اتفاق الطائف واعادة تكوين السلطة والدعوة من المناصفة الى المثالثة، ورفض البحث في الاستحقاق الا من ضمن سلة كاملة تقوم على اعادة النظر في النظام، من خلال مؤتمر تأسيسي على غرار الطائف او الدوحة.
ان هذه الحالات هي التي تشكل حافزاً امام الخارج لانقاذ الاستحقاق ومنع دخول لبنان في نفق مظلم وفي مغامرة قد تكون لها تداعياتها على الاوضاع. امام هذه الحالات يتحرك الديبلوماسيون على غرار ما فعلوا عند تشكيل الحكومة، لذلك حاول بعض السفراء الحصول من سليمان على التمديد 6 اشهر افساحاً في المجال للاتفاق مع الخارج على مرشح. ويكشف وزير سابق ان سفير احدى الدول الكبرى عرض على الرئيس سليمان عشية مغادرته القصر الاقتراح رغم معرفته المسبقة بالرفض، كما حاولت جهات سياسية في 14 اذار تسويق التمديد عشية انتهاء الولاية من دون علم الرئيس سليمان الرافض، وقد سبق له منذ اكثر من سنة ان اعلن عن رفضه التمديد في خطوة غير مسبوقة. ورغم هذه الحقائق تتهم قوى سياسية في 8 اذار سليمان بانه سعى حتى ايامه الاخيرة للتمديد في سياق الحملة المبرمجة لاستهدافه والنيل منه.
وقد يحمل احد الديبلوماسيين لائحة من اربعة اسماء توافقية من غير القادة بعد جوجلة الاسماء مع بعض المراجع الروحية والسياسية، وبعد مشاورات مع الفاتيكان وباريس، الى الرياض وطهران لعرضها على المسؤولين في خطوة ترمي الى المساعدة على انجاز الاستحقاق، خوفاً من تداعيات الفراغ على الاوضاع، والخشية من قيام ازمة خطيرة قد يكون لها تداعياتها على المفاوضات الجارية لايجاد حلول للملفات الساخنة في المنطقة.وقديتم استعجال انجاز الاستحقاق خلال النصف الثاني من شهر حزيران (يوينو)، شهر التغيير والاستحقاقات، وفق صيغة تجمع بين اللبننة والتدويل للاستحقاق الرئاسي في لبنان.

فيليب ابي عقل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق