مفكرة الأسبوع

البخور العماني.. سلعة اقتصادية مهمة وصناعة وطنية خالصة

يعد البخور من أهم الصناعات العطرية التقليدية التي برعت فيها المرأة العمانية واهتمت بصناعتها وتطويرها على مر العصور حيث يستخدم في الحياة اليومية وفي المناسبات الدينية والاجتماعية ومجالس الضيافة وتطييب الملبوسات.
وتميزت المرأة في السلطنة عموماً وفي محافظة ظفار على وجه الخصوص بصناعة أنواع مختلفة من البخور وذلك بمزج أصناف عدة من العطور والمسك والهيل وحطب العود ودهن العود وبعض أنواع التوابل. ومع تطور الحياة وإيقاعها تطورت كذلك أنواع البخور وتعددت أصنافه. ففي الوقت الذي كانت فيه المرأة تحضر حاجتها من البخور، أصبح هناك اليوم من تخصص في تجميعه وتحضيره من خلطات عديدة تحمل كل واحدة منها اسماً خاصاً تعرف به. كما أدخلت أساليب ومواد جديدة لم تكن موجودة من قبل، وهي ذات جودة عالية وبعضها باهظ الثمن.
وأصبح البخور العماني سلعة اقتصادية مهمة وصناعة عمانية خالصة، حيث تم إدراج صناعة البخور ضمن صناعات الإجادة الحرفية وذلك لأهمية
هذه الصناعة والحفاظ عليها حيث تدر هذه الصناعة عائداً وافراً على من يمارسون هذه الحرفة. واستقطبت صناعة البخور قطاعاً كبيراً من النسوة اللاتي أصبحن يمتلكن أماكن خاصة ببيع البخور في الأسواق التقليدية والمجمعات التجارية المنتشرة في السلطنة. كما تقوم بعض النسوة بتسويق بضاعتهن من البخور عن طريق البيع المنزلي ويتخذن من بيوتهن مكانا لبيع إنتاجهن من البخور والذى غالباً ما يكون على مستوى عال من الجودة.
ويوجد العديد من المتخصصات في تصنيع البخور الذي تتراوح قيمته حسب كميته ومكوناته ونوعية المواد العطرية المستخدمة في صناعته. وتعد بعض الوصفات المستخدمة في صناعة البخور وصفات سرية لا يمكن الإفصاح عنها، حيث تتفنن بعض النساء صناعة البخور ويعرفن جيداً مكوناتها ونسب كل منها، ويتم تحضيره من عجينة مكونة من حطب العود والمسك والعنبر وقد يضاف إليها دهن العود وأنواع عدة من العطور المميزة تخلط معاً إلى جانب أنواع يمكن تحضيرها على شكل أقراص مستديرة تستخدم جافة وأنواع أخرى تكون سائلة بالإضافة إلى الأنواع العادية من البخور التي تعتمد جودتها على كمية وجودة العطور المستخدمة فيها.
ويعتبر البخور أحد المستلزمات الأساسية في مناسبات الأفراح كالأعراس والأعياد والمناسبات الأخرى. كما تحرص النساء أيضا على حرق بخور العود واللبان كل مساء، حتى أصبحت الرائحة الزكية شيئاً مميزاً للبيت العماني، ومظهراً من مظاهر الترحيب بالضيوف. وإذا كانت الإمكانات في السابق لا تسمح بأنواع متعددة من البخور، فيمكن الآن أن نحصل على أصناف كثيرة، بعضها كان معروفاً والبعض الآخر ابتكر حديثاً. ولكن بالأسلوب عينه والطريقة التقليدية للصناعة.
والبخور أو (الدخون) كما يطلق عليه في محافظة ظفار نوعان. منه ما هو سائل ويتركز في إعداده على خشب العود الذي يتم نقعه في مجموعة مختارة من العطور غالية الثمن لمدة معينة حسب رغبة صانعة البخور ويعد أفضل أنواع البخور حيث يدخل في إعداده أغلى أنواع العطور وأثمنها. ويعرف النوع الآخر من البخور بالجاف، ويتم إعداده بخلط مجموعة من العطور بطريقة معينة حسب اختيار صانعة البخور. ويتم طحنه بعد ذلك بواسطة المكائن الكهربائية ليصبح كالمسحوق ومنه أصناف عدة منها (دخون الهيل ودخون المخلطة) ويمكن تمييز كل نوعية ومدى جودتها بواسطة حرق كمية قليلة في المبخرة أو (المجمر).
وللبخور أو الدخون أسماء وأصناف كثيرة حسب نوعية العطور والمواد التي تتركز عليها الخلطة، منها «دخون الأميرات والقطرة والمرينة والعود والمشحمة».
يعتبر البخور أحد المستلزمات الأساسية في حالات الزواج في محافظة ظفار، حيث يتم تجهيز العروس بأفضل أنواع البخور قبل الدخول إلى بيت الزوجية. ونظراً للإرث الكبير الذي تزخر به السلطنة وخصوصاً محافظة ظفار في مجال صناعة البخور، فقد شهدت هذه الصناعة نشاطاً متزايداً في عهد النهضة تحت ظل القيادة الحكيمة للسلطان قابوس بن سعيد حيث حظيت المحافظة على الصناعات والحرف التقليدية وموروثات الآباء والأجداد باهتمامه. ونتيجة لذلك فقد انتشرت محلات بيع البخور في صلالة ومناطق مختلفة من السلطنة، نظراً لزيادة الطلب عليه خصوصاً خلال فصل الخريف الذي تشهد محافظة ظفار فيه إقبالاً كبيراً من الزوار والسياح من مختلف محافظات السلطنة ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث توضع خلطات البخور في علب فاخرة وتعرض للبيع في الأسواق التقليدية والتجارية بالمدينة، باعتباره احدى أهم الهدايا التي يحرص السياح على شرائها من الأسواق العمانية قبل مغادرتهم البلاد.
ويستخدم اللبان في تحضير بعض أنواع العطور والبخور المحلي وبسببه ازدهرت حرفة صناعة المباخر الفخارية الرائعة التي يتم إنتاجها بمختلف الأشكال والتصاميم والألوان في محافظة ظفار وغيرها من محافظات السلطنة. وتشكل هذه الحرفة إحدى الصناعات المهمة في التراث العماني الزاخر. وتهتم السلطنة بالصناعات الحرفية باعتبارها جزءاً مهماً من الثقافة الاقتصادية والاجتماعية والحضارية للمجتمع العماني، وأحد أهم الروافد العمانية حيث تقوم الهيئة العامة للصناعات الحرفية بإصدار التراخيص للحرفيين العمانيين المتمثلة في تطوير الموروثات الحرفية العمانية وفق اللوائح والتشريعات المعتمدة .
 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق