دولياترئيسي

فرنسا: هامون و ماكرون محل انتقادات مرشحي اليسار في المناظرة الثالثة

استحوذت القضايا المالية والاجتماعية على المناظرة الثالثة التي جمعت المرشحين السبعة للانتخابات التمهيدية لليسار في فرنسا. فيما تركزت الانتقادات على اقتراح بنوا هامون القاضي بفرض راتب عام أدنى لجميع الفرنسيين وعلى إيمانويل ماكرون الحاضر الغائب.

اغتنم مرشحو اليسار للانتخابات التمهيدية فرصة المناظرة التلفزيونية الثالثة والأخيرة قبل موعد الدورة الأولى للانتخابات المقررة الأحد المقبل لانتقاد اقتراح  بنوا هامون القاضي بفرض راتب عام أدنى لجميع الفرنسيين بهدف تحسين ظروفهم المعيشية ورفع قدراتهم الشرائية.
واتفق غالبية المرشحين، عدا جان لوك بنامياس من حزب «الخضر» على أن اقتراح هامون سيكلف كثيراً خزينة الدولة (حوالي 45 مليار يورو سنوياً) دون أن يحسن وضع الفرنسيين في اعتقادهم.
وقال مانويل فالس في هذا السياق «لا أريد أن يقدم اليسار وعوداً بلا نهاية للفرنسيين ويرفع نسبة الضرائب بلا نهاية أيضاً»، مكرراً أنه «يدافع عن مجتمع يؤمن بالعمل وبالعمل فقط». من جهته، دافع فانسان بيون على سياسة مالية «صارمة» و«محكمة» تكون قادرة على خفض نسبة الضرائب وليس رفعها، منتقداً بشدة اقتراح بنوا هامون الذي لن «يأتي بأي شيء إيجابي بالنسبة الى الفرنسيين» حسب رأيه.
أرنو مونتبور عبر أيضاً عن تخوفه من أن يكون الراتب العام الأدنى الذي اقترحه بنوا هامون سببا في فرض ضرائب أكثر على الطبقات البسيطة والشعبية التي تدفع الكثير اليوم، مشيراً الى أن «هذا الاقتراح سيكلف حوالي 300 مليار يورو (وهي ميزانية الدولة الفرنسية تقريباً) للدولة خلال عشر سنوات.
لكن هامون لم يتزعزع بل دافع عن فكرته بقوة مؤكداً أن «هذا الراتب سيسمح لبعض العمال الفقراء كالمزارعين مثلا أو الشباب ما بين 16 و25 سنة أن يعيشوا بكرامة وأن يزاولوا دراستهم دون انتظار المساعدات العائلية».

ضرورة حماية اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي
الموضوع الثاني الذي تمت مناقشته خلال المناظرة يتعلق بحماية الاقتصاد الأوروبي من المنافسة غير الشريفة. فبالرغم من أن جميع المرشحين ينتمون إلى معسكر اليسار إلا أن مواقفهم من الحمائية الاقتصادية مختلفة من مسؤول إلى آخر. فبينما يرى جان لوك بنامياس من الخضر أنه من الضروري جداً أن يراقب الاتحاد الأوروبي حدوده مع الدول الأخرى لمنع المنافسة الاقتصادية غير الشريفة، حذر فانسان بيون من مغبة الحماية الاقتصادية الكاملة التي ستمنع الشركات الفرنسية حسب رأيه من تصدير منتجاته داخل أوروبا وخارجها. «طبعاً على الدول غير الأوروبية احترام المعايير الاجتماعية والبيئية المعتمدة من قبل دول الاتحاد الأوروبي» يقول فانسان بيون الذي يساند فكرة تبادل السلع والمنتجات بين الدول ويناهض فكرة الحمائية.
وهذا ليس موقف بنوا هامون الذي أكد أن الاتحاد الأوروبي هو الفضاء الاقتصادي الوحيد الذي لا يحمي حدوده، داعياً دول الاتحاد الأوروبي إلى «فرض سياسة ضريبية وجمركية مشتركة بين جميع الدول الأعضاء داخل الاتحاد للحيلولة دون وقوع منافسة اقتصادية بين الدول نفسها».
على المستوى الاجتماعي، اتفق جميع المرشحين على ضرورة بذل جهود أكثر من أجل إيواء المشردين وأولئك الذين ينامون في الشوارع خصوصاً في فصل الشتاء. فيما دعوا إلى توفير عدد أكثر من المساكن لهم وإرغام البلديات على بناء 25 بالمئة من المساكن لصالح المشردين والفقراء أو أولئك الذين لا يملكون الإمكانيات المالية اللازمة من أجل استئجار منزل في القطاع الخاص.

بنامياس: «فرنسا بلد متخلف وقديم النشأة»
وفي ما يتعلق بموضوع المساواة في الحقوق بين النساء والرجال، دعا أرنو مونتبور إلى ضمان تكافؤ الرواتب بين الجنسين مشيراً إلى أنه سيفرض عطلة إجبارية على الرجال عندما يرزقون بمولود جديد. وهو ما أكده أيضا فرانسوا دو روجي من حزب البيئة الذي اقترح توفير أيام عطلة للرجال قبل ولادة أطفالهم لكي يتأقلموا مع الوضع ويتعلموا كيف يربون أولادهم على غرار الأمهات.
أما مانويل فالس فلقد تحدث عن العنف الجسدي الذي تعاني منه النساء مؤكداً «أن امرأة واحدة تموت كل ثلاثة أيام جراء العنف الزوجي في فرنسا». كما تعهد أيضاً بتدارك الفارق الموجود بين الرجال والنساء في ما يتعلق بمسألة الرواتب وذلك في غضون خمس أو عشر سنوات على الأكثر.
من جهته أشار بنامياس من «الخضر» الى أن فرنسا بلد «متخلف» و«قديم النشأة»، داعياً في الوقت نفسه النساء إلى «الانتفاض والدفاع عن حقوقهن بأنفسهن لأن الرجال لن يحركوا ساكناً» حسب تعبيره.
وإلى ذلك، عمد مرشحو اليسار إلى توجيه بعض الانتقادات لمنافسيهم وعلى رأسهم مرشح اليمين والوسط فرانسوا فيون الذي يريد إلغاء 500 ألف وظيفة في القطاع العام. وقال مانويل فالس: «عندما نريد أن نبني دولة قوية، فلا يمكن لنا أن نستغني عن 500 ألف موظف».

«لا مستقبل لسوريا في ظل بشار الأسد»
وفي ما يتعلق بالحسابات الانتخابية، غاب ماكرون عن المناظرة لكن كثر الحديث عنه. وحاول مانويل فالس التقليل من أهميته قائلاً: «شعب اليسار والفرنسيون هم الذين سيصوتون لمرشح اليسار في الانتخابات الرئاسية وليس استطلاعات الرأي».
التحليل عينه تقريباً أضافه فانسان بيون عندما قال بأنه «لا يخشى ماكرون وإن على اليسار أن يتوحد لكي لا يقصى في الدورة الأولى من الانتخابات».
أما مونتبور فلقد انتقد تذبذب ماكرون السياسي. فمرة هو مقرب من اليسار ومرة أخرى يغازل اليمين. مرة يلتقي مع شخصية من اليسار ومرة أخرى  يلتقي مع شخصية من اليمين، إضافة إلى قوله إنه لا ينتمي «لا لليمين ولا لليسار» مستخلصاً عبرة مفادها أن «ماكرون لن يذهب بعيداً في الانتخابات الرئاسية».
على الصعيد الدولي، اتفق جميع المرشحين على أن لا مستقبل لسوريا في ظل الأسد. ودعوا إلى الحوار مع المعارضة السورية والجماعات الديمقراطية والدول المنخرطة في الصراع السوري مثل تركيا واليونان وروسيا لإنهاء الحرب نهائياً وتمكين اللاجئين من العودة إلى بلدهم.
كما ربطوا الملف السوري بالرئيس الجديد دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأعربوا عن قلقهم البالغ إزاء العلاقة الجديدة التي يبنيها ترامب مع بوتين وحتى ربما مع بشار الأسد والنظام الإيراني.

فرانس 24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق