رئيسي

فتح الملفات الحياتية والمعيشية دفعة واحدة يؤثر على السياسة

بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية في لبنان واهتمام الافرقاء السياسيين في انجاز هذا الاستحقاق ضمن المهلة الدستورية لمنع الفراغ، لما قد يكون له من تداعيات وتأثير على اوضاع المواطنين وعلى الحالة الاقتصادية، برزت الملفات الحياتية والمعيشية دفعة واحدة تحت عنوان حقوق العاملين سواء في القطاع العام او الخاص، من مياومين ومتعاقدين ومعلمين والذين يتقاضون مرتباً من القطاعين العام او الخاص، وباتت هذه الملفات ضاغطة على الاوضاع السياسية وعلى الافرقاء عشية الاستحقاق الرئاسي وقبل اسابيع من انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان وقبل اشهر من الانتخابات النيابية.

تخوفت اوساط الهيئات الاقتصادية من ان يدخل ملف حقوق العاملين في البازار السياسي عشية الانتخابات النيابية ومن ان ينعكس الامر على الوضع الاقتصادي الذي يعيش حالاً من الركود منذ اكثر من سنة. وعكس ذلك تدني الناتج القومي الى واحد في المئة، فرفعت الهيئات الاقتصادية سقف الاعتراض والتهويل والتحذير من كارثة اقتصادية، في حال اقرار المشاريع ذات الطابع المالي، لا سيما سلسلة الرتب والرواتب، والعمل على ضرورة اخراج الملفات المالية والاقتصادية من الصراع السياسي والتجاذب بين القوى والاطراف وابقائها في اطارها المطلبي التقني. وتبين من مصادر اقتصادية ان السلسلة احيلت الى مجلس النواب من دون ان تشبع درساً وان تبحث علمياً وتقنياً ومالياً بشكل دقيق.

الليرة مستقرة
ومن اجل وضع الامور في نصابها ووقف حال الهلع التي واكبت النقاش المالي داخل مجلس النواب بشأن سلسلة الرتب والرواتب، والمشاريع التي لها الطابع المالي والتي اقرت دفعة واحدة، اغتنم حاكم مصرف لبنان مشاركته في افتتاح المؤتمر المصرفي العراقي – اللبناني فـ «طمأن الى ان الاوضاع في لبنان مستقرة نقدياً، وان الليرة جيدة ولا خوف عليها، وستبقى على الرغم من كل الشائعات التي رافقت نقاش سلسلة الرتب والرواتب. وان مصرف لبنان سيبقى متواجداً في السوق المالية لادارة السيولة وتوفير التمويل للقطاعين العام والخاص بالفوائد الحالية ولن ندع تطورالسيولة  يهدد الاستقرار النقدي». وجاء كلام سلامه ليضع حداً لما روجت له اوساط سياسية وهيئات اقتصادية وليؤكد ان موضوع السلسلة له الطابع الاقتصادي وليس المالي. ان المصرف المركزي يملك من الامكانات التي تسمح له بالمحافظة على الاستقرار النقدي، خلافاً لما روج له البعض من ارتفاع سعر صرف الدولار وفقدان الليرة من قيمتها امام العملة الخضراء. واكدت اوساط مصرفية على ان التسرع في اقرار مشاريع لها الطابع المالي في ظل الركود الاقتصادي قد ينعكس على الدورة الاقتصادية ويزيد من حال الركود مما قد ينعكس على مؤسسات اقتصادية وان يترك الامر تداعياته على الحياة المعيشية.
وتعزو اوساط مصرفية الصراع القائم حول هذه الملفات الى ان بعض السياسيين يستخدمون الاقتصاد لصالح السياسة، في حين ان السياسة يفترض ان تكون لصالح الاقتصاد، كما هي القاعدة في العالم، بحيث ان السياسة تعمل في خدمة الاقتصاد ولانجاحه وصونه وتعزيزه، في حين ان الامور عندنا في لبنان كما يقول مصرفي، معكوسة، بمعنى ان الاقتصاد هو في خدمة السياسة وهناك اكثر من دليل على ذلك.
ابرز هذه الادلة انفاق المال السياسي من خلال الصناديق والهيئات والادارات والمصارف وقد طالب عدد من السياسيين اكثر من مرة بمناسبة مناقشة الموازنة العامة للدولة باقفال الصناديق والهيئات (مجلس الجنوب، صندوق المهجرين، هيئة الاغاثة..) بعدما تبين ان المال والاقتصاد في لبنان هما في خدمة المصالح السياسية. فالسياسة تقضي بحسن ادارة السياسة الاقتصادية والمالية وما يجري من حول لبنان سواء في قبرص او اليونان اكبر دليل. ويؤكد احد الخبراء الماليين بانه يجب ان تكون السياسة في خدمة الاقتصاد لان ذلك ينعش الحياة الاقتصادية بما ينعكس بحبوحة على المواطنين.

الاقتصاد والسياسة
الى ماذا يؤدي الكلام الان عن الاقتصاد وعن السياسة ومن منهما في خدمة الاخر؟ وهل ان الترابط بين الشأنين وحسن التنسيق هي عوامل مؤثرة في الاستحقاق الرئاسي؟ وما هو دور ووظيفة ومهمة الرئيس العتيد في ظل الملفات الاقتصادية الضاغطة؟ يرى احد المراقبين ان دور الرئيس المقبل قد يكون الاهتمام بالملفات المالية والاقتصادية اكثر من الملفات  السياسية. وان يحسن ادارة ملف الغاز والنفط لاحقاً لاخراج لبنان من الضائقة المالية وتجفيف الدين العام من دون ان يترك تداعيات على حياة المواطنين ومعيشتهم. وفي رأي احد الديبلوماسيين ان لا سياسة في لبنان بالمعنى السليم والصحيح في المرحلة المقبلة، وبالتالي يفترض ان تتحول الانظار في لبنان الى الشأن الاقتصادي والاهتمام بامور المواطنين الحياتية على اعتبار ان التطورات في المنطقة والتغييرات المرتقبة في اكثر من دولة  بعد الربيع العربي وتداعياته قد تجعل الاهتمام الاقتصادي وليس السياسي في سلم الاولويات.

ف. ا. ع

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق